تغيير المنكر بالموعظة الحسنة

أحمد مراد (القاهرة) بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن منطلق فهمهم القاصر لحديث النبي «من رأى منكم منكراً فليغيره» يتجه البعض إلى العنف، والتعدي على غيرهم - سواء باليد أو باللفظ-، وهو ما يتنافى تماماً مع وسطية الإسلام التي وضعت للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضوابط ورؤية شاملة لابد من فهمها على وجهها الصحيح. تقول د. عفاف النجار الأستاذ في جامعة الأزهر: هناك ضوابط يضعها الإسلام باعتباره ديناً وسطياً سمحاً لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولعل أهمها أن تنطلق مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الموعظة الحسنة والكلمة الطيبة، وليس من منطلق الاعتداء أو العنف، فقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم شروطاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال: «من رأى منكم منكراً فليغيره»، والخطاب هنا للحاكم والعلماء، ووسيلة التغيير هي «اللسان»، أي الحكمة والموعظة، ويقول الله عز وجل: (... أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)، «سورة يونس: الآية 99»، وهذا أمر الله فلا ينبغي أن نتدخل فيه إلا برفق، فمن يستجب فخير ولا بأس من دون إكراه. وتضيف: وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتعين على القادرين على القيام به وأدائه بالصورة التي تحقق الهدف المنوط به ومن شروط الوجوب العلم، حيث يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على العالم بهما، وقادر على التشخيص والتمييز بين الأقوال والأفعال والممارسات السلوكية، ويجب على من له القدرة على التأثير، بأن يكون قوي النفس والإرادة، قوي البيان، وله قوة في شخصيته يستطيع من خلالها التأثير على الآخرين، بالقول والفعل، وبالإيحاء والتلقين لذا نجد أن على رأس الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر الأنبياء والأئمة والفقهاء، ومن له سلطة روحية أو مكانة اجتماعية مرموقة. وتتابع: ولا شك أنه لا يمكن لأي إنسان أن ينصب نفسه مسؤولاً عن مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود، فالله تعالى يقول: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ...)، «سورة البقرة: الآية 179»، وهذا الحد بالقصاص لا يكون إلا من خلال ولي الأمر أي الحاكم أو القاضي، أو من له سلطة.وتشير د. عفاف إلى أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكراً فليغيره» لا يعطي الحق لأفراد المجتمع أن يستخدموا العنف والإرهاب بينهم، بدعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.