الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«جمعية رعاية الأقزام» تحارب البطالة والعنوسة

«جمعية رعاية الأقزام» تحارب البطالة والعنوسة
2 يوليو 2013 01:24
ظهرت في الفترة الأخيرة جمعية مصرية هي الأولى من نوعها تهتم بشؤون قصار القامة وتطلق على نفسها اسم جمعية «رعاية الأقزام»، وتتخذ من مدينة الإسكندرية مركزا لنشاطاتها، كما أن لها موقعا على شبكة الإنترنت.. وقد ظلت الجمعية تكافح لنحو 13 عاماً لإشهارها منذ تقدمت في عام 2000 بأوراق إلى الجهات المختصة في مصر إلى أن نالت الموافقة أخيرا وسمح لها بمزاولة نشاطاتها وتقديم خدمات مثل سائر الجمعيات. (القاهرة) - أثار ظهور الجمعية ردود فعل إيجابية في الشارع المصري من قبل المهتمين برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة وان الأقزام تاهوا وسط الإهمال وغرقوا في مشاكل اجتماعية وصحية لا حصر لها.. كقلة فرص العمل وتزايد نسب الأمية والعنوسة وغياب الرعاية الصحية بينهم، فضلاً عن النظرة السلبية التي ينظر بها البعض إلى هذه الشريحة المنسية من المجتمع المصري. 70 ألف قزم ويقول رئيس الجمعية عصام شحاتة عوض الله، إن بمصر قرابة 70 ألف قزم منهم نحو 1500 في مدينة الإسكندرية وحدها، وهم القوام الأساسي لأعضاء الجمعية التي من ضمن أهدافها إنشاء فروع لها في جميع المحافظات، وحث الأقزام في الدول العربية على تكوين روابط مشابهة كي يصبح الأقزام يداً واحدة في مواجهة مشكلات الحياة، مشددا على أن ليس كل إنسان قصير القامة يمكن أن نطلق عليه قزماً، موضحا أن الأقزام من الناحية الشكلية هم الأفراد الذين لا يزيد طول قامة الذكر البالغ فيهم على 130 سم، والمرأة البالغة على 121 سم. مشيراً إلى أن الجمعية متنفس للأقزام حيث يحرصون على التواجد في المقر ولو مرة كل أسبوع. وللتعارف فيما بينهم وبحث مشاكلهم وكيفية التعاون على حلها، كما تهدف الجمعية إلى مساعدة الأقزام على الزواج والعمل والتعارف وعمل معارض للإنتاج اليدوي الخاص بأعضائها وتوفير التأمين الصحي لأسرهم وتبني المواهب الخاصة بالأقزام في جميع الأنشطة والمساعدة في تحمل مصاريف التعليم كاملة، واستخراج معاش مؤقت بالتأمينات، والوقوف على حل مشاكل المواصلات بتوفير وسائل خاصة بالأقزام بتعريفة ركوب زهيدة. صعوبات يواجهونها ويوضح عوض الله: قصار القامة في مصر يعانون مشاكل كثيرة أبرزها عدم الاهتمام من جانب الدولة بهم، رغم أن لهم حقوقا على الدولة نظرا لحالتهم الجسمانية ويجب معاملتهم باعتبارهم أصحاب احتياجات خاصة مثل المعاقين وغيرهم. ويسرد عوض الله، بعضاً من هذه المعاناة الناتجة من إهمال الدولة لهم، وفي مقدمتها الصعوبات التي يواجهها الأقزام عند الصعود إلى الأرصفة العالية بالشوارع أو ولوج أبواب القطارات وركوب الحافلات من دون مساعدة من أحد!.. كما يضيف جانبا آخر من معاناة الأقزام، ويتمثل في صعوبة إيجاد أمكنة خاصة بهم للجلوس في المقاهي والمطاعم على غرار باقي الناس، الأمر الذي يعرضهم للسخرية ولكثير من الألم النفسي والعزلة الاجتماعية بالإضافة إلى مشكلة العثور على أزياء خاصة تلائم أجسادهم. وأشار عوض الله، إلى أن مصر كسائر الدول العربية لا توجد بها قوانين تنص صراحة على حقوق الأقزام وتحدد لهم نسبا ثابتة في الوظائف الحكومية وفي عضوية الأندية الاجتماعية والرياضية وتيسر لهم آلية للحصول على مسكن مناسب بسعر زهيد كما توفر لهم الرعاية الصحية في مستشفيات التأمين الصحي. الاندماج في المجتمع وأضاف عوض الله، أن هناك تناقضاً في تعامل الحكومة معنا، فهي ترفض منحنا شهادة الإعاقة وإثبات أحقيتنا في نسبة 5 في المئة وظائف بالمصالح الحكومية، وعندما نلجأ للقمسيون الطبي للحصول على شهادة تفيد أننا معاقون نجد الطبيب المختص يرفض بدعوى أننا أصحاء لا نعاني مشاكل من التي تصنف كإعاقة مثل فقدان البصر أو عدم القدرة على السير أو بتر أي من اليدين. وهكذا نعاني في ظل غياب قانون محدد ينص على حقوق قصار القامة ويحدد من هم.. لافتاً إلى أن الجمعية أقامت دعوى بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة للمطالبة بإصدار قانون لإعطاء الأقزام حقوقهم ومعاملتهم معاملة حسنة، وإتاحة فرص عمل مناسبة لهم مع توفير وسائل المواصلات المناسبة. وهناك أقزام بمصر، على حد قول عوض الله، استطاعوا أن يجدوا لأنفسهم مهناً ووظائف في شتى مجالات العمل واندمجوا مع المجتمع، ولا يميزهم عن الآخرين سوى قصر قاماتهم مثل المهن اليدوية كالنجارة والخياطة وأعمال الدهانات والبناء أو العمل كنادل في المقهى أو بائع في محل تجاري إلى جانب الوظائف الكتابية في مؤسسات الدولة، غير أنه لا يمكن للأقزام أن يلتحقوا بوظائف معينة مثل الشرطة والأمن أو وظائف الجيش وغيرها لكونها مهناً تتطلب طول القامة شرطا أساسيا. ويستهجن محمد يونس (33 سنة)، حرمان قصار القامة من خدمة وطنهم في الشرطة والجيش بسبب ظواهر خلقية لا دخل لهم بها، مما يشعرهم بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية لاسيما عندما يتخذ بعض ضعاف النفوس من قصر القامة وسيلة للسخرية والتندر على أصحابها. ويشير حسين فتحي (29 سنة)، إلى أن طوله 91 سنتيمترا ووزنه 41 كيلوجراما وأن أصعب لفظ سمعه في حياته ولا يزال يسمعه هو أن يصفه الناس بـ «قزعة» واصفاً من يختصره كإنسان في كونه «قزعة» بأنه شخص غير سوي قليل الإيمان لاسيما وان جميع الأديان السماوية نهت عن السخرية من الآخرين. وقال إنه يعمل بائع أدوات كهربائية ويتعب في عمله تماما مثل أي إنسان سوي، وأن غاية ما يتمناه ألا يسمع أحداً يتهكم على طوله، مؤكدا أنه يفضل لقب قصير القامة على لقب قزم أو فطوطة، منوهاً إلى أن هناك مشكلة أخرى قد تبدو في نظر البعض هينة ولكنها بالنسبة لقصار القامة معضلة، وهي عدم وجود محال ملابس تبيع مقاسات تتناسب مع قصار القامة وهو ما يضطره تارة إلى تفصيل ملابسه عند الخياط أو شراء ملابس مقاسات الأطفال ونفس الأمر يتكرر في محال الطعام والمقاهي العامة التي لا تتوفر بها مقاعد خاصة بقصار القامة..! وأضاف أنه لم يتزوج بعد بسبب عدم وجود شقة وعدم وجود دخل مالي يسمح له بتكوين أسرة، وعندما يتوفران سأتقدم لبنت الحلال وأتمنى أن يرزقني الله بأطفال طوال القامة كي لا يعانون مثلما أعاني. تغير مجرى حياتي وقال أحمد رضا (26 سنة)، عامل في مقهى « 87 سم»: كنت متفوقا في الدراسة لاسيما في المرحلة الابتدائية قبل أن أعاني كثيرا نفسيا في المرحلة الإعدادية، حيث بدأت ألاحظ الفروق الجسمانية بيني وبين زملائي، إلى أن حدث موقف معي غير مجرى حياتي وذلك حينما دق جرس الفسحة وتدافعت مثل بقية الطلبة على السلالم ولكنني سقطت تحت أقدامهم ولم يلاحظني أحد وتعرضت لكسر قدمي وذراعي وهو ما جعلني أشعر بالعجز وترك في نفسي أثراً سيئاً بأنني لست مثل بقية الأطفال وتعرضت بعدها لسخرية كبيرة من الزملاء وتباروا في مناداتي بالقزعة وبلية وهو ما ألمني نفسياً كثيراً فكرهت الذهاب للمدرسة واتجهت للعمل مع والدي في المقهى. الأقزام أشخاص طبيعيون ترى خبيرة علم الاجتماع بالمركز القومي المصري للبحوث الاجتماعية، د. عزة كريم، أن الأقزام أشخاص طبيعيون للغاية ويتسمون بمعدل ذكاء مرتفع وبخفة ظل ملحوظة، وكل مشكلتهم تكمن في عدم تقبل المجتمع لهم مما يضطرهم إلى الانزواء والبعد عن الناس وهو ما يفقد المجتمع لقدرات وذكاء العديد منهم، وهو الأمر الذي ينعكس على الأقزام أنفسهم فيزيد من نسب الأمية والبطالة والفقر والعنوسة بينهم. ودعت المجتمع إلى تقبل الأقزام وإشعارهم بذلك الأمر من خلال إيصال رسالة بأنهم أعضاء فاعلون وأن اختلافهم في الطول لا يعني أفضلية الآخرين عليهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©