السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سالم بن ماسي : نستقبل رمضان بالتهليل ونودعه بالاستغفار

سالم بن ماسي : نستقبل رمضان بالتهليل ونودعه بالاستغفار
18 يوليو 2014 00:29
خولة علي (عجمان) مصفوت القرية الهادئة التابعة لإمارة عجمان، والتي تبعد عنها نحو 120 كيلو مترا، هي حصن الماضي الذي ما زال فيه الأهالي متمسكين بتراثهم بقيمهم بعاداتهم التي تعلموا منها أبجديات الحياة، وشيدوا علاقاتهم الاجتماعية على نهجها، واستطاعوا أن يستثمروا خيراتها، بسواعدهم المباركة التي اعتادت على حرث الأرض، وزراعتها، لتتحول إلى جنة تحميها الجبال والمرتفعات الشاهقة، ما أسهم في استقرار أهاليها، وبناء مجتمع يجمع أهالي الفريج في إطار من التكاتف والترابط والتآزر والتواصل، وتبادل الخيرات والأرزاق، فالمنازل متلاصقة ومتقاربة بقرب قلوب الجيران والأحباب، والأبواب مشرعة دائما تتلهف لاستقبال كل زائر يفد إلى المنطقة. وفي هذا المجتمع يعيش الوالد سالم بن ماسي، أحد مزارعي مصفوت، الذي كان منهمكا في الإشراف والعمل في مزرعته، رغم وطأة حرارة الصيف. عن علاقته في رمضان يقول “لم يكن رمضان يوما وقتا للخمول والكسل، وإنما كان النشاط يدب في الأهالي، فالرجال يتوجهون لجني الأرزاق والقيام بواجبهم وعملهم من دون كلل أو ملل، والنساء يتوجهن إلى الأفلاج المنتشرة في المنطقة لجلب الماء. وكانت المرويات (النساء اللاتي يجلبن الماء من الفلج) يتباهين وهن يحملن الماء على رؤوسهن ويتبادلن الأخبار فيما بينهن”. ويتابع بن ماسي “الأقبال على العمل على أوجه، حتى في رمضان، فلم يكن يختلف النشاط فيه عن الأيام العادية، وأذكر وقتها ما أن يظهر هلال الشهر الفضيل حتى تتعالى أضوات التكبير والتهليل وتبقى البيوت مضاءة “بالفنر” لأحياء ليالي رمضان بالذكر وترتيل القرآن، وما أن يطفأ الفنر حتى يعاد إشعاله على السحور حيث يستعد المرء ليوم طويل وشاق من الصيام ببضع تمرات وكوب ماء، حتى يستطيع أن يقوم بعمله وواجبه بمزيد من النشاط والحيوية”. ويوضح “عادة يأتي بخبر دخول الشهر الفضيل شخص مكلف من قبل الحاكم يقوم بأخبار الأهالي في مصفوت عن ذلك، وأحيانا تتوجه الوجوه إلى القبلة وتشرئب الأعناق إلى السماء في متابعة وترقب رؤية الهلال بعد صلاة المغرب. وما أن يتجلى الهلال أو خبر دخول رمضان حتى نتوجه إلى صلاة التراويح في مسجد مبني من الطين المحروق فلم يكن فيها نظام تهوية، ولكن الميزة الجيدة أن المسجد مقسم مساحته لقسمين قسم مهيئ للصلاة فيه وقت الشتاء، وآخر وقت الصيف”. وعن مائدة الإفطار، يقول “كنا نعتمد في طعامنا على المنتوجات المحلية من دخن، والبر الذي نصنع منه الرقاق، والتمر نصنع منه الدبس وطبعا القهوة التي لا تخلو منها المجالس. فمكونات الإفطار والسحور كلها كانت طبيعية وأكثرها من المزارع المحلية مثال الفندال، البطيخ، اليح، الزام، الرطب بأنواعه، والهنبا”، مشيرا إلى أن الإفطار عادة ما يكون جماعيا بين أهالي القرية حيث يجتمعون في سبلة أو بين البيوت خلال الإفطار، بحيث يجلب كل واحد منهم صحنا مما أعدوه في المنزل. وبعد الإفطار الخفيف نقوم لأداء صلاة المغرب في مكاننا، لأنه لم يكن في مصفوت في ذلك الوقت غير مسجدين”. ومن المواقف الطريفة التي مرت عليهم في رمضان، يقول بن ماسي “بينما كنا نصلي، جاءت قطة فهمت بأكل الطعام، ولما قال الإمام ولا الضالين كان المصلون مسمرين عيونهم على القطة، وأحدهم صرخ بقوة “كت كت كت” يريد إبعاد القطة عن الطعام”. ويضيف “في أحد الأيام تلبدت السماء بالسحب حتى عم الظلام سائر أرجاء القرية، كان ذلك بعد العصر، ولم تنفرج السحب بل زادت في عتمتها، ما صعب على الناس معرفة الوقت لذا قام المؤذن برفع صوته بالآذان ظنا منه بأن المغرب قد حان وفطر أهل القرية كلهم، وبعد قليل انقشعت السحب وبدأت الشمس واضحة لم تغرب”. ولوداع الشهر الفضيل طقوس خاصة، حيث يقول بن ماسي “في الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل بعد صلاة التراويح يجلس المطوع ليقرأ التوديعة ونحن نرد عليه، حيث يقول فيها الوداع الوداع الوداع يا رمضان الوداع الوداع شهر الدين والغفران، ويستمر في إلقاء المنظومة أي القصيدة الدينية بطريقة الإنشاد، ويضج أهل المسجد بالبكاء أسفا على انتهاء الشهر الفضيل، حيث يتسامح الناس ويعفو عن بعضهم البعض، ويقدموا الفطرة أي الزكاة للمحتاجين وكانوا كلهم من المحتاجين لها”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©