الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قيس بن سعد.. سليل أكرم بيوت العرب

قيس بن سعد.. سليل أكرم بيوت العرب
18 يوليو 2014 00:23
أحمد مراد (القاهرة) صحابي جليل، نشأ في أكرم بيوت العرب وأعرقها نسبا، وهو البيت الذي قال في شأنه رسول الله - عليه الصلاة والسلام-: «إن الجود شيمة أهل هذا البيت». أبوه هو الصحابي الجليل سعد بن عبادة سيد الخزرج الذي قيل عنه: كان الرجل من الأنصار ينطلق إلى داره، بالواحد من المهاجرين، أو بالاثنين، أو بالثلاثة، وكان سعد بن عبادة ينطلق بالثمانين. أما جده فهو دليم بن حارثة الذي قيل عنه: من أحبّ الشحم، واللحم، فليأت أطعم دليم بن حارثة. كان قيس - رضي الله - عنه طويلاً وجميلاً، وكان لا ينبت شعر في وجهه، وكان الأنصار يعاملونه كزعيم منذ صغره، وكانوا يقولون: لو استطعنا أن نشتري لقيس لحية بأموالنا لفعلنا، وقبل إسلامه كان يعامل الناس بذكائه، ولم يكن في المدينة وما حولها إلا من يحسب لدهائه ألف حساب ولما أسلم، علّمه الإسلام أن يعامل الناس بإخلاصه، لا بدهائه، وكلما واجه موقفاً صعباً، يأخذه الحنين إلى دهائه، كان يقول عبارته المأثورة: لولا الإسلام، لمكرت مكرا لا تطيقه العرب، وكان يقول أيضاً: لولا أنني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «المكر والخديعة في النار» لكنت من أمكر هذه الأمة. تربى على الشجاعة والكرم وتربى قيس منذ صغره على الشجاعة والكرم، حتى صار يضرب به المثل في جوده وكرمه، ذات مرة جاءت امرأة عجوز تشكو فقرها إلى قيس، فقال لخدمه: املأوا بيتها خبزاً وسمناً وتمراً، وكان يطعم الناس في أسفاره مع النبي، وكان إذا نفد ما معه يستدين وينادي في كل يوم: هلموا إلى اللحم والثريد. وذات يوم باع تجارة بتسعين ألفا، ثم أمر من ينادي بالمدينة: من أراد القرض فليأت، فجاءه أناس كثيرون، أقرضهم أربعين ألفًا وتصدق بالباقي، ويروى أنه أصابه مرض فقل عواده وزواره، فسأل زوجته: لم قل عوادي؟ فأجابت: لأنهم يستحيون من أجل دينك فأمر مناديا ينادي: من كان عليه دين فهو له، فأتى الناس يزورونه حتى هدموا درجة كانوا يصعدون عليها إليه من كثرة عواده. وكان يقول: اللهم ارزقني مالاً وفعالاً فإنه لا يصلح الفعال إلا بالمال. وجاءه كثير بن الصلت فطلب منه ثلاثين ألفًا على سبيل القرض، فأعطاه إياها، ولما ردها إليه رفض قيس أن يقبلها، وقال: إنا لا نعود في شيء أعطيناه. واشترك قيس مع ثلاثمئة صحابي في غزوة سيف البحر بقيادة أبي عبيدة بن الجراح، فأصابهم فيها جوع شديد، وفنى ما معهم من زاد، فقام قيس فذبح ثلاثة جمال لهم، ثم استدان ووعد المدين أن يرجع له ماله في المدينة وذبح ثلاثة أخرى حتى نهاه أبو عبيدة عن ذلك حين رزق الله الجيش بحوت كبير ظلوا يأكلون منه ثمانية عشر يوماً، وعندما عادوا للنبي صلى الله عليه وسلم وذكروا له ذلك، قال عن قيس: «أما إنه في بيت جود». وتحدث أبو بكر وعمر رضي الله عنهما عن كرم قيس وسخائه، فقالا: لو تركنا هذا الفتى لسخائه لأهلك مال أبيه، فلما سمع سعد ذلك قام عند النبي فقال: من يعذرني من ابن أبي قحافة وابن الخطاب، يُبَخِّلان على ابني. شجاعته في المعارك وفي المعارك عرف قيس بشجاعته وبسالته وإقدامه، فكان حاملا للواء الأنصار مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهد مع الرسول الغزوات، وأخذ النبي الراية يوم فتح مكة من أبيه سعد وأعطاها قيساً، حيث كان بطلاً قوياً وفارساً مقداماً ومجاهداً عظيماً. كما روى قيس رضي الله عنه كثيراً من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروى عنه جماعة من الصحابة والتابعين. وفي خلافة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - تولى قيس بن سعد حكم مصر، ثم عزله منها وجلس عند علي، وفي يوم صفين وقف بجوار علي بن أبي طالب ضد معاوية - رضي الله عنهم - ولما استشهد علي بايع ابنه الحسن الذي آثر أن يحقن دماء المسلمين فتفاوض مع معاوية وبايعه على الخلافة، وتنازل عنها، فرجع قيس إلى المدينة، وجمع قومه وخطب فيهم وقال: إن شئتم جالدت بكم حتى يموت الأعجل منا، وإن شئتم أخذت لكم أمانًا، فاختار جنوده الأمان وقالوا: خذ لنا أمانًا. فأخذ لهم الأمان من معاوية. وفي المدينة المنورة عام تسع وخمسين من الهجرة توفي قيس بن سعد - رضي الله عنه- في آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه-. لازم النبي سنوات عديدة ولازم قيس النبي - صلى الله عليه وسلم - سنوات عديدة، فحين أسلم أبوه سعد أخذ بيد ابنه قيس وقدّمه إلى الرسول قائلاً: هذا خادمك يا رسول الله. ورأى الرسول في قيس كل سمات التفوّق وأمارات الصلاح، فأدناه منه وقرّبه إليه وظل قيس صاحب هذه المكانة دائما، حتى قال عنه أنس: كان قيس بن سعد بن عبادة من النبي بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©