الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين.. سقف الصعود بلا حدود

25 أكتوبر 2017 22:52
لا يوجد مكان أبعد من أن يصل إليه الرئيس الصيني شي جينبينج الذي يجوب العالم كله. ولا يوجد مكان أصغر من أن يهتم به الرئيس الصيني أيضاً. فقد سافر شي إلى جزر فيجي الصغيرة للغاية في المحيط الهادي، وتجول في الدول المجاورة في وسط آسيا، وأعرب عن اهتمامه بقارة أنتركتيكا القطبية بزيارة إلى «تسمانيا» قبالة الساحل الجنوبي لأستراليا. وخلال الشهر الجاري، أرسل أيضاً سفناً حربية صينية لترسو قبالة لندن، ليذكرنا بمدى التغير الحاصل في السياسة الدولية منذ دبلوماسية السفن الحربية البريطانية التي أهانت الصين في القرن التاسع عشر. ويتحدث شي عن رؤية إحياء الأمة في المؤتمر الحالي للحزب الشيوعي الذي يتوقع أن يمنحه فترة ولاية ثانية مدتها خمس سنوات مقبلة. ويطمح إلى أن تستعيد بلاده مكانة يرى أنها جديرة بها كقوة عالمية. وفي هذا السياق يعتقد «شي ينهونج»، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة رينمين الصينية، أن «دبلوماسية الرئيس شي الجريئة نابعة إلى حد كبير من طموحاته وقناعاته، والمقتضيات الاستراتيجية أيضاً». وقد نجح شي أحياناً في تقديم الصين في صورة القوة الجاهزة لتقدم المشهد حين تتراجع واشنطن مثل دفاعه عن العولمة في منتدى «دافوس» الاقتصادي، وتأييده لاتفاق باريس لتغير المناخ. ويؤكد هذا الأكاديمي الصيني أن نهج الرئيس الأميركي دونالد ترامب السلبي تجاه حرية التجارة وتغير المناخ قد عزز فرص الرئيس شي في الاضطلاع بدور أكبر على المسرح العالمي. ولكنه يرى أيضاً أن جهود الصين للتأثير على الرأي العام والسياسة في الدول الأخرى هي امتداد طبيعي لمكانتها المتصاعدة في العالم، وليس فقط نتيجة للقيادة الراهنة فحسب. وأضاف أن لدى الصين الآن أوراق قوة أكبر الآن وطموحات أكبر أيضاً. وكان الزعيم الأسبق «دينج زياو بينج»، مهندس الإصلاح الاقتصادي في الصين، قد أرسى سياسة عدم الظهور بقوة على المسرح الدولي، وانتظار الوقت الملائم. ولعل شي يتخلى عن هذا النهج أكثر من سابقيه. وقد حقق بالفعل نجاحاً ملحوظاً في توسيع نفوذ الصين ليس فقط في آسيا، بل أيضاً في أفريقيا وأوروبا وأميركا الجنوبية. واستفاد خاصة من انتخاب ترامب الذي يسّر عليه مهمة تقديم الصين باعتبارها بديلاً مستقراً ومسؤولاً عن الولايات المتحدة المتقلبة والمنكفئة على ذاتها. ولكن هناك أيضاً مؤشرات على وجود مقاومة في أنحاء مختلفة من العالم تثير تساؤلات عن مدى احتمال استمرار نجاح مسعى الصين. وهذه المقاومة تبرز التحديات التي قد يواجهها شي في فترة الولاية الثانية مع سعيه لتطبيق نهجه الجسور في السياسة الخارجية. وفي أستراليا مثلاً، تشعر الحكومة بالضيق مما تعتبره تدخلاً من الصين في السياسة الداخلية. وفي أوروبا أيضاً يقرع سياسيون أجراس التنبيه من تجارة الصين التي يقولون إنها تستهدف فقط الحصول على التكنولوجيا الأجنبية. وفي جنوب شرق آسيا وأفريقيا هناك مخاوف من حقبة جديدة من النفوذ الصيني. وعلاقات الصين مع قطبين إقليميين كبيرين، هما اليابان والهند، ما زالت متوترة حتى الآن. ويواجه شي كذلك وضعاً صعباً بشكل استثنائي في شبه الجزيرة الكورية، حيث تتحداه الكوريتان على حد سواء. فإحداهما تبني ترسانة نووية، والثانية تنشر نظاماً دفاعياً صاروخياً أميركياً. وفي ألمانيا، أدت الزيادة الكبيرة في الاستثمارات الصينية إلى شكاوى من أن الصين تغلق أسواقها في الوقت الذي تشتري فيه بكثافة من الخارج وخاصة شركات التكنولوجيا المهمة. وبعض الساسة هناك يبحثون خيارات للرد. وتوجد أيضاً مخاوف من أن تحاول الصين تفرقة صفوف الاتحاد الأوروبي إزاءها باستمالة دول فقيرة مثل المجر واليونان واستخدامها لعرقلة سياسات قد تضر ببكين تدعمها الدول الأغنى في الاتحاد. وتواجه القوى الصاعدة دوماً مقاومة. وفي حالة الصين، فليس مصدر المعارضة هو الغرب وحده ولكن أيضاً بعض دول الجوار التي ما زالت تتذكر نظام الجباية الذي كان معمولاً به في ماضي الصين. وبعض هذه الدول قلقة أيضاً من النظام السياسي الشيوعي رغم تبنيه الرأسمالية قبل عقود. صحيح أن شي حقق تقدماً في جنوب شرق آسيا، وكسب نفوذاً في ميانمار وماليزيا وتايلاند. ولكن تعزيز العلاقات مع زعيمة ميانمار أونج سان سوكي قد يواجه عدم ثقة عميقاً من شعب ميانمار نفسها تجاه الصين. وفي ماليزيا، قوبلت استثمارات بكين في البنية التحتية أحياناً باتهامات وهواجس داخلية معارضة. وفي تايلاند، توقف العمل في مشروع للسكك الحديدية مهم لطريق تجارة جديد من جنوب الصين. وحتى في الفلبين التي عزز فيها الرئيس رودريجو دوتيرتي علاقاته ببكين ونأي بنفسه عن الولايات المتحدة، لم تحرز الصين هناك انتصاراً كاملًا. فالطائرات بلا طيار وطائرات التجسس الأميركية أكثر حسماً في معركة دوتيرتي ضد المتطرفين من البنادق التي تبرعت بها الصين. ولكن في كلمة، الأسبوع الماضي، لم يبد شي أي تغيير في سياسته الخارجية، وأشار إلى حرص أكبر على بلوغ الصين العظمة العالمية التي يبتغيها، وذلك بمزيد من الإنفاق على الجيش، والمزيد من الإنفاق أيضاً على برنامجه لإقامة مشروعات البنية التحتية في الخارج، وفي مقدمتها مبادرة «حزام واحد وطريق واحد» التي يعتبرها وسيلة لكسب الأصدقاء حول العالم. رئيسة مكتب «نيويورك تايمز» في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©