الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات تمتلك استراتيجية واضحة للتعامل مع التحديات الأمنية

الإمارات تمتلك استراتيجية واضحة للتعامل مع التحديات الأمنية
24 أكتوبر 2017 23:23
أبوظبي (وام)  أكد سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أن حروب المستقبل تنطوي على تهديد واضح للأمن الوطني، في دولة الإمارات العربية المتحدة، ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بوجه عام، وخاصة الأمن الإلكتروني «السيبراني» بعد توجه هذه الدول في السنوات القليلة الماضية نحو العصر الرقمي، والتحول نحو الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار وتكنولوجيا المعلومات، وهو ما يفرض على دول الخليج العربية المزيد من التنسيق فيما بينها لمواجهة أخطار هذه الأجيال المتلاحقة من الحروب من ناحية، وتبني استراتيجية مشتركة تعزز من أمنها الإلكتروني من ناحية ثانية. وقال السويدي: إن الإمارات تمتلك استراتيجية واضحة للتعامل مع مختلف التحديات الأمنية، وتأخذ في الاعتبار مواكبة أحدث الأساليب والتكنولوجيات المستخدمة في العمل الأمني على الساحة العالمية، فضلاً عن التعاون الوثيق مع العديد من دول العالم، والحرص على الاستفادة من تجاربها في تطوير استراتيجياتها الأمنية. جاء ذلك خلال حواره مع مجلة «درع الوطن»، بمناسبة ختام مؤتمر القادة لحروب القرن الحادي والعشرين، الذي عقد في أبوظبي مؤخراً، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إذ تناول الحوار الذي أجراه المقدم ركن يوسف جمعة الحداد رئيس التحرير في مضمونه أهمية وأهداف هذا الحدث الكبير، لا سيما بأن هذا المؤتمر استهدف استقراء مختلف التطورات والتحولات الأمنية والجيوسياسية، وما تنطوي عليه من تداعيات أمنية، وفي الوقت ذاته العمل على وضع التصورات والرؤى الكفيلة بكيفية التعامل الفاعل والبناء معها مستقبلاً، حيث ركز المؤتمر. كما أكد مدير مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية على تسليط الضوء على التحديات الناجمة عن التطورات في مجال الحروب المعاصرة وزيادة المعرفة الاستراتيجية الضرورية بطبيعة الصراعات المعاصرة والمستقبلية، من خلال تقديم أحدث الرؤى المتعلقة بالاتجاهات السريعة التطور في طابع الصراعات وتأثيرات التهديدات المحتملة الناشئة والمتغيرة في البيئة الأمنية الاستراتيجية، بالإضافة إلى التعرف على أدوات التصدي للتهديدات التي تشكلها هذه الصراعات الحديثة، ومناقشة أفضل الممارسات العالمية في الاستجابة والتعامل مع تلك التأثيرات على المستوى الوطني. وأكد د. السويدي أن السنوات الأخيرة شهدت تحولات وتغيرات جذرية في مفاهيم الحرب ونظرياتها، حيث ظهرت أجيال جديدة من الحروب غير التقليدية المعاصرة والمستقبلية، خاصة في ظل تصاعد خطر التطرف والإرهاب، وتغير طبيعة الصراعات الإقليمية والدولية، واحتدام التنافس الدولي، وتنامي الاستغلال الهدام لوسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة من قبل الجماعات الإرهابية والمتطرفة، بل يمكن القول إن حروب المستقبل ستدار من خلال فضاءات عابرة للحدود التقليدية، في ظل تراجع دور العنصر البشري، وتعاظم دور المعدات التكنولوجية والأنظمة الحاسوبية. وأضاف: لا يخفى على أحد أن منطقة الشرق الأوسط تشهد الآن أنماطاً جديدة لحروب المستقبل، وهو ما يطلق عليه «الحروب اللامتماثلة»، التي تندلع بين دول قائمة وأطراف فاعلة من غير الدول، والتي تتجسد بشكل واضح في الحرب التي يشنها التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في كل من سوريا والعراق. وإضافة إلى ما سبق، فإن «الحرب الإلكترونية» التي كانت حتى وقت قريب مجرد أطروحات نظرية، تحولت إلى سبب مباشر لاندلاع الصراعات العسكرية التقليدية، ما يعكس عمق الخطر الاستراتيجي الذي يترتب على حروب الفضاء الإلكتروني، التي دفعت الأمن المعلوماتي ليشغل صدارة أولويات ركائز الأمن القومي للدول. وأضاف أن التحديات الأمنية التي تواجه دول العالم في القرن الحادي والعشرين، عديدة ومتداخلة ومعقدة، وتعكس بطبيعتها التغير الذي شهدته البيئة الأمنية في السنوات العشر الأخيرة، فقد برزت مصادر تهديد غير تقليدية ربما تفوق في بعض الأحيان تأثيراتها السلبية المحتملة التهديدات التقليدية المتعارف عليها في الأدبيات الاستراتيجية والأمنية، فتصاعد خطر التطرف والإرهاب وانتشار الأوبئة والأمراض باتا يشكلان خطراً يماثل في تأثيراته، إن لم يكن يفوق تهديدات تقليدية أخرى تراجعت بفعل عوامل عدة، كما أن هناك تهديدات تتنامى، وبات خطرها متعاظماً أكثر من ذي قبل، بفعل موجات العولمة وتقدم وسائل الاتصال والانفتاح على العالم، مثل انتشار المخدرات والجريمة المنظمة وغسل الأموال وهكذا. وقال د. السويدي:  يحسب لدولة الإمارات العربية المتحدة أنها تتبنى منظوراً شاملاً للأمن الوطني، سواء فيما يتعلق بطبيعة التحديات التي تواجهها، أو فيما يتعلق بالجهات المسؤولة عن تحقيق الأمن، والتي لم تعد مقصورة على الأجهزة الأمنية والشرطية التقليدية، بل إنها أصبحت مسؤولية مجتمعية شاملة تنطلق من حقيقة أن مفهوم الأمن المعاصر لا يقتصر على المضامين التقليدية كتوفير الأمن والاستقرار العام، والتصدي للمجرمين وغيرها، على الرغم من أهميتها، بل تعدى ذلك ليتضمن تحقيق وتثبيت أمن الدولة والمجتمع الاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي، والإعلامي، والتربوي، والثقافي، والإلكتروني. ولفت إلى أنه منذ سقوط الموصل في يد «داعش» عام 2014 راح باحثون في علوم الحرب يؤكدون الدور المتصاعد لوسائل التواصل الاجتماعي في الحروب، ونشأ لاحقاً مصطلح تسليح «السوشيال ميديا»، ولا شك أن دور وسائل التواصل الاجتماعي شهد تحولاً في السنوات القليلة الماضية، فلم يعد يقتصر على التواصل الإنساني والاجتماعي والثقافي بين الأفراد، وإنما باتت تستخدم بالفعل أداة لتدمير المجتمعات وتهديد الأمن الوطني للدول، وقد أفضت في هذا الموضوع في كتابي: «وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في التحولات المستقبلية.. من القبيلة إلى الفيسبوك»، الذي صدرت طبعته الأولى في عام 2013، وهو الكتاب الذي حذرت فيه من أن وسائل التواصل الاجتماعي سوف تقفز إلى صدارة التهديد الأمني الاستراتيجي للدول. وحول التطورات المتوقعة في الملف الإيراني بعد الاستراتيجية الأميركية الجديدة، وما الذي يجب على القيادة العسكرية الخليجية فعله في حال تم إلغاء الاتفاق، قال د. السويدي: برغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يعلن صراحة، في كلمته التي ألقاها يوم الجمعة 13 أكتوبر الجاري، إلغاء الاتفاق النووي الإيراني، فإنه رسم نهجاً متشدداً في تعامله مع إيران، فقد أعلن ترامب بوضوح استراتيجية أمريكية جديدة تتعامل من خلالها الولايات المتحدة مع طهران خلال المرحلة المقبلة، فقد رفض ترامب الإقرار بالتزام إيران الاتفاق النووي، وأعاد وصفه بأنه «إحدى أسوأ الاتفاقيات»، كما أعلن أنه فوض وزارة الخزانة الأميركية بفرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني، باعتباره داعماً للإرهاب، فضلاً عن أنه حذر من أن بلاده بإمكانها إلغاء الاتفاق النووي مع إيران في أي وقت. وأضاف: لا شك أن هذا التطور المهم في الموقف الأميركي من الاتفاق النووي سينعكس بوضوح في طبيعة تحرك الولايات المتحدة خلال المرحلة المقبلة مع إيران، إذ تكشف تصريحات الرئيس الأميركي أن واشنطن لن تسمح لطهران مرة أخرى بالعمل من أجل التوسع ونشر النفوذ ودعم الوكلاء في أنحاء المنطقة، إذ تدرك الولايات المتحدة مدى خطورة طموحات إيران الإقليمية ونواياها التوسعية، والواضح أنه ليس أمام إيران الآن إلا أن تستجيب للمطالب الأميركية، فمن ناحية ينبغي عليها أن تقبل تعديل الاتفاق النووي بما يساعد فعلاً في الحد من قدراتها على استثمار أي مكاسب لتحقيق طموحات الهيمنة والتوسع، كما أن عليها أن تتوقف عن التدخل في شؤون دول المنطقة الداخلية، وأن تمتنع عن إطلاق تهديداتها لهذه الدول، وأن تدرك وتقتنع أن السبيل الوحيد للعيش في سلام في المنطقة هو التوقف عن مساعي نشر النفوذ والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وعلى القيادة العسكرية الخليجية أن تأخذ حذرها وتراقب عن كثب التحركات الإيرانية في المرحلة المقبلة، وأن تزيد من تعاونها مع الولايات المتحدة من أجل تحجيم إيران وثنيها عن مساعيها لتحقيق طموحاتها الإقليمية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©