الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

وجهك الذي لا يشبهك

17 يناير 2011 23:55
تتخيل أنك تؤدي دورك في الحياة. تسير بتؤدة، يعني ببطء وثقة، وتصافح أصدقاءك، أو من اصطلحت على تسميتهم كذلك، تصافحهم بقوة، في إشارة إلى أنك تقصد فعلًا مد يد الصداقة، تحاول أن تثبت طوال الوقت أنك شخص ودود وجدير بالثقة. تجلس خلف مكتبك، تفتح جهاز حاسبك، تريد أن تقول إنك شخص عملي لا يضيع وقتاً، تباشر العمل وكأنه أهم شيء في الحياة. قد تقضي بعض الوقت – أو كل الوقت- في تصفح مواقع الانترنت والتأكد من بريدك الالكتروني، رغم أنك لا تنتظر رسالة معينة، لكنك تظل معلقا بأمل أن تجد واحدة يوما، رسالة تقول إن جهة عمل أخرى ترغب في مقابلتك أو رسالة من إحداهن، أو إحداهم، يخبرك أنه يحبك، أو يفتقدك. ستقضي أوقاتاً طويلة في الانتظار، ستبحث عنك، عن تلك الأشياء التي تشبهك منذ مولدك، وذلك قبل أن ترتدي قناع الشخص العملي السائر بتؤدة. تتطلع في المرآة ، تكتشف أنك كلما أطلت التحديق في وجهك كلما انسلخت من جسدك ورأيت نفسك كما يراك الآخرون، ستبدو شخص غريب لا تعرفك. وستمد يدك لتصافح نفسك – التي لا تبدو نفسك- لتثبت أنك شخص ودود وجدير بالثقة. ستفكر أحيانا، أنك لا شيء. مجرد رقم آخر. مجرد مادة بعرض وارتفاع معين تحتل مساحة على سطح الأرض لبعض الوقت قبل أن تتحول إلى مادة تموينية لدودة الأرض. لن تفطن إلى أنك قلت لا” شيء” وليس لا “أحد”. فستكون قد تخطيت مرحلة “الأحد” منذ زمن و”تشيأت” تماما. في الواقع أنا أخاف “التشيئ” مثلك. أخاف الاستيقاظ يوما وأجدني قد صرت سريرا، أو دولاب ملابس، أو كرسيا، أو طاولة، أو سلة مهملات، أو حاسوباً يفتحه قناع في كل يوم ليشعر بجدوى وجوده. أحيانا أشعر بأني هكذا، فأرتد مسرعة إلى المرآة، أتطلع إليّ، أطيل التحديق فيّ، وأنسلخ من الجسد، لأراني من الخارج. ?أفكر، مم نخاف؟ من أن يكرهنا الآخرون؟ أو من ألا يحبونا بالشكل الكافي؟. المرآة يمكن أن تجيب على كل هذه الأسئلة. القصد ليس في المرآة، إنما في مواجهتك لنفسك. سقراط قال: “اعرف نفسك”. فالطريق إلى العالم يمر عبرك. بالتحديد عبر وجهك. أنظر إلى نفسك في المرآة لتعرف أن العالم حولك لا يتوقف عندك، فاخلع الأقنعة وكن فقط وجهك.? لن تخسر شيء، ربما فقط يقل عدد من اصطلحت على تسميتهم بالأصدقاء لكن لن يضرك هذا، بل سيوفر عليك المفردات المستخدمة، لن تضطر لتكرار جملة “هذا من اصطلحت على تسميته صديقي” ستقول فقط” هذا صديقي” عندها ستشعر بأنك خفيف، وستبدأ بالارتفاع عن الأرض، والتحليق مثل عصفور أخضر خرج لتوه من قفص. سيكون شعورا جميلا. أنت لا تحتاج لكل الأشخاص في العالم، بل فقط لشخص واحد يحولك لعصفور أخضر، وللوجه الذي خرج معك يوم مولدك. Mariam_alsaedi@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©