الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أيرلندا والبرتغال: عودة لـ «السيناريو اليوناني»

أيرلندا والبرتغال: عودة لـ «السيناريو اليوناني»
29 سبتمبر 2010 20:08
تصاعدت المخاوف يوم الثلاثاء الماضي من احتمال تعرض أوروبا لأزمة ديون جديدة على شاكلة الأزمة اليونانية لتطال هذه المرة أيرلندا والبرتغال، حيث حذر المتتبعون للوضع الاقتصادي الأوروبي من مسارعة المستثمرين إلى بيع سندات الخزينة الخاصة بالبلدين، وهو ما قد يوصل الحالة الاقتصادية إلى درجة من التردي ترغمها على طلب مساعدة المؤسسات الدولية للوفاء بالتزاماتهما تجاه الدائنين على غرار ما حصل مع اليونان في الصيف الماضي. وتمثل المشاكل المتنامية التي يعرفها أصغر اقتصادين في أوروبا- البرتغال وإيرلندا- خطراً حقيقياً على مرحلة التعافي تمر بها الاقتصادات الأوروبية الأقوى مثل بريطانيا وألمانيا التي بدأت تلتقط أنفاسها بعد فترة مؤلمة من الانكماش الاقتصادي وتراجع مؤشرات النمو العامة. وقد دفعت الأوضاع المتردية في أيرلندا والبرتغال سعر "اليورو" إلى التهاوي مرة أخرى بعد خمسة أشهر من التحسن مقارنة بالدولار الأميركي، متسببة في تأجيج مخاوف المستثمرين وأسواق الأسهم سواء داخل أوروبا، أو خارجها؛ ويحذر المراقبون من أن أي اضطراب على الساحة الأيرلندية والبرتغالية قد يكون له تداعيات مالية مدمرة على الأسواق العالمية من نيويورك إلى هونج كونج تذكر بالتململ الكبير الذي شهدته الأسواق العالمية بعد انكشاف أزمة الائتمان اليونانية وعجز حكومتها عن الوفاء بالتزاماتها الدولية، تلك الأزمة الحادة التي أفلست خزائن اليونان ودفعت بالمنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي إلى التدخل لإنقاذ اليونان ودفع التزاماتها. ورغم حالة القلق المتصاعدة في الأوساط الدولية لعدة أسابيع، عاقب المستثمرون يوم الثلاثاء الماضي إيرلندا بشكل خاص بعد التحذير الذي أصدرته مؤسسة "ستاندرد أند بور" بأنها قد تلجأ إلى خفض الكفاءة الائتمانية للحكومة الإيرلندية بتقليص قيمة سندات الخزينة بعدما ارتفعت تكلفة إنقاذ البنوك الإيرلندية إلى مستويات مهولة قد تعجز الحكومة عن الاستمرار فيها. أما في البرتغال، فقد فشلت المحاولات الحكومية في خفض الإنفاق وهو ما غذى المخاوف لدى المستثمرين من احتمال لجوئها إلى الحل اليوناني بطلب المساعدة الدولية، حيث حصلت اليونان على قروض جديدة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي وصلت إلى 145 مليار دولار لإنقاذ الحكومة ومساعدتها على تسديد ديونها السيادية. ومع ذلك تظل إيرلندا بؤرة الاهتمام الرئيسية في الأوساط الدولية التي تراقب عن كثب الأوضاع الاقتصادية، فقد تمكنت البلاد التي يصل عدد سكانها إلى أربعة ملايين نسمة من تفادي تداعيات الأزمة اليونانية عندما تعهدت بإقرار تخفيضات قاسية في الإنفاق طالت جميع الشرائح الاجتماعية من النساء الأرامل إلى ذوي الاحتياجات الخاصة. لكن منذ ذلك الحين ارتفعت تكلفة إنقاذ المؤسسات المالية المتعثرة، بل إن المراقبين حذروا من أن التكلفة المنفلتة عن السيطرة قد تصل إلى 46 مليار دولار معرضة الموازنة العامة لوضع أسوأ بكثير من نظيره اليوناني عندما طالبت أثينا بالتدخل الدولي، والأكثر من ذلك تراجع التعافي الاقتصادي في إيرلندا خلال الربع الثاني من العام الجاري بوتيرة وصلت إلى 5 في المئة سنوياً، هذا التراجع زاد من مخاوف البعض من أن البلاد تتجه نحو ركود حاد بعدما انكمش اقتصادها بنحو 10 في المئة خلال العام 2009. ورغم استبعاد المسؤولين الإيرلنديين وصول الوضع في البلاد إلى درجة تحتم لجوءهم إلى الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي كما فعلت اليونان من قبل، إلا أنه في حال تجاوزت كلفة إنقاذ الاقتصاد التقديرات الحالية فإن أزمة كبرى قد تندلع في دبلن لتزيد من تعقيد المشاكل بالنسبة للحكومة التي تواجه معارضة شرسة ومطالب بتنظيم انتخابات مبكرة للإطاحة بإدارة رئيس الوزراء الحالي "براين كوين" ذي الشعبية المتدنية. وعن المصاعب التي تواجهها إيرلندا تقول "سونيا باجوسيون"، الخبيرة الاقتصادية في إحدى المؤسسات الرائدة "لقد اعتقد العديد منا أن إيرلندا تسير في الاتجاه الصحيح، لكن إذا عجزت عن وقف الارتباك الكبير الحاصل في الأسواق فإنها ستواجه مشكلة حقيقية، وأول من سيتأثر بذلك هو العملة الأوروبية، اليورو، التي تتعرض أصلاً لضغوط كبيرة". والمشكلة الأكبر حسب المراقبين هي التداعيات التي ستولدها الأزمة الإيرلندية على الأسواق العالمية والشبيهة بالاضطرابات التي عمت الأسواق المالية مع إعلان الأزمة اليونانية خلال النصف الأول من العام الجاري، حيث انتشرت المخاوف من عدم قدرة الدول الأوروبية على دفع مستحقاتها للمستثمرين الذين أقرضوا الحكومات مئات المليارات من الدولارات بشرائهم للسندات الحكومية، هذا التخوف أطلق موجة من السياسات التقشفية في اليونان وإسبانيا أدت إلى تنظيم مظاهرات عنيفة في شوارع أثينا. وبالإضافة إلى ذلك أدت حالة الارتباك التي وقع فيها المستثمرون عندما بلغت المشكلة اليونانية أوجها في الصيف الماضي إلى تصاعد كلفة الاقتراض لدى العديد من الدول المتعطشة إلى السيولة، حيث طالب المستثمرون بسعر فائدة أكبر لشراء السندات الحكومية بما فيها سندات الدول ذات الاقتصاد الأكبر مثل إسبانيا وإيطاليا. ورغم تراجع حدة الضغط في الشهور الأخيرة على إسبانيا وإيطاليا وتفريق المستثمرين بينهما وبين الاقتصادات المتضررة أكثر في إيرلندا والبرتغال، إلا أنه من شأن عجز إيرلندا على السداد وسقوطهـا في حبال الأزمـة إعادة المخاوف مجدداً بشأن الوضع الاقتصادي في إسبانيا وباقي الدول الأوروبية بعدما اعتقدت أنها في طريقهـا إلى التعافي. أنتوني فيولا محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©