الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

معيار الشعرية يعتمد على التوهج اللغوي والشفافية الإبداعية وقوة المخيلة

معيار الشعرية يعتمد على التوهج اللغوي والشفافية الإبداعية وقوة المخيلة
29 سبتمبر 2010 20:12
أقام بيت الشعر التابع لدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة مساء أمس الأول بمقره في منطقة الشارقة القديمة ندوة بعنوان “قصيدة النثر.. إلى أين؟” شارك فيها الشاعر يوسف أبولوز والناقد عبدالفتاح صبري وقدم للندوة الشاعر حمادة عبداللطيف. تحدث أبولوز في بداية الندوة عن ضرورة التفريق بين جنسين أدبيين مستقلين هما “قصيدة النثر” و” النثر الفني أو الأدبي”، وقال إن هناك خلطا واضحا وتداخلا غير مبرر لدى الكثيرين بين هذين الجنسين، رغم الفوارق الكبيرة والواضحة بينهما، فقصيدة النثر، كما أشار أبولوز “هي جنس شعري ظهر في الوطن العربي منذ ما يقارب النصف قرن، وتبلور في العقود الثلاثة الأخيرة بشكل مكرّس، أما النثر الفني فهو جنس أدبي بات منقرضاً بعد رحيل رواده الكبار أمثال جبران خليل جبران، والجاحظ، وأبو حيان التوحيدي، وغيرهم “ وأوضح أبولوز بأن سؤالاً مثل: “قصيدة النثر .. إلى أين؟” هو سؤال كبير، ولكنه ألمح إلى أن حضور هذه القصيدة بات واضحاً وقوياً ومتواصلاً من خلال الدواوين الشعرية المتجددة وظهور أسماء جديدة ومتوهجة تنتمي لهذا التيار الشعري في عموم الوطن العربي، وكذلك من خلال الأسماء المعروفة التي لا تزال تقدم إسهامات عذبة وآسرة تتكئ على بنية قصيدة النثر ذات الإيقاعات والمعالم الفنية الخاصة. وأكد أبولوز أن معيار الشعرية يجب أن يعتمد على التوهج اللغوي والشفافية الإبداعية وقوة المخيلة وليس على الشكل فقط والذي يمكن أن يؤدي إلى النمطية والتكرار، وهذا ما حدث مع كثير من قصائد التفعيلة والعمود، حيث تحول معظمها إلى نظم وتقليد للتجارب السابقة، وأضاف أن قصيدة النثر تعاني هي الأخرى من الاستسهال وتحويلها إلى مطية شعرية نظراً لغياب الوعي بعلم وأساسيات العروض، وكذلك غياب الثقافة الشعرية واللغوية لدى الكثير من كتابها. وعرّج أبولوز خلال حديثه على راهن ومستقبل قصيدة النثر، وأشار إلى تنامي وازدهار القصيدة في دول الخليج وخصوصاً في البحرين والإمارات والسعودية وسلطنة عمان، وقال إن بعض التجارب التي خرجت من هذه المناطق تفوقت أو استطاعت أن تجاري الإسهامات الشعرية القوية التي شهدتها المراكز أو الحواضرالشعرية والثقافية الكبرى مثل بيروت والقاهرة وبغداد، وأوضح أن هذه الظاهرة باتت ملفتة في منطقة لا تزال محافظة ومنتمية بقوة لنمطها المتجذّر والمتأصل فيها. وختم أبولوز ورقته بالإشارة إلى أن بقاء واستمرارية قصيدة النثر رهن بتدفق هذا النهر الرقراق والبالغ النقاء والذي خرج من نبع قصائد النثر التي كتبت بحسّ ملحمي ودرامي وصوفي عال ومتوهّج ومتكئ على تجربة ثقافية وحياتية ممتدة وعميقة ومدوّخة. أما الناقد عبدالفتاح صبري فأشار في مداخلته إلى أن قصيدة النثر هي بنت عصرها وزمانها، لأنها استجابت للتغيرات الكبرى التي أحاطت بظروف نشأتها وولادتها، وهي تغيرات لامست الفكر والمسلك والتعبير المعاصر الذي أثر في كل الفنون الأخرى، وكان لابد له أن يؤثر ويغير من نمط وشكل القصيدة المعروفة والمتداولة والكلاسيكية، وأشار صبري إلى ضرورة الانتباه إلى جماليات قصيدة النثر وإلى مضامينها وبنيتها الداخلية بغض النظر عن الوزن والقافية والمعمار الخارجي لهذه القصيدة، واستشهد صبري ببعض الآراء القديمة التي مهدت وبشّرت بولادة قصيدة النثر خصوصاً في كتابات عبدالقاهر الجرجاني، وحازم القرطاجني والفارابي وغيرهم من اللغويين والنقاد القدامى الذين ركزوا على أهمية “التخييل” في النص كي يرتقي هذا النص إلى درجة الشعرية والخصوصية الجمالية والفكرية والذوقية التي تنجو به من الشيوع والتكرار والتقليد، فالشاعر الحديث ــ كما أشار صبري ــ لم يعد هو منشد الجماعة أو المعلم الذي يتحدث عن لسان الآخرين ويترجم الأفكار والتوجهات والقضايا العامة والكبرى، وأضاف صبري أن شاعر قصيدة النثر بات يعتمد على (الحدس الانطباعي)، وهو حدس ينبع من خصوصية التجربة الذاتية للشاعر، ومن رؤيته وتفسيره للعالمين الداخلي والخارجي على السواء. وفي نهاية الندوة فتح باب الحوار والنقاش بين ضيفي الندوة وبين الحضور حول مشروعية قصيدة النثر وحول الجدل الذي أثارته وما زالت تثيره هذه القصيدة الإشكالية حول انتمائها للشعر وسط التغيرات والتجاذبات والانفصالات التي تتماوج بين ضفتي الأصالة والحداثة.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©