السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانيات بالبزة العسكرية... يكسرن التابوهات

29 سبتمبر 2010 20:10
اصطفت خريجات الدورة التدريبية من نفس الفصل في زيهن الرسمي وهن يلوحن بشهادة التخرج مرددات العبارة التقليدية "سأخدم أفغانستان". لكن الجديد في هذا الفوج من الخريجات أنها المرة الأولى التي تشمل فيها دورة تخريج ضباط الجيش الأفغاني 29 امرأة أفغانية برتبة ملازم ثان، وهي أول دفعة نسائية تخضع لبرنامج تخريج الضباط الذي يشرف عليه مدربون أميركيون وتستمر عشرين أسبوعاً. لذا يمثل احتفال التخرج الذي أقيم على شرفهن في مركز التدريب بالضواحي الشرقية لكابول، حدثاً مهماً في تاريخ القوات الأمنية الأفغانية منذ إحداثها. لكنه أيضاً يعكس الصعوبات التي تواجه النساء في مجتمع محافظ وتقليدي، فضلاً عن الضرورات الأمنية التي تفرض مشاركة المجتمع الأفغاني بجميع مكوناته، رجالاً ونساء. لقد ركزت الاستراتيجية الأميركية في أفغانستان على تأهيل القوات المسلحة وضمان وصولها إلى معايير تمكنها من تولي المسؤولية الأمنية بعد مغادرة قوات التحالف، ويأمل المسؤولون الغربيون أن تتمكن القوات الأفغانية من الاضطلاع بدورها الأمني في غضون ثلاث سنوات لتسهيل خروج القوات الأجنبية، ولتحقيق هذا الغرض ظهرت الحاجة الملحة للنساء، ليس فقط للقيام بالمهام الحساسة مثل مداهمة البيوت وتفتيش النساء، بل أيضًا للانضمام إلى صفوف القوات المسلحة التي تعكف حالياً على توسيع نفسها وزيادة أعدادها لمواجهة الأخطار الأمنية المحدقة بالبلاد. لكن في مجتمع مازالت تصطبغ فيه الحياة اليومية بالدين والمحظورات الاجتماعية والقبلية، يشكل منظر النساء المرتديات لزي عسكري أمراً غريباً إن لم نقل شاذاً، فحتى بعد مرور عقد كامل من المحاولات الأميركية لتعزيز التواجد النسائي في قوات الجيش والشرطة وضمان انخراطهن بشكل مكثف في المهام الأمنية، مازال حضورهن ضعيفاً ولم يرقَ إلى المستوى المطلوب، بحيث لا يتجاوز عددهن في الجيش بضع مئات، رغم أن الهدف المعلن هو الوصول بنسبة النساء في الجيش إلى 10 في المئة مع الزيادة المتوقعة في عدد مجنديه إلى 300 ألف عسكري. وتواجه العديد من النساء اللواتي انضممن إلى برامج التدريب العسكري للالتحاق بالجيش، صعوبات كبيرة من عائلاتهن، لاسيما اللواتي ينحدرن من القرى والمناطق الريفية، ناهيك عن النظرة السلبية التي يتعرضن لها من زملائهن من الرجال، لكن مع ذلك تبقى الدفعة الأخيرة المحتفلة بتخرجها علامة فارقة نظراً لتعليمها الجيد في جيش تصل فيه نسبة الأمية 70 بالمئة حتى بين الرجال، فجميع المتطوعات أنهين الدراسة الثانوية، بل هناك بينهن من أكملن الدراسة الجامعية، هذا ولن يتم نشر الخريجات في ساحة المعركة حيث يتكبد الضباط الأفغان نسبة كبيرة من الإصابات على أيدي المتمردين، بل ستسند إليهن مهام إدارية تشمل وظائف لوجستية ومالية. ومع ذلك، وعلى غرار معظم مناطق الحرب، يتعرض موظفو الإسناد للجيش إلى مخاطر واحتمالات الإصابة، بالإضافة إلى نظرة زملائهن الرجال التي لا يمكن تفاديها. ومن غير المعروف ما إذا كانت التجربة ستستمر بعد مغادرة المدربات العسكريات أم ستبقى لتعكس رغبة الجيش في إدماج جميع شرائح المجتمع الأفغاني. وبعد أسابيع من التدريب والتمارين التي يُفترض أن تعزز ثقة المجندات بأنفسهن، أحست إحدى الخريجات بحرج كبير واحمر وجهها عندما سئلت عن موقفها إذا تحدى أوامرها جندي رجل. ورغم التقدم الذي أحرزته مشاركة النساء في قوات الشرطة، فغالباً ما تسند إليهن مهام متواضعة، ولم تخفِ إحدى الخريجات أنه مع سيطرة الرجال على جميع مفاصل القوات المسلحة يكتسي المظهر الخارجي دوراً في إسناد المهام، إلا أن الخريجة نفسها أضافت أنها بعد ترقيها في صفوف الجيش ستحرص على الاهتمام بالنساء ومساعدة القادمات الجديدات. ومن الصعوبات التي واجهتها المدربات الأميركيات أثناء تعاملهن مع المتطوعات الأفغانيات، التمارين الرياضية، بحيث كان يصعب على النساء القادمات من المناطق الريفية الالتزام بنظام صارم من التدريبات، ومن غير المألوف رؤية النساء وهن يمارسن رياضة الجري في شوارع كابل، وهو ما تؤكده "جانيس لولين"، النقيبة في الجيش الأميركي قائلة إن "أغلب الأفغانيات اللواتي انضممن إلى الجيش وجدن صعوبة في التمرينات العسكرية، لكنهن اليوم أحرزن تقدماً ملحوظاً وصار بإمكانهن الاستلقاء وإكمال عشرين حركة دفع". ولإجراء هذه التمارين كان لابد أولاً من ضمان إبعاد النظرات المتطفلة للرجال، بحيث أقيمت منشأة خاصة لتدريب المتطوعات حفاظاً على تقاليد المجتمع المحافظ. وعلى غرار تركيبة المجتمع الأفغاني نفسه، تتوزع المتطوعات الأفغانيات على العرقيات الأساسية في البلاد وإن كانت نسبة الطاجيك والهزارا أكبر من نسبة الباشتون التي تمثل أغلبية السكان في أفغانستان، ويرجع السبب حسب المراقبين إلى الصرامة الاجتماعية لدى الباشتون مقارنة بباقي العرقيات الأخرى. واللافت أنه قبل عشرين عاماً لم يكن مستغرباً تولي النساء الأفغانيات مهام أمنية ضمن الجيش، أو قوات الشرطة، لكن مع اندلاع الحرب الأهلية في التسعينيات وما أعقبها من حكم "طالبان" دام خمس سنوات، كان من الصعب على النساء الخروج من البيت ناهيك عن تولي مناصب وظيفية. لورا كينج - كابل ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. انترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©