الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النساء المجرمات.. جماليات البشاعة

النساء المجرمات.. جماليات البشاعة
29 سبتمبر 2010 20:19
تصوّر المجتمعات في العادة، المرأة المجرمة بصورة أبشع بكثير من صورة الرجل المجرم سواء كان ذلك في العصور القديمة، أو في العصور الحديثة. ما يطرح السؤال: لماذا؟ هذا هو السؤال الذي حاول جمع من المؤرّخين والمختصين في علم الإجرام الإجابة عنه في ندوة عقدتها جامعة “السوربون” وطبعتها في كتاب بعنوان: “النساء المجرمات: من العصور القديمة الى اليوم”. وقد اهتم المشاركون في الندوة والكتاب بمسألة المرأة المجرمة وأشبعوها تحليلا منذ العصور القديمة إلى اليوم، وقدموا نماذج من النساء المجرمات وناقشوا نظرة المجتمع وخاصة المجتمع الذكوري لهن. وتضمن الكتاب دراسات وبحوثا لخبراء في الإجرام وعلم الاجتماع وعلم النفس ولمؤرخين ولمختصين في القضاء والحقوق ولفنانين تشكيليين وأكاديميين في اختصاصات أخرى متنوعة، وقد اعتمدوا كلهم على الأرشيف والوثائق والصور واللوحات لتحليل وتفسير ظاهرة المرأة المجرمة. وفي محاولة الإجابة عن السؤال الجوهري الذي يطرحه الكتاب وهو: لماذا؟ يعدد الباحثون النساء المجرمات، ويخلصون إلى أن عددهن هو أقل من عدد الرجال المجرمين، ما يجعل الحديث يتمحور حول طبيعة الجريمة التي ترتكبها المرأة، ويظهر من خلال دراسة عدد من الجرائم أن صورة المرأة المجرمة تقترب من صورة الوحش الكاسر. والسؤال الذي يترتب على ذلك هو: لماذا تحاك القصص المبالغ فيها عن كل جرم ترتكبه امرأة وتحوّل إلى حكايات مرعبة تكون بطلتها امرأة هي أقرب إلى الوحش؟ فالقانون يعامل المرأة المجرمة والرجل المجرم على حد سواء، ولكن المجتمع يجد في المرأة المجرمة متنفّساً للمكبوت فيه، فيحوّلها إلى غول. والخيال الشعبي بقي دائما خصباً عندما يتعلّق الأمر بالمرأة المجرمة. ويبحث الكتاب عن الأسباب الاجتماعية والنفسية التي ترسم صورة مختلفة عن المرأة المجرمة مقارنة بصورة الرجل المجرم، ويستنتج الباحثون أن المجتمع لا يتقبل المرأة المجرمة، ولكنهم لم يجدوا تفسيراً لهذا الموقف سوى القول بأن النساء هن في الحياة العامة أكثر ميلا للسلام من الرجال، ولذا فعندما تتحول الواحدة منهن الى مجرمة فإن صورتها لدى الناس تتضخم لأنها استثناء في حين أن المجتمع يرى في الرجل المجرم أمراً يكاد يكون عادياً. ويقدم الكتاب نماذج من المرأة المجرمة كالتي سقت زوجها السم، والمرأة الإرهابية (الوجه الجديد للمرأة المجرمة)، والمرأة الخائنة، والمرأة المهووسة بالجنس إلى حد القتل، كما سعى الكتاب إلى إبراز ظاهرة الفتيات الصغيرات المجرمات، وعاد بعض المشاركين في هذا الكتاب إلى العهد الإغريقي في فصل عنوانه: “أمّهات وزوجات مجرمات في العهد الإغريقي”، كما خصّصت الباحثة جوزلين وهي أستاذة في الحقوق بجامعة مدينة “ماتز” بفرنسا فصلا للحديث عن العقاب المسلط على النساء المجرمات وحاولت الإجابة عن السؤال التالي: هل هناك خصوصية في العقاب المسلط على النساء؟ أما مارتين هارغور إيفانس وهي أيضاً أستاذة وباحثة بجامعة “مدينة رامس” الفرنسية فقد اهتمت بـ”سجن النساء: حالة الأم السجينة”، كما انكبت دراسات أخرى في نفس الكتاب عن القضاة في العصور الوسطى وأحكامهم التي يصدرونها على النساء، في حين خصّصت المؤرّخة إليزابيث لوسيه بحثا عن “الكنيسة بين الإدانة والصفح عن النساء المجرمات في نهاية العصر الوسيط”، أما روبار كاريو، وهو متخصص في علم الإجرام بجامعة مدينة “بو” Pau الفرنسية فقد كانت دراسته عن النساء والإجرام اليوم. أما ليليان شيرونو وهي رسامة وفنانة تشكيلية وأستاذة الفنون بجامعة السوربون فقد أعدت دراسة عن “صورة المرأة المجرمة في الفن التشكيلي الحديث”. ومن أطرف البحوث وأعمقها دراسة فلورنس أودييه، وهي متخصصة في الاقتصاد، عن النساء القاضيات فقد طرحت مسألة دقيقة محورها: “عندما تحكم النساء على النساء: ظاهرة تأنيث مهنة القضاء في فرنسا وانعكاساتها”، ومن المواضيع التي تطرق لها الكتاب: “إقامة الطفل الصغير مع أمه في السجن” كما تعرّضت دراسة بالتحليل إلى علاقة البغاء بالإجرام لدى النساء، ويتوقف الكتاب مطولا عند الصورة التي صنعها الفن والأفلام والمسلسلات عن المرأة المجرمة، وهي صورة تتضمن الكثير من “الكليشيهات” المتوارثة من المخيال الشعبي عن الإجرام المؤنث على امتداد العصور.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©