الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محمد البلوشي «قصَّوا عليه» وسقط في براثن المخدرات والضياع

محمد البلوشي «قصَّوا عليه» وسقط في براثن المخدرات والضياع
17 يوليو 2014 01:27
الشجاعة الأدبية والمسؤولية الأخلاقية دفعتا المواطن محمد البلوشي إلى عرض تجربته؛ كمدمن ومروّج ومهرب مخدرات بلا خوف أو وجل، حتى يستفيد الشباب من قصة ثلاثية الأبعاد بدأت فصولها وهو زهرة يانعة على مقاعد الدراسة، لتنتهي خلف القضبان محكوم عليه بالمؤبد، ولم يتنسم الحرية إلا بعد أن تجاوز العقد الثالث من العمر، مؤكداً أن خروجه من السجن كان بمثابة الفصل الأخير لتراجيديا كتب فصولها شباب (قصّوا عليه) وهو طفل يافع، وتنكروا له وهو سجين لا حول له ولا قوة. ويواصل البلوشي سرد حكايته بتجرد، ليقول: «مع بداية العام الدراسي، وعندما كنت طالباً في الصف الأول الإعدادي بلغ التحدي بيني وبين أصدقاء السوء ذروته، عندما خيروني بصورة شيطانية باطلة بين أمرين إما أن تكون رجلاً وتثبت رجولتك من خلال تعاطي المخدرات، وإما أن تعود إلى حجر أمك وتجلس كالنساء، فقبلت التحدي، وبدأنا نتعاطى العقاقير الطبية كمرحلة أولى من مراحل الضياع. ويوضح البلوشي أن أهله أقدموا على تزويجه عندما بلغ الرابعة عشرة من العمر ظناً منهم بأن الزواج قد يسهم في استقراره، ويرغمه على تحمل المسؤولية، ولكن للأسف كان الأوان قد فات، لا سيما أن العلاقة بين أقرانه وبين هذه الآفة تطورت خلال فترة وجيزة ليتحولوا جميعاً من متعاطين إلى مروجين أيضاً، ما اضطره إلى ترك مقاعد الدراسة غير آبه بالعواقب الوخيمة، لاسيما أن الشباب «قصّوا علينا» حينما أكدوا لنا أن الترويج أمر عادي، وحتى مسألة الضبط من قبل الشرطة لا تخيفهم بل يعتبرونها رجولة، بالفعل كانوا يرددون في أغلب الأوقات مقولة «السجن للرجال، والجبان مكانه حضن أمه»، ولكي نثبت رجولتنا دخلنا عالم الترويج من أوسع أبوابه، كما بدأنا ونحن في قمة فقدان الوعي؛ نتخيل مواقف بطولية وهمية نؤكد من خلالها لأنفسنا أننا أفضل الناس، وأشجع الرجال. وأكد أن «تجار المخدرات لا ضمير لهم، ولا أخلاق، كما أنهم لا يعرفون سوى المثل القائل: «أنا ومن بعدي الطوفان»، لهذا السبب كنت ضحية انتقام أحد التجار الذين كنت أعمل لحسابهم، وعندما عرف أنني أصبحت تاجراً مثله، ولم أعد بحاجة إليه؛ وجه إليّ صفعة قوية وأبلغ المخبر السري عني، حدث ذلك بعد مرور 3 سنوات على دخولي في مجال التهريب، وبالرغم من جميع الاحتياطات، إلا أن القدر كان يتربص ليوقعني في قبضة الشرطة. ويستطرد البلوشي موضحاً كيف التفّت اليد الطويلة حول عنقه؛ وذلك بقوله: «أبلغ التاجر المذكور المخبر السري عن نشاطي، فجاء الأخير طالباً 50 كيلوجراماً من الحشيش فوافقت على الفور غير أن الشك بدأ يراودني، ما دفعني إلى القيام بالعديد من المناورات حتى لا أقع في قبضة الشرطة، آخرها كان تغيير مكان التسليم من الفندق إلى المطار، وهناك حكم القدر، حيث أدركت أن القدر عندما يحكم يكون أمره نافذاً، مهما كانت درجة ذكائك ولابد أن تواجه مصيرك المحتوم، بالفعل وقعت في قبضة الشرطة، التي استعانت بعناصر مكافحة المخدرات التابعة للمطار لحظة التسليم، وتم نقلي إلى التحقيق حيث حاولت بشتى الوسائل إنكار التهمة، ولكن الأدلة كانت ثابتة فحكم عليّ بالسجن المؤبد، وتم تخفيضها إلى 15 عاماً بعد الاستئناف، وقد شعرت خلال هذه الفترة بفقدان الأمل، ما دفعني إلى القيام بمحاولة انتحار فاشلة فقد تم إسعافي داخل السجن. من جانب آخر يؤكد البلوشي أن خروجه من السجن لم يكن الفصل الأخير من فصول آلامه، ومتاعبه فيضيف: «خرجت من السجن بلا سند من الأبناء أو الأهل، مكسور الخاطر، ضعيف البنية، حيث كنت أعتمد على العصائر نتيجة للأعراض الانسحابية الناجمة عن إدمان المخدرات، ولكن ظهوري في الصحف أسهم في تأمين مصدر دخل بسيط، علماً بأنني عدت إلى منزل والدي خالي الوفاض، وبالرغم مما كسبته من ملايين، فالحرام يذهب من حيث أتى، وبالرغم من ذلك قررت أن أبدأ حياة شريفة فدخلت في مجال العقارات، ولكن لم أنجح في هذا المجال، كما فشلت أيضاً في مجالات أخرى لعدم وجود رأس المال؛ مما دفعني إلى العودة مرة أخرى للتعاطي، ولكن عدت إلى رشدي بعد شهرين وتعالجت من الأعراض الانسحابية، وقررت التوقف نهائياً لاسيما أن جميع رفقاء السوء إما توفوا بجرعة زائدة، أو انتحروا. يختتم البلوشي حكايته الممهورة بالألم مؤكداً أن حملة وزارة الداخلية «قصّوا علَيْ» لها مردود طيب، ولكن الأهم من ذلك كله إيجاد وظائف للتائبين عن الإدمان حتى لا يعودوا مرة أخرى إما بسبب الفراغ، أو الحاجة إلى المال، لافتاً إلى أنه يمكن الاستفادة منهم كمرشدين، أو موجهين للموقوفين بجريمة التعاطي لتوعيتهم بمضار المخدرات، والنهاية المحتومة لهذا الطريق الوعر. (أبوظبي ـ الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©