الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محكمة لبنان... وتداعيات اتهام «حزب الله»

2 يوليو 2011 22:38
سلمت المحكمة الأممية الخاصة بلبنان يوم الخميس الماضي المجموعة الأولى من الاتهامات المرتبطة باغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، بعد ست سنوات من التحقيق المتواصل، مشيرة بإصبع الاتهام إلى اسمين على الأقل ينتميان إلى "حزب الله". وفيما يقرب القرار الاتهامي المحكمة الخاصة بلبنان من هدفها الذي أنشئت من أجله، والمتمثل في تكريس المحاسبة، إلا أنه أيضاً يضع البلد أمام تداعيات قـد تكون خطيرة، فمن المتوقع أن تؤدي تسمية المحكمة لـ"حزب الله" الشيعي باعتباره مشاركاً في اغتيال السياسي السني البارز إلى تعميق التوتر في العلاقات بين الطوائف في لبنان التي تعاني أصلاً من الاحتقان بسبب الاحتجاجات الدامية التي تشهدها سوريا منذ أكثر من ثلاثة أشهر. وفي تعقيبه على قرار المحكمة قال رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، إنه يتعين: "وضع أمن البلاد فوق كل الاعتبارات، فالاتهام ليس هو الإدانة"، مضيفاً: "إن حساسية الظروف تتطلب منا التصرف بعقلانية لمنع هؤلاء الذين يسعون إلى تأجيج الصراع من تحقيق أهدافهم". وجاء التركيز على "حزب الله" ليخفف الضغط قليلاً عن النظام السوري الذي أُلقي عليه اللوم في البداية وحمل مسؤولية مقتل الحريري. ولكن مع ذلك، وبحسب مصادر قريبة من المحكمة، فإن هناك فرضية لدى المحققين بأن قرار اغتيال الحريري قد يكون اتخذ في دمشق من قبل أطراف في القيادة السورية، على الأرجح بتنسيق مع دولة إقليمية حليفة لـ"حزب الله"، حتى لو كانت وحدة منفذة تتبع لـ"حزب الله" هي التي استُعين بها لتنفيذ العملية. وقد تتوالى اتهامات أخرى في المقبل من الأيام إذا ما تقدم التحقيق وكشف عن معطيات جديدة. وكان ثلاثة مسؤولين من المحكمة الخاصة بلبنان التي تتخذ من هولندا مقرّاً لها قد سلموا القرار الاتهامي إلى المدعي العام اللبناني، سعيد ميرزا، الذي يتوافر على مهلة ثلاثين يوماً لاعتقال المتهمين. ومع أن أسماء المتهمين يفترض أن تبقى مغلقة وسرية على مدى الثلاثين يوماً الأولى، إلا أنها سرعان ما سربت إلى وسائل الإعلام اللبنانية، ومن بين تلك الأسماء الواردة في القرار الاتهامي "مصطفى بدر الدين"، المسؤول البارز في "حزب الله" الذي تربطه علاقة قرابة بعماد مغنية، القائد في نفس التنظيم الذي اغتيل في عام 2008 بدمشق. ووفقاً لمصادر مقربة من القضاء اللبناني يعمل بدر الدين، الشيعي، تحت اسم مستعار هو "سامي عيسى"، وكان مسؤولاً عن التخطيط والتنسيق في عملية اغتيال رفيق الحريري. وتشمل الأسماء الأخرى أيضاً "سليم عياش" الذي يعتقد أنه قائد فريق الإعدام، و"حسن أنيسي" المعروف باسم "حسن عيسى"، ثم "أسد صبرا". وفي تعليقه على القرار الاتهامي قال رئيس الوزراء السابق ونجل السياسي المغتال، سعد الحريري: "نشهد معاً لحظة تاريخية في الحياة السياسية والقضائية والأمنية والأخلاقية للبنان". وأضاف سعد الذي يعيش حاليّاً في فرنسا تحسباً من تهديدات محتملة على حياته: "لقد دفع لبنان الثمن غاليّاً للوصول إلى هذه المرحلة من خلال عقود من القتل والاغتيالات دون محاسبة، وقد حان الوقت لوضع حد لهذه العمليات المشينة". وفي المقابل لم يصدر عن "حزب الله" أي رد فعل إذ من المتوقع أن ينأى بنفسه عن القرار الاتهامي، لاسيما بعد تصريحات الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، يوم الجمعة الماضي، بأن المحكمة لا تأثير لها على الحزب حيث قال: "لقد انتهينا من مسألة المحكمة منذ فترة، ونحن غير معنيين بأي سيناريو تأتي به". وكانت التسريبات الإعلامية على مدار السنتين الماضيتين قد كشفت أن المحكمة نجحت في إقامة الصلة بين "حزب الله" وعملية اغتيال الحريري، حيث صبت الاتهامات على أطراف في النظام السوري. وفي تلك الفترة كانت سوريا تحتفظ بنحو 15 ألف عسكري داخل لبنان، ولكن مباشرة بعد اغتيال الحريري انطلقت احتجاجات عارمة في الشوارع تطالب بخروج سوريا، وهو ما تم بالفعل بعد انضمام الضغوط الدولية التي دفعت دمشق في النهاية إلى سحب قواتها ومغادرة أراضي لبنان. ولكن حتى بعد خروج سوريا توالت مجموعة من الاغتيالات التي استهدفت شخصيات سياسية وأمنية وإعلامية بارزة أغلبها كان من المنتقدين لدور سوريا في لبنان، وقد كشف تقرير أولي لمحققي المحكمة في أكتوبر 2005 عن "أدلة متواترة" تشير إلى تورط محتمل لمسؤولين من لبنان وسوريا في التخطيط لعملية الاغتيال. وما زال أمام المحققين جهد مضن لإثبات الصلة بين الأسماء التي وردت في القرار الاتهامي والجهات التي أمرت بالتنفيذ. ولعل ما زاد من الصعوبة سلسلة الاغتيالات الغامضة التي استهدفت عناصر أساسية في الأمن سواء من سوريا أو من لبنان منذ عام 2005 الذين قد تكون لديهم معلومات حول اغتيال الحريري. هذا ومن غير المرجح أن يتم القبض على متهمي "حزب الله" وإرسالهم إلى مقر المحكمة في لاهاي، ولكن مع ذلك يبقى وقع توجيه الاتهام للحزب قائماً، لاسيما بعد الجهد والحرص اللذين أبداهما الحزب طوال السنوات السابقة لتلميع صورته والتسويق لنفسه كحركة للمقاومة ضد إسرائيل. ومن بين العناصر الواردة أسماؤها في قائمة الاتهام يبقى "مصطفى بدر الدين" فقط معروفاً لدى المدعي العام، ففي أواخر السبعينيات كان بدر الدين عضواً في حركة "فتح" الفلسطينية، ولكن بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982 وطرد الفلسطينيين من بيروت انضم بدر الدين وعماد مغنية إلى "حزب الله" حديث النشأة في تلك الفترة. نكولاس بلانفورد - بيروت ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©