السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مكونات الحضارة المصرية.. تنوع لا تناقض

مكونات الحضارة المصرية.. تنوع لا تناقض
29 سبتمبر 2010 20:22
التراث القبطي المصري جزء لا يتجزأ من حضارة وتاريخ وثقافة وفنون مصر. ساهم كما ساهم قبله التراث الفرعوني ومن بعده التراث الإسلامي في تشكيل شخصية الإنسان المصري. هذا الإنسان الذي يفخر بتراث وطنه الفرعوني والقبطي والإسلامي دون تفرقة، وهو الأمر الذي أكدته دراسات وبحوث تجاوزت الـ 120 بحثا، لباحثين من 23 دولة شاركوا في أول مؤتمر حول الدراسات القبطية يعقد خارج الكنيسة المصرية، عقده مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية. المؤتمر ناقش التراث القبطي آدابه وفنونه ولغته والمكتشفات الأثرية، وعادات وتقاليد أهل مصر من الأقباط، وأطلق موقعا إلكترونيا بعنوان “تاريخ وآثار وحضارة مصر القديمة” هو الأول من نوعه في مصر الذي يهتم بتاريخ وحضارة مصر القديمة، ويضم حتى الآن أكثر من ألف موضوع في هذا المجال، ومن المقرر أن تصل موضوعاته إلى 2500 موضوع. وأعرب الأنبا مارتيروس؛ الأسقف العام وممثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، عن سعادته لتنظيم هذا المؤتمر، من أجل البحث في جذور مصر ودعم الدراسات الحديثة والبحث العلمي المتقدم حول الحضارة القبطية، التي انتشرت من مدينة الإسكندرية على يد القديس مرقس، مشيرا إلى أنه يأتي تعبيرا عن قوة وعمق الحضارة المصرية التي تحتضن الحضارتين الإسلامية والمسيحية وتدمجهما في مجتمع واحد. وأكد أن الحقبة القبطية مليئة بالمفردات العظيمة من تاريخ وفن وآثار وأدب تشهد له المكتشفات الأثرية والموروثات القبطية، مشيرًا إلى وجود العديد من الكنوز الحضارية التي لا يزال البحث العلمي في المجالات الأركيولوجية يكشف عنها، والتي سيتم التطرق إليها والتعمق فيها من خلال المؤتمر. اهتمام في العمق وفي سياق متصل، أكد الدكتور خالد عزب؛ مدير مركز الخطوط بالإنابة، أن المؤتمر يأتي في إطار اتفاقية التعاون بين جمعية الآثار القبطية في الكنيسة البطرسية في العباسية، ومركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية، مشيرًا إلى أن المكتبة تدعم الدراسات القبطية بشكل كبير، وتضم مجموعة ثرية من المخطوطات القبطية النادرة، والتي أهداها البابا شنودة الثالث للمكتبة خلال إلقائه محاضرة عامة بها. وأضاف د.عزب أن هذا المؤتمر يعتبر بداية للاهتمام وعمق الاتجاه نحو الدراسات القبطية، حيث سيتم تنفيذ مخطط واسع بالمكتبة لتعميق الدراسة في هذا المجال. وأعلن عن فتح باب تلقي الاقتراحات في هذا المجال ليتم بناء خطة لتنفيذ الدراسات القبطية، ويشارك فيها الجميع. وقال د. لؤي سعيد، مدير مشروعات مركز الخطوط والمنسق العام لمؤتمر الدراسات القبطية، إن المؤتمر يعتبر أول وأكبر تجمع دولي للقبطيات يعقد في مصر خارج نطاق الكنائس والأديرة، وأن التراث القبطي لا يخص فئة أو عقيدة معينة، لكنه تراث كل المصريين. الفن القبطي وتحدث الدكتور صبحي شنودة عن الفن القبطي في الحياة الدينية كجزء من الحياة العامة في المجتمع المصري، وأوضح أنه بالرغم من أن الفن القبطي هو فن شعبي، إلا أن الفنان القبطي قد برع في شتى فنون الحياة المتنوعة، فقد برع في فن العمارة المدنية التي شيدها لتتواءم مع الظروف الطبيعية، والعمارة الدينية الممثلة في الكنائس والأديرة التي زينها بفنون النحت المتنوعة، حيث أظهرت براعة ودقة الفنان القبطي، فظهرت المنحوتات الحجرية، والمعشقات الخشبية. وأضاف أن الأقباط أبدعوا في فنون التصوير التي زينت بها جدران الكنائس والأديرة بالطريقة التي ورثت منذ أقدم العصور في مصر، حيث استخدمت ألوان الأكاسيد، هذا الأسلوب الذي عرف بالأفرسك المصري، واستمر في العصر الروماني، وأتخذ شكلاً مسيحيًا في العصر القبطي، ثم انتشر بين مسيحي الشرق والغرب، كما ذاعت شهرة النسيج القبطي حتى عرف هذا النوع من الفن باسم “القباطي”، نسبة إلى الأقباط، كما اشتهرت الفنون القبطية في شتى نواحي الحياة، ونسخت المخطوطات القبطية على الرق، وورق البردي، وورق الكتان، والبعض على قطع من الخشب والشقافة. وفي دراسة بعنوان “صناعة واستعمال الأواني وزخرفتها في العصر القبطي”، أكدت الدكتورة إيفيلين جورج إندراوس أن الإنسان المصري استخدم عددا كبيرا من الأواني في حياته اليومية في العصر القبطي، استخدم فيها ثلاث أنواع أساسية من الطين، هي الجيري، والسيليكوني، والكاولين. وأوضحت أن الزخرفة كانت لها مكانة عظيمة في الخزف القبطي، ويبدو ذلك واضحا حتى في الأدوات التي تخص الحياة اليومية، ومن هذه الأساليب: الزخرفة المدموغة (ذات طبعة)، أو المشكّلة بالختم والتي ترتبط بالأواني المصنوعة نسبياً من الطين الناعم، بينما الأواني الملونة فتُصنع من الطين الخشن. وأشارت إلى أنه بداية من القرن الثامن بدأ استخدام أسلوب التزجيج على الأواني الملونة وغيرها، وهو عبارة عن مسحوق زجاجي ممتاز يوضع على الإناء ثم يُحرق لينتج طبقة خارجية زجاجية غير منفذة للماء. وقد استخدم التزجيج مع كل من الزخارف الملونة والمشكلة بالختم. وفي القرن الثامن استمر استخدام الأواني المصقولة مع الأواني الغير المصقولة والتي اختفت في القرن التاسع. طقوس وأعياد وعرضت الدكتورة أليس اسكندر بشاي، أستاذ الاجتماع والأنثروبولوجيا بجامعة كفر الشيخ، دراسة عن الاحتفالات القبطية بأعياد القديسين، وقالت إن الكنيسة كانت تؤكد رسمياً مظاهر الاحتفال في القرن الثالث، عن طريق الأساقفة والاكيروس، وتعلن قداسة القديس “التطويب”، ويعلن المجمع المقدس قانونيته رسميا، ويتم ذلك بناء على عدة معايير. أما في القرن الرابع، فقد كانت الجماعة المسيحية تحتفل بيوم استشهاد القديس على اعتبار أنه “يوم مقدس” و”عيد ميلاد مجيد”، حيث يجتمعون حول مكان استشهاده، ويبنون كنيسة على اسمه. وبعد إقامة الصلوات، يقوم الأب الأسقف بإلقاء عظة يمدح فيها سيرة القديس، ويمدح إيمانه والحياة المقدسة للشهيد. وتطرقت إليس بشاي إلى عيد النيروز، وهو من الأعياد المصرية القديمة، ويعد التكريم الوحيد والذكرى الدائمة للقديسين الأقباط، إذ حرصت الكنيسة على إقامتها سنويا عن طريق التقويم القبطي، فجعلت بداية رأس السنة القبطية رمزا لعيد هؤلاء الشهداء. وأضافت أن الاحتفالات القبطية في العصر الفاطمي كانت تقام بصورة رائعة على شاطئ النيل في مواكب خاصة، تسير حتى الميادين العامة والشوارع الرئيسية، وكان عهد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي مثالاً سار على منواله كل ولاته في البلاد، من الإنصاف وحسن المعاملة والعدالة، فلم يفرق بين مسلم ومسيحي. وتحدث أستاذ علم القبطيات ونائب رئيس جمعية الآثار القبطية د. بيتر جروسمان، عن أهمية انعقاد المؤتمر في مكتبة الإسكندرية، مؤكدًا على دور مدينة الإسكندرية الرائد في إثراء الحقبة القبطية مع دخول المسيحية إلى أرض مصر. وأضاف أن هذا الدور يتجلى في التراث الذي خلفه القديس مرقس الذي بنى أول كنيسه في الاسكندرية وأصبح أول بطريرك للكنيسة المصرية. وأكد على أهمية التراث القبطي ودور الحياة القبطية في الحضارة المصرية، والذي يتم إبرازه من خلال المؤتمر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©