في المنطقة المخصصة للجماهير بوسط العاصمة الالمانية برلين يتزاحم الالاف من مشجعي كرة القدم على الاكشاك الصغيرة التي تبيع الهدايا التذكارية والجعة والمأكولات الشعبية· ولكن في خضم كل ذلك ثمة مكان واحد يسوده الهدوء التام بعيد عن هذا الصخب·
فالكشك العملاق التابع لشركة البطاقات الائتمانية ''ماستر كارد'' يخلو من الزبائن تماما حتى أن ذلك الشاب الواقف خلف طاولة الاستقبال يبدو وكأنه نائم برغم أن عينيه مفتوحتان بينما يأتي أحد الصحفيين لطرح بضعة أسئلة عليه· فيعترف الشاب ''نعم إن الاجواء هادئة ·· فلا أحد يأتي لمنطقة الجماهير للبحث عن خدمات مالية''·
ولكن لا يوجد داع للقلق على استثمارات ''ماستر كارد'' فهذه الشركة العالمية لم تدخل مجال رعاية بطولة كأس العالم لتبيع بطاقاتها الائتمانية للجماهير الثملة· ولكنها ترى علاقتها بأكبر حدث رياضي جماهيري على سطح الارض سبيلا لتعزيز اسمها أمام أكبر حشد جماهيري في العالم· حيث يقدر عدد الجماهير المتابعة لبطولة كأس العالم بنحو ثلاثة مليارات نسمة مما يجعل من بطولة كأس العالم الحدث صاحب أكبر نسبة مشاهدة جماهيرية على الاطلاق·
وحسبما أفاد تقرير لشركة الابحاث الرياضية ''تي إن إس سبورت'' بدأت ال770 مليون دولار التي دفعها رعاة بطولة كأس العالم الرسميين ال15 في جني أرباح مضاعفة لهذا المبلغ· فعلى سبيل المثال وجدت وحدة ''مراقبة كأس العالم'' بالشركة إن 70 في المائة من الالمان يربطون الرعاة الرسميين أمثال ''ماستر كارد'' و''كوكا كولا'' ببطولة كأس العالم مع توقع زيادة هذه النسبة مع التقدم في مراحل البطولة·
ومع هذه الارقام لم يكن غريبا أن تسعى الشركات المنافسة للدخول في هذا المجال أيضا· فقد ذكرت صحيفة ''بلومبرج نيوز'' أن شركة ''فيزا'' للخدمات المالية توصلت مؤخرا لاتفاق مع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لرعاية بطولة كأس العالم المقبلة في 2010 بجنوب أفريقيا مقابل 200 مليون دولار· حيث خسرت ''ماستر كارد'' الدعوى القضائية التي رفعتها على الفيفا للاحتفاظ بحقوق رعاية البطولة العالمية والتي تمتلكها منذ عام ·1990
ومن المنتظر أن ترفع الفيفا قيمة حقوق الرعاية الرسمية لكأس العالم إلى 5ر1 مليار دولار بحلول عام 2010 مما يجسد مكانة تلك البطولة كونها واحدة من بين أحداث قليلة قادرة على تجاوز الاختلافات العرقية والثقافية والعمرية للوصول إلى جمهورها العالمي·
وتعاقدت الفيفا مع ستة رعاة عالميين حتى عام 2014 فإلى جانب ''فيزا'' ستدفع شركة ''أديداس'' للملابس والمستلزمات الرياضية 350 مليون دولار وشركة ''سوني'' 305 ملايين دولار وشركة ''طيران الامارات'' 195 مليون دولار· بينما لم يعلن عن قيمة المبلغ الذي ستدفعه شركة ''هيونداي موتورز''·
أما شركة ''كوكاكولا'' للمشروبات الغازية فقد دفعت 500 مليون دولار للاحتفاظ بحقوق الرعاية حتى عام 2020
ويقول سكوت ماكيون مراقب صفقات الرعاية الرياضية بكوكا كولا ''إن الالعاب الاوليمبية وكأس العالم هما الشيئان الوحيدان اللذان يمثلان ملكية لكل العالم·· فالناس تهتم بهما فعلا''·
ويتفق مع هذا الرأي توني بونتورا الذي يشغل المنصب نفسه بشركة ''أنهويزر بوش'' لتصنيع البيرة كطريقة للوقوف وسط عالم الاعلام المزدحم· ويقول بونتورا ''إننا نعيش في عالم ضوضائي والبطولات الرياضية تستطيع اختراق ذلك''·
ولكن الامر لا يتوقف على الفيفا ورعاتها الرسميين وحسب في جني الثروات من وراء بطولة كأس العالم· فقد أكدت شركة البحوث ''سبونسر كليك'' أن قيمة التسويق الرياضي تصل حاليا إلى 43 مليون دولار سنويا أي ضعف المعدل الذي كانت عليه قبل سبعة أعوام· كما تتمتع ألمانيا الدولة المضيفة لكأس العالم بانتعاشة اقتصادية بفضل البطولة· حيث يتوقع قدوم نحو مليون زائر إضافي للبلاد خلال البطولة بينما ينتظر أن تؤدي التغطية الايجابية لالمانيا عبر العالم إلى انتعاش السياحة بالبلاد على المدى الطويل·
ويتوقع الخبراء الاقتصاديون زيادة النمو الاقتصادي الالماني بنسبة 5ر0 في المائة هذا العام مع زيادة قيمة مبيعات التجزئة بمبلغ 5ر2 مليار دولار وزيادة الاعمال الفندقية بنحو 700 مليون دولار· وإجماليا تتوقع غرف التجارة المحلية زيادة النمو الاقتصادي بالبلاد بنحو خمسة مليارات دولار·
عدد اليوم
