الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وداد الميدور: رمضان متنفس من أعباء الحياة

وداد الميدور: رمضان متنفس من أعباء الحياة
18 يوليو 2014 00:20
تعتبر الدكتورة وداد الميدور الأسرة أول عنصر يبلور الشخصية لدى الإنسان، وتوضح أنها تربت على الأخلاق والأصالة، وأن أهم أمر هو حب الآخرين ومساعدتهم، ولذلك فإن من أحب الأوقات إليها ساعات اللقاء من الأقارب والجيران، وخاصة في رمضان الذي كان له طعم مميز لأن التقارب كان أقوى، والسبب نمط الحياة وتقارب البيوت وانفتاحها على بعضها، فنحن كلنا كنا نشكل أسرة كبيرة. وترى الميدور في رمضان فرصة لنفض أعباء الحياة والتوجه إلى العبادة. موزة خميس (دبي) عن ذكرياتها خلال شهر رمضان، تقول الدكتورة وداد الميدور، مديرة إدارة الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة، ومديرة البرنامج الوطني لمكافحة التبغ، «يجدد الناس علاقاتهم في رمضان، ومن كان منغمس بشدة في العمل أو في حياته الخاصة، ربما يستطيع أن يوجد لنفسه فرصة في رمضان، وفي ذات الوقت يكون طامعاً في التقارب، وتكون فرصة أيضاً لمن اختاروا لأنفسهم الابتعاد عن الأهل للتلاقي، لأن الدنيا شغلتنا عن التزاور». ذكرى للمتقين وتؤكد الميدور «يأتي رمضان ليذكر الناس بأن عليهم التزاور لكسب الأجر، ومن خلال البيوت العامرة باللقاءات الشبه يومية بين أفراد الأسرة وبين الأجيال المختلفة الأعمار وبين الأنساب والأصهار يبرز رمضان صور الترابط الاجتماعي الذي يعكس صورة مشرقة، لأهمية التواصل بين الأجيال المختلفة في الأسرة الواحدة». وتضيف: «هناك دوماً البيت العود أو البيت الكبير الذي يبقى مفتوحاً للأبناء الذين كبروا وأسسوا أسراً، فيلتقي الجميع من خلال زيارات منتظمة، ليتمكن الجميع من التجمع بطريقة تعبق بالرحمة والتواصل الرائع وتمنحهم الشعور بالرضى، حيث كبر الأبناء وكل منهم أستقل بحياته، ولذلك يتم إعداد المزيد الطعام، إلى جانب أن رمضان يأتي بالخير، لأننا نتوقع أن يفطر لدينا أحد زائر، وكذلك يتم إخراج الفطور للجيران، ومن لم يحضر الإفطار نتوقع أن يأتي مع أسرته بعد صلاة التراويح، ولا تكون هذه الزيارات من أجل الطعام فكل أسرة اليوم لديها ما يكفيها عن الحاجة لأحد، وحتى من ليس لديهم عائلاتهم يجدون والحمد لله موائد الخير في كل مكان، ولكن الهدف هو صلة الرحم». وتؤكد: «يزداد لدينا الحنين في رمضان، ونبحث عن الفرص للتزاور، فهناك أسر يكون الأبناء قد سكنوا في بيوت مستقلة، ولكن الأبوين أو أحد الأبوين ربما يكون يعيش وحيداً، ولذلك هو دائماً ينتظر أبناؤه أو أفراد من أسرته، والبعض يشتكي من زحمة الحياة بالمتطلبات والمشاغل حتى لا يكاد المرء أن يجد الوقت للبر، وقد نجد لهم العذر ولا ألوم أحداً، لأننا أحياناً لا نجد الوقت لأن رمضان يحتاج منا لمزيد من الطاعات، لأن الجميع يرغبون في كسب الأجر والمثوبة». طفولة استثنائية لم تكن طفولة الميدور طفولة عادية، فهي تعترف أنها كانت كثيرة الحركة والنشاط، حيث تنهي ما عليها من واجبات وتبحث عن مهام على آخرين تحب أن تشاركهم فيها، وفي مرحلة ما من تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة لم تكن هناك رياض أطفال، حيث يدخل الطالب مباشرة إلى المدرسة، وأول مدرسة دخلتها كانت مدرسة قرطبة عام 1975، وبقيت فيها حتى الأول الإعدادي، ولم تكن تلك الطفلة الصغيرة تتخيل أنها ستصبح ذات يوم شخصية لها تأثيرها، حيث كبرت لتكرس وقتها لخدمة المجتمع، وأخذت على نفسها مكافحة آفة التدخين، وهي تعتبره العدو الأول للثروة البشرية في مختلف المجتمعات، وهو يعد السبب الرئيس في الوفاة داخل الدولة وفي أنحاء العالم كافة، وأصبحت الميدور مديرة إدارة الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة، ومديرة البرنامج الوطني لمكافحة التبغ، حيث وضعت على عاتقها مسؤولية التصدي للتدخين والحد من انتشاره بين مختلف فئات المجتمع، وقد أنهت دراستها الجامعية في جامعة الإمارات ضمن أول دفعة لتخصص الطب في عام 1993، وحصلت على البورد العربي في طب الأسرة عام 2000. وحول رحلتها مع الدراسة، تقول الميدور «لديَّ صديقات منذ أول سنة دراسية وبقينا مع بعضنا حتى الثانوية، ولكن لم تختر أي منهن دراسة الطب، ولا زلت أذكر أني في المدرسة أنهي كل ما عليه بشغف، ثم أبحث عمن تحتاج إلى أي مساعدة، حتى معلماتي كنت لا أتركهن وأبحث عمن لديها عمل تريد فيه مساعدة، ولذلك عندما تبدأ الإجازة الصيفية كنت أقضي الكثير من الوقت في البكاء، لأني أريد مدرستي وأريد رفيقاتي ومعلماتي، وأذكر أن معلماتي كن من خريجات معهد المعلمين والمعلمات، ولكنهن كن معي قلباً وقالباً في كل ذلك النشاط وحبي للحركة والتنقل من مكان لمكان، لأني كنت دائماً إما الأولى أو الثانية في ترتيبي، فقد كان هناك كمية من الاحترام من معلماتي لي رغم صغر سني، ولذلك كنت أحاول أن لا أفقد تلك المرتبة»، مضيفة «لأني ذات نشاط وحركة فقد كنت أركز على تسخير ذلك لتقديم شيء للمدرسة، من أحب المواد لقلبي اللغة العربية، ولذلك صنعت صحيفة حائط بمبادرة ذاتية، وأسميتها صاحبة الجلالة وكنت كل يوم أحضر معي الأخبار التي أختارها من الصحف وألصقها بصحيفة الحائط». وتتابع «تلك الصحيفة جعلتني أشعر أني صاحبة قرار ونتيجة لكل خدماتي ومشاركاتي كنت ألقى التشجيع، وانتقلت من تلك المدرسة التي لا تزال في ذاكرتي حتى اليوم في مرحلة الثانوية، وكانت المدرسة الثانية في حياتي هي مدرسة زعبيل وكانت مديرتنا رجاء القرق، التي كانت تشجعني على تعلم اللغة الإنجليزية. تفوق وتميز تواصل الميدور «تخرجت من الثانوية وعندي أمل أن أكون من الأوائل، رغم أننا في تلك الفترة كنا ندرس الكتاب دفعة واحدة، ولا يوجد أجزاء أو تقويم أول وتقويم ثاني، وحصلت على مجموع 95 في المائة، وأردت أن أتخصص في الطب لأن هذا المجال هو المجال الأول لأكون أقرب إلى الناس، ولكن في تلك الفترة كانت دراسة الطب في الخارج، وأخوتي لن يقبلوا أن أسافر، ولذلك سجلت في جامعة الإمارات في العين بكلية الطب، وكنت أول دفعة ومن بين مائة وثلاثين تم قبول عشرين طالبة، وكنت من ضمنهم». وعن صعوبات الدراسة، تقول: «كلية الطب ذاتها كانت تحد كبير، لأنها كانت قد بدأت للتو ولم تكن قد أكلمت تجهيزاتها، بالنسبة للأدوات والمختبرات، فكنا ندرس ونؤسس لأننا كنا نطلب ما ينقص، وكانت بداية التعليم في كلية العلوم، ولذلك نتنقل ما بين ستة أماكن كي ندرس، ولا زلت أتذكر أن أستاذ التشريح وهو من إحدى الدول الأوروبية قد جاء في أول يوم ومعه زوجته، لأنه كان يتوقع أن تحدث حالات إغماء من الطالبات، وعليه لا بد من وجود سيدة، ولكن كانت مفاجأة له أننا كنا على قدر كبير من التفهم والتحمل»، مضيفة «هناك الكثير من الصبر والمعاناة لأن العبء كان يكبر مع سنوات الدراسة، وكنا نذهب إلى الجامعة ومنها بالحافلات، ولكن توقف الحافلات عند مكان معين، فيأتي الأهل لينقلوا بناتهم من تلك المواقف إلى البيوت، ومع ذلك كان ابتعادنا عن البيت قد شكل شخصيتنا، وصقلت الجامعة الكثير من السمات، فنحن كنا نذهب للسكن في الجامعة لنقوم بكل شيء بأنفسنا إلى جانب الدراسة، والفتيات في السكن كن كثيرات الضوضاء، ولكن في في المنزل كان الحال تقريباً هو، لذلك كنت أحمل كتبي وما أريد أن أعمل عليه، وأذهب لمسجد يأخذني إليه أخي عيسى لأجهز أية تقارير مطلوبة، ثم يأتي فيما بعد ليعديني إلى المنزل، ورغم ذلك ذلك كنا نشعر أن الدراسة أقل ما نتوقع، فالكلية كلها كانت عبارة عن عميد وأستاذ كلية الطب ومدرسين من كلية العلوم، ومرت سبع سنوات كنا طالبات نشعر في نهايتها أن علينا أن نبدل الكلية، ولكن أخي كان يصبرني، ومن تلك الدفعة المكونة من عشرين طالبة تخرجت دفعة كلها متميزة». حياة مهنية بعد أن أنهت الميدور دراستها عام 1993 عينت مباشرة في وزارة الصحة، وقد أنهت الامتياز في جامعة الإمارات، وقد كانت من ضمن الخمس الأوليات على الدفعة الأولى، وإدارة الجامعة كانت ترغب في أن تعمل معيدة، ولكن أهلها أثنوها عن ذلك، لأن عملها هناك يتطلب أن تعود للمنزل يومين في الأسبوع، منهن ساعات على الطريق. إلى ذلك، تقول «شاء الله أن تقوم الوزارة بتعييني في مستشفى العين، وغادرت لأعيش في العين ولا أنسى تلك المرحلة، وكيف أن وجودي هناك كان سبباً في أن أسهم في تقديم الخدمات العلاجية، طبعاً بقيت مدة ستة أشهر في الباطنية واستفدت من أساتذة سبقوني في العمل هناك، وعندما كنت طبيبة امتياز كنت أنهي عملي ولا أذهب للمنزل، بل كنت أبحث عن الأطباء الذين لا يزالون يعملون، وماهي العمليات التي يجب أن يقوموا بها، فأطلب منهم أن آخذ مهامهم كي أستخدم وقتي في العمل». نقطة انعطاف تتحدث الميدور عن نقطة انعطاف في حياتها، موضحة «تحديت الظروف كي لا أتراجع في مستواي الدراسي والتحصيلي، فقد توفيت أمي وأنا في عمر الثانية عشرة، وأخواتي الأكبر مني قد تزوجن وهناك إخوة ذكور بعضهم أكبر عني وبعضهم أصغر عني، ولكن من كان عليه مسؤولية المنزل هو تلك الطفلة الصغيرة، وقد عاهدت نفسي أن أحول تلك الآلام وتلك الأحزان إلى نجاح، بتحدي تلك الظروف كي أبقى متفوقة، وقررت أن أكون أكثر عطاءً وعملا، وواجباتي مع كل ما يحيط بي صنع القائد في داخلي، وكنت دائماً أبحث عن الابتكار قبل الغير».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©