السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

ماهو مستقبل العنف الدموي في العراق؟

20 يونيو 2006 02:07
د· رسول محمَّد رسول: مُني العنف الدموي اليميني المتطرِّف في العراق بخسارة كبرى عندما تمَّ القضاء على أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم (التوحيد والجهاد في بلاد الرافدين) في عصر يوم الأربعاء في السابع من الشهر الجاري· وهو الزعيم الذي ظل الأكثر مدعاةً لقلق العالم وليس العراق أو الأردن فحسب بسبب مشروعاته الراديكالية التي لا تتفق مع السلام والأمن في العالم، فضلاً عن توجُّهاته الأيديولوجية الدينية المتطرفة التي لا تتفق مع العقيدة الإسلامية السمحاء والقيم الدينية التي تعلي من قدر الإنسان بوصفه داعية للسلام والمحبة في الدنيا· واغتيال الزرقاوي يطرح اليوم جملة من الأسئلة المهمة التي تتعلق بمصير خطاب العنف في العراق الجديد بعد هذه العملية التي بدت ناجحة لوجستياً من حيث الإعداد والتخطيط والتنفيذ والحسم، فما هو المتوقع بشأن وتيرة العنف في العراق بعد هذا المتغير الاستراتيجي الكبير في المشهد العراقي الراهن ؟ التفاؤل الحذر ثمة تفاؤل كبير لدى المجتمع الدولي بأن دوامة العنف قد تم قصم ظهرها باغتيال الزرقاوي، ويعتمد المتفائلون هنا على تجارب وقرائن عدة منها التجربة السعودية التي تمت في الأعوام القليلة الماضية عندما أخذت قوات الأمن السعودية بملاحقة وتدمير الخلايا وقتل الرؤوس القيادية العاملة ضمن تنظيم (القاعدة) في المملكة السعودية وهو الأمر الذي انعكس على معدل عمليات العنف هناك، فضلاً عن تجربة عدد من الدول الأوروبية التي لاحقت رؤوس الخلايا الإرهابية القابعة في دولها· وهو التفاؤل الذي يشاطره عدد من القادة العسكريين والأمنيين العراقيين الذين اعتقدوا أن عمليات معالجة الإرهاب في العراق صارت أسهل الآن لكون عملية قتل الزرقاوي شملت أعضاء قياديين بارزين في تنظيمه، على أن الطريقة التي تمَّت خلالها عملية الاغتيال من الناحية اللوجستية وفرت أثراً نفسياً كبيراً في جماعات العنف المتطرَّف بالعراق لعل أبسطه الخروج بقناعة مفادها أن القوات متعدِّدة الجنسيات والقوات العراقية أخذت تستثمر الجانب الاستخباري في عملها، كما أن هذه القوات تمكَّنت من اختراق حركة أعضاء التنظيمات الإرهابية في العراق وعلى رأسها (مجلس الشورى والمجاهدين) الذي ترأّسه الزرقاوي مؤخراً، فقد تسرَّبت بعض الأنباء التي ذكرت أن معلومات أفاد بها (الكربولي)، مسؤول الغنائم في تنظيم الزرقاوي بالعراق هو الذي أدلى بمعلومات وصفت بأنها ثمينة عن تحركات المرشد الروحي للزرقاوي الملقب بأبي عبدالرحمن العراقي في العراق، وتمَّ رصد هذه التحرُّكات التي أدّت إلى موقع سكن الزرقاوي في ناحية هبهب شمال بغداد· أما على الصعيد الجماهيري فإن تفاؤل العراقيين بدا جلياً إزاء نهاية الزرقاوي وعتاة الإرهابيين من معاونيه وبالطريقة اللافتة التي تمَّت من خلالها تصفيتهم· إن صور هذا التفاؤل تبدو باهتة إزاء صور المخاوف والقلق من استمرار العنف بالعراق، فالرئيس الأميركي أعلن، بُعيد مقتل الزرقاوي، أن العنف سيستمر في العراق، وإعلانه ذاك هو رسالة إلى الجيش الأميركي وبقية القوات متعدِّدة الجنسيات بضرورة عدم الاسترخاء أو التهاون أو الغفلة في المرحلة اللاحقة· والمسؤولون العراقيون، من جانبهم أيضاً، شدَّدوا على أن العنف سيأخذ منحىً انتقامياً ربما يكون شرساً على العراقيين الذين كثيراً ما التذَّ الزرقاويون بذبح وجزِّ أعناق أبنائهم· ولعل هذه المخاوف جاءت في محلها؛ فالملا عمر، أمير طالبان السابق، نعى الزرقاوي في بيان له بعث به من مخبأه المجهول، و(تنظيم القاعدة) بالعراق نعاه أيضاً في بيان مماثل، فضلاً عن نعي مجلس شورى المجاهدين بالعراق أيضاً· وكل هذه الجماعات توعَّدت القوات الأميركية والقوات العراقية وغيرها من القوى العاملة في العراق الجديد بمواصلة قتالها والمضي قُدماً على طريق الزرقاوي في الجهاد على حدِّ تعبر بياناتهم· الزعزعة والاختراق ولكن مهما كان الوعد والوعيد، ومهما كان حجم مخاوف العراقيين والأميركيين مما سيكون عليه الحال بعد مقتل الزرقاوي، فإن هذا الحال لن يكون على وتيرة ما كان عليه في أثناء وجود الزرقاوي وقيادته التي كانت فاعلة في تنفيذ عمليات العنف الصاخب في العراق؛ فلقد تعرَّض تنظيم الزرقاوي إلى الزعزعة قبل مقتله بشهور عدَّة من جانب فصائل إرهابية أخرى عاملة في العراق، ومن قبل جماعات من المقاومة العراقية حتى وصل الأمر إلى الافتراق عن الزرقاوي، وهو الأمر الذي عاد به من جديد لينضمَّ إلى (مجلس شورى المجاهدين) العراقي الذي هو خليط من ضباط الاستخبارات والمخابرات العراقية ومن تشكيلات حماية الرئيس العراقي السابق الذين رحبوا به وذلك عندما ظهر في شريط تلفازي مصور بثته أغلب الشبكات التلفازية في وقت ماض من العام الجاري· تبدو تلك الزعزعة أنها قصمت ظهر الجماعات التي تعمل في فضاء مشروع الزرقاوي، وتمثل أحد العوامل التي من شأنها إضعاف وتيرة العُنف بالبلاد مهما كان البديل عن الزرقاوي شرساً؛ فشخصية الزرقاوي هي الأعتى جذرياً في جرمها حتى الآن· كما أن توجُّهات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ضمن برنامجه الحكومي التي تدعوا، من بين ما تدعو، إلى المصالحة الوطنية، هي الأخرى ستساهم في إضعاف وتيرة العُنف المسلح، وستنعكس على مشهده الصاخب، ناهيك عن الخطط الأمنية الجديدة التي شرعت القوى الأمنية والعسكرية والشُّرطية والاستخباراتية في تنفيذها· ومن هنا، يمكن القول إن عوامل متعدِّدة ومترابطة، يمثل مقتل الزرقاوي أحدها، هي التي ستسهم في تقويض العنف المسلَّح في صوره الصاخبة والحادَّة والشرسة التي مارسها الزرقاوي بامتياز في أحيان غالبة خلال السنوات الثلاث المنصرمة· المالكي·· ونهاية الإرهابيين يبقى الطموح للتخلُّص من العنف المسلَّح في العراق بكل أشكاله رهن السياسة الجديدة التي يتبناها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، السياسة الأمنية والسياسة الوطنية الخاصة بالمصالحة الوطنية، وتبدو المعادلة أنها طردية؛ فكلما فعَّل المالكي سياسات المصالحة الوطنية، كلما انعكس ذلك على هزيمة الإرهاب ونهاية الإرهابيين، مقروناً كل ذلك بتفعيل سياسات إعمار ما دمرته الحروب المتتالية على العراق وآخرها الحرب الأميركية حرب الإرهابيين على البلاد·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©