السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«التحرش» فساد في الأرض وانتهاك للأعراض

«التحرش» فساد في الأرض وانتهاك للأعراض
30 يونيو 2015 19:55
أحمد شعبان (القاهرة) التحرش بالناس بالفعل أو اللفظ جريمة ومرض يصيب بعض الشباب غير الملتزم ، في وقت أمرنا الإسلام بحفظ أعراض وأموال وحياة الناس، ونهى القرآن الكريم عن الظلم والعدوان وأمر بمعاملة الناس بالحسنى والمعروف، مشيراً إلى السلوك العدواني الذي يظهر في تعبيرات لفظية من سب وسخرية ونهى عن ذلك (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)، «سورة النساء: الآية 30». يقول الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الفقه المقارن بكلية دار العلوم جامعة الأزهر: ورد النهي عن الاعتداء على الآخرين أو التحرش بهم بكل صوره في كتاب الله في مواضع كثيرة منها قول الله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)، «سورة البقرة: الآية 190»، أمر الله المسلمين بالقتال في سبيل الله فقط، ونهى عن الاقتتال بينهم، ونهى عن الاعتداء بكل أنواعه وخاصة الاعتداء على النساء والأطفال والرهبان والمرضى، والتمثيل بالقتلى وقتل الحيوانات وقطع الأشجار. تعاليم سامية والإسلام جاء بتعاليم سامية، علمت الإنسان احترام أخيه وأن للآخر حرمة يجب ألا يتعداها، وجعل من مقاصده حفظ العرض، وسدت الشريعة جميع الذرائع والطرق الموصلة إلى هتك الأعراض بالأمر بالحجاب وغض البصر وتحريم الخلوة وغير ذلك، وحرم الله الأعراض كما حرم الدماء والأموال، وخطب بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في موقف من أعظم المواقف، قال: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، فليبلغ الشاهد الغائب». إن الاعتداء على دماء وأعراض وأموال المسلمين ليس من خلق المؤمن، لأن الإيمان حاجز قوي دون الشر والفساد، والإسلام يأمر بالعدل وينهى عن الظلم في الدماء والأموال والأعراض والحقوق كلها، فالمؤمن لا يغدر ولا يفجر ولا يغش ولا يخدع ولا يطغى ولا يتجبر، والخلق كلهم عباد الله قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ...)، «سورة البقرة: الآية 84»، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأسباب الألفة ونهى عن الفرقة فقال: «لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه». الإفساد بالمعاصي وأمر الله بعدم الإفساد في الأرض بالمعاصي فإنها تفسد الأخلاق والأعمال والأرزاق كما قال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ...)، «سورة الروم: الآية 41»، كما أن الطاعات تصلح الأخلاق والأعمال وأحوال الدنيا والآخرة. وورد كثير من الأحاديث التي تتحدث عن العدوان على الناس، فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين على السيطرة على دوافع العدوان، ونهاهم عن ترويع إخوانهم والاعتداء عليهم وإيذائهم والإهانة والقذف والسخرية والتحقير، ووعد من يفعل ذلك بالخسران العظيم قال صلى الله عليه وسلم: «من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه»، وقال: أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال: «إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار». أزمة قيمية ومن أسباب التحرش الابتعاد عن الدين، وهناك أزمة قيمية أخلاقية تضرب جنبات المجتمع، فقد اندثر الكثير من الأخلاقيات والقيم الفاضلة مع هذه الأجيال، وسوء التربية وانعدام الرقابة الأسرية، وكذلك المؤسسة التعليمية التي لم يعد لها دور كبير في الجانب التربوي، وبعض القنوات الفضائية المضللة التي تصور الحلال حراما والحرام حلالا، والبطالة التي يعيشها الكثير من الشباب، فصار الجلوس على المقاهي ومعاكسة الفتيات من الأسباب الرئيسية لمرض التحرش. ولعلاج التحرش يجب مراجعة المنظومة القيمية والأخلاقية للمجتمع، التي باتت في مستوى سيئ والتركيز على دور الأسرة في التربية ومراقبة أبنائها، ويجب أن ينبذ المجتمع هؤلاء الداعين إلى الانحلال والفوضى، والتحذير منهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©