الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحزب الشيوعي الصيني... وأسئلة المستقبل

3 يوليو 2011 22:52
هل تريدون أن تعرفوا ماذا يجري هذه الأيام داخل خلية للحزب الشيوعي في الصين؟ الحقيقة ما يجري هو الكثير من الأسئلة والاستفهامات، إذ يجتمع أعضاء الخلية مرة كل شهر في شقة أحدهم لمناقشة المشاريع التطوعية مثل جمع المال لضحايا الزلزال والحد من عمليات السرقة التي تحدث في الأحياء، كما يخططون للقيام برحلات إلى بعض المناطق مثل الرحلة التي قاموا بها في الأسبوع الماضي إلى الملعب الأولمبي لحضور حفل إحياء الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي. لكن الاحتفال بمرور 90 عاماً على قيام الحزب الحاكم في الصين لم يمر هذه المرة دون إثارة بعض الأسئلة الحائرة المرتبطة بمستقبله، إذ كيف لحزب قائم على أيديولوجية ولدت من رحم الصراع الطبقي الذي شهدته أوروبا في القرن التاسع عشر أن يحافظ على راهنية في القرن الحادي والعشرين؟ وبالإضافة إلى قدرته على الاستمرار بعدما بلغ من العمر تسعين عاماً، وعن هذا الموضوع يقول "وان كزيانفينج"، أحد أعضاء الخلية الذي يحضر اجتماعاتها بانتظام والبالغ من العمر 56 عاماً "لا نتحدث أبداً عن الماركسية، أو عن "ماو" خلال اجتماعاتنا، بل نقصر حديثنا على القضايا العملية". وفيما كان "وان" يستضيف باقي أعضاء الخلية في شقته ويدعوهم للغداء وسط الضجيج المنبعث من شاشة التلفزيون المسطحة التي يملكها، كان باقي الكوادر يناقشون بنوع من القلق مستقبل الحزب الذي كرسوا له حياتهم طيلة السنوات الماضية. فخلال الشهور الأخيرة بدا الانزعاج واضحاً على الحزب الشيوعي بسبب ما تشهده منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من موجات احتجاجية مطالبة بالديمقراطية، والتي تزامنت في الصين مع انفجار سلسلة من فضائح الفساد تورط فيها أعضاء بارزون في الحزب الشيوعي. ففي الشهر الماضي كشف تقرير سري تسرب من البنك المركزي الصيني أنه منذ التسعينات هرب ما لا يقل عن 18 ألفاً من كوادر الحزب إلى الخارج ومعهم ما يفوق 123 مليار دولار من الأموال المنهوبة، وهو ما اعترف به رئيس البلاد نفسه، الذي أكد في خطابه المتلفز يوم الجمعة الماضي تخليداً لذكرى تأسيس الحزب الشيوعي بأن "الحزب بات مدركاً لخطورة وجسامة آفة الفساد التي ظهرت بعد كل هذه المدة التي قضاها الحزب في السلطة". ويصل عدد الصينيين المنتمين إلى الحزب الشيوعي إلى ما يقارب 80 مليون نسمة أي بمعدل صيني واحد بين كل 12 صينياً، لكن وفيما كان الحزب يضم في السابق الطبقات المسحوقة في الصين مثل المزارعين والعمال أصحاب الياقات الزرقاء، بات يستقطب اليوم طلبة الجامعات أصحاب الدرجات العليا، وهو ما يرجعه العديد من المراقبين إلى رغبة النخب الجديدة، ومن بينها الطلاب في تأمين وظائف مرموقة ضمن الشركات التابعة للدولة. هذا الانفتاح الحزبي على نخب جديدة، تنظر إليه "زاو كزاوميينج"، التي قضت حياتها مناضلة في الحزب بنوع من التشكك قائلة: "لقد كان الحزب في الماضي يستقطب فقط أفضل العناصر الموجودة، لكن اليوم ينضم الشباب لتأمين مستقبلهم ولما يعتبرونه الطريق الأسهل للحصول على وظائف في شركات الدولة المزدهرة". وتضيف المناضلة القديمة أنه أحد أسعد أيامها كان في سن الثالثة والعشرين عندما رفعت يدها اليمنى لتؤدي قسم الانضمام إلى الحزب الشيوعي، الذي جاء فيه بأنها مستعدة "للتضحية بنفسها وبوقتها وتكريس كل حياتها من أجل تحرر الإنسانية". وفي تلك الفترة كانت معايير الالتحاق بالحزب صارمة، بحيث كان على المناضلين العمل الإضافي دون انتظار تعويضات. وقد أظهرت "زاو" شغفاً حقيقياً بالحزب، وتفانتْ في خدمته إلى درجة أن رفاقها كانوا يلقبونها بالبلشفية، لكن عندما حملت بابنها الثاني وتعذر عليها الإجهاض بسبب مسؤوليتها الكثيرة طردها الحزب بعد الوضع لإخلالها بمسؤولياتها تجاهه. ورغم نشاطها المستمر في صفوف الحزب بعد ثلاثة عقود من طردها، فإن ابنيها يظلان بعيداً عنه ولا تبذل جهداً في إقناعهما بالانضمام، مفسرة ذلك بقولها "لقد تغير الزمن". هذا التفاني في خدمة الحزب الشيوعي يؤكده أحد أفراد الخلية المجتمعين، وهو "ما جيانينج"، البالغ من العمر 56 عاماً، قائلاً: "إن الأعضاء القدامى في الحزب لم يكونوا ليتأخروا عن خدمته مهما تطلب الأمر، وإذا حصل شيء كانوا يتسابقون إلى خط الجبهة، لكن اليوم الشاب أسرع إلى الهرب وعدم التضحية". "جيانينج" أكد أن الحزب حقق إنجازات مشهودة للصين، "فقد أبعد عنا الحرب والمجاعة، كما أن الشعب الصيني في هذه المرحلة يبدو راضياً عن وضعه الاقتصادي"، لكن عندما يبرز سؤال المستقبل ودور الحزب الشيوعي في رسمه، لا أحد يستطيع الإجابة. ورغم الاستغراب الذي أثارته تصريحات رئيس الوزراء "وين جيبابو" في السنة الماضية عندما عبر عن حاجة الصين إلى مزيد من الديمقراطية، يتفق المناضلون القدامى مع هذا الطرح مطالبين بأحزاب جديدة لضمان تطور الصين واستمرارها. باربرا ديميك - بكين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم سي تي إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©