الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان··· من النظام الرئاسي إلى الهاوية

أفغانستان··· من النظام الرئاسي إلى الهاوية
9 فبراير 2008 00:07
الوضع في أفغانستان آخذ في التدهور، فالإرهابيون يضربون في كابول، كما أن حملة الاغتيالات ضد المسؤولين المحليين، والمدرسين، والشخصيات الدينية في الأقاليم الجنوبية، أظهرت المدى الذي وصلت إليه قدرة طالبان، ودرجة الانكشاف الذي وصلت إليها الحكومة الأفغانية في الوقت الراهن؛ وكان رد الفعل على ذلك، من قبل الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأجنبية الداعمة لأفغانستان، هو الدعوة لإرسال المزيد من القوات الدولية، وإعادة التأكيد على التزامها بدعم حكومة الرئيس ''حامد قرضاي''؛ بيد أن المشكلة الأكبر التي تواجه أفغانستان في الحقيقة، هي أن دستورها الصادر عام 2004 غير ملائم وغير فعال، كما أن النظام الرئاسي الذي يجسده، لم يخدم البلاد بصورة جيدة· وقد حذر الكثير من المؤرخين والخبراء الدستوريين، أن مثل هذا النظام لن يكون صالحا للتطبيق في دولة مزقتها الحرب، ويوجد بها العديد من الانقسامات القبلية والإثنية مثل أفغانستان، فالنظام الرئاسي عادة ما يفرز العديد من الخاسرين الساخطين المصممين على تحدي أو تقويض الفائز، كما أنه يضع الكثير من السلطة والنفوذ في أيدي الفائز، مما يؤدي إلى نوع من الممارسة السياسية المشخصنة التي يقاتل فيها الساسة الأقل نفوذا وحجما بشراسة، من أجل التواجد بالقرب من الرئيس· والمفارقة في هذا الصدد، هي أن الصلاحيات الفعلية للرئيس في الواقع العملي، قد تكون أقل كثيرا مما هي عليه على الورق، في حين أن المسؤوليات الفعلية التي يضطلع بها، عادة ما تكون أثقل مما هي عليه على الورق، علاوة على أن توقعات المواطنين منه غالبا ما تكون غير واقعية؛ من الميسور للغاية خلق وظيفة لا يستطيع أحد أن يؤديها بشكل كافٍ، وهو تحديدا ما حدث مع الرئيس ''قرضاي''، فعلى الرغم من أنه رجل دمث الأخلاق وغير قابل للإفساد، إلا أنه أصبح يعاني من عزلة متزايدة عن شعبه، كما تعرض وضعه للتقويض على أيدي شركائه في الفرع التنفيذي، الذين يفتقرون إلى صفاته الشخصية، وبسبب تخصيصه للمناصب الوزارية على الفرقاء المختلفين، كجوائز سياسية وليس على أساس الاستحقاق؛ وكانت نتيجة كل ذلك، هي حكومة فاسدة تعاني من اختلال وظيفي، ويتم شغل الوظائف الرئيسية فيها، ليس على أساس الكفاءة وإنما على أساس اعتبارات أخرى، مثل الانتماء العائلي، أو القَبَلي أو العرقي، أو الحزبي؛ والرئيس قرضاي وكبار مستشاريه هم الذين يتحملون- وبشكل متزايد- اللوم على كل الإخفاقات التي تعرضت لها عملية التحول في أفغانستان، وكانت النتيجة هي أن النظام الرئاسي قد أصبح يتداعى تحت ثقل الأعباء التي يتوقع منه أن يتحملها· برلمان أفغانستان الذي يتكون من مجلسين، بعيد للغاية عن أن يكون برلمانا نموذجيا، إلا أنه وفر على الأقل منبرا لعدد من الأصوات التي كان يتعين سماعها، ومن سوء الحظ أن الفرع التنفيذي من الحكومة الأفغانية، لم ير سببا ملحا يدفعه لتنسيق أعماله ووظائفه مع الفرع التشريعي، بل إن ما حدث هو، أن العلاقة بين الفرعين قد وصلت إلى درجة كبيرة من التوتر لدرجة أن الرئيس ''قرضاي'' و''محمد يونس قانوني'' -رئيس المجلس الأدنى أو(مجلس ممثلي الشعب)- لا يتحدثان مع بعضهما منذ ستة أشهر· وإذا ما وضعنا في اعتبارنا ضعف بُنى الدولة- تاريخيا- في أفغانستان، في ظل العلاقات الدائمة التغير مع المجتمعات القبلية والإثنية المتماسكة، فإننا سندرك أنه ليس هناك من طريقة لخدمة أفغانستان أفضل من إقامة نظام حكومي برلماني أكثر استيعابا وتمثيلا لمختلف الفئات؟ وهذا النظام سوف يعني أن دور الرئيس سيكون بروتوكوليا وليس تنفيذيا، وأن وزراء الحكومة سيختارون من بين أعضاء مجلسي البرلمان، وهما مجلس ممثلي الشعب ومجلس الأعيان، كما سيعني إنشاء حكومات إقليمية ومحلية أقوى ستجعل المواطن الأفغاني يشعر بأنه مرتبط بالنظام السياسي؛ وهذا النظام سوف يضمن أيضا أن الحكومة ستكون لديها أغلبية برلمانية عاملة، ولديها القدرة على محاسبة الفرع التنفيذي· وما يحدث في الوقت الراهن، هو أن الرئيس قرضاي مسؤول أمام طائفة من المانحين الأجانب، وليس أمام المشرعين الأفغان المنتخبين، وهو وضع جعل الشعب الأفغاني متشككا ؟ عن حق- في التجربة الديمقراطية· نظرا لأن عددا من منافسي الرئيس ''قرضاي'' كانوا هم من دعوا إلى اعتماد النظام البرلماني، فإن ذلك كان سببا في أن أنصاره رفضوا هذه الفكرة وأعلنوا ازدراءهم لها، وهو ما يؤسف له في الحقيقة، لأن المسائل الدستورية التي تكون على هذه الدرجة من الأهمية يجب أن تتسامى عن اللغط والضجيج الذي يصاحب السياسة اليومية، وتحظى بما تستحقها من حسابات دقيقة وتفكير عميق· في التقاليد الأفغانية، كان المنبر الملائم للنظر في تغييرات على هذا المستوى هو مجلس ''اللويا جيرغا'' أو( المجلس الأعلى للقبائل الأفغانية)؛ ففي عام 2003 كان هذا المجلس قد وضع الترتيبات الدستورية الحالية، وفي الوقت الراهن هناك حاجة ماسة لـ''لويا جيرغا'' آخر لإصلاح تلك الترتيبات؛ وعلى الرغم من أن ذلك قد يكلف السيد ''قرضاي'' منصبه، إلا أنه يمكن أن يكون في نفس الوقت وسيلة ناجعة لإنقاذ البلاد من الهاوية التي توشك أن تتردى فيها· أمين سايكال رئيس مركز الدراسات العربية والإسلامية بالجامعة الاسترالية الوطنية ويليام مالي مدير كلية آسيا- الباسيفيكي للدبلوماسية بالجامعة الاسترالية الوطنية ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©