الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أربعة عوامل لضمان حل مستدام لتحديات الطاقة

21 يناير 2014 23:05
لا يقتصر مفهوم الاستدامة على اعتماد أحدث تقنيات تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة، أو الاستعانة بمصادر الطاقة المتجددة، فتطبيق مبادئ الاستدامة مسؤولية يومية تقع على عاتق كل فرد، وتدور حول ضرورة تغيير سلوكياتنا، وطريقة تفكيرنا للحد من استهلاك المياه والطاقة، وبهذا نساعد في التحكم بمستويات التلوث والانبعاثات الغازية. وهنا تكمن أهمية «أسبوع أبوظبي للاستدامة» المنعقد حالياً، فهو عبارة عن منصة تفاعلية للحوار والتعاون الدولي، وفرصة ثمينة لإحراز تقدم حقيقي في معالجة القضايا المُلّحة في مجالات الطاقة والمياه والبيئة. وغالباً ما تتم مناقشة مفهوم الاستدامة في سياق المواضيع المرتبطة بالطاقة، وعلى الرغم من أن الطاقة المستدامة أمر ضروري وحيوي، إلا أن المفهوم العام للاستدامة يحمل في طياته معاني أوسع من ذلك بكثير، فهو يشير إلى أسلوب إدارة أعمالنا على المدى الطويل، والاستثمار في الإنفاق الاجتماعي، والتخطيط للمستقبل، وهو ما يتطلب رؤية بعيدة المدى وقيادة حكيمة ومشاركة واسعة من الجمهور. لقد أصبح جليّاً أننا لا نستطيع الاستمرار في استنزاف موارد كوكبنا، وفقاً للمعدلات الحالية. والحقيقة أن تزايد الطلب على الطاقة ينمو أسرع بثلاث مرات من تزايد عدد سكان العالم، وإذا ما استمرت نسبة النمو على هذه الوتيرة، فإن الطلب على الطاقة بحلول العام 2030 سيكون أعلى بثلثين مما هو عليه حالياً. وفيما نسعى لمواكبة هذا النمو، نواجه تحديات عديدة، لعل أهمها ضرورة تلبية الطلب المتزايد على الطاقة من قبل المنازل والمصانع والبنية التحتية لوسائل النقل، وضرورة خفض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون. وأعتقد بأن إيجاد حل مستدام لتحديات الطاقة يعتمد على أربعة عناصر رئيسية تشمل توليد الطاقة بطرق صديقة للبيئة، ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية بطرق أكثر فاعلية، وتعزيز كفاءة استهلاك الطاقة من خلال تغيير نمط سلوكنا واستخدامنا للتقنيات، وأخيراً ضرورة وجود قيادة سياسية حكيمة وسياسات واقعية. ويجب علينا إحراز تقدم ملموس في كل مجال من هذه المجالات. سيبقى الفحم والغاز من أهم مصادر الطاقة في المستقبل المنظور، ويكمنُ التحدي الذي يواجهنا هنا في إنتاج هذه الطاقة بطريقة صديقة للبيئة وتعزيز كفاءة استخدامها، وبالإمكان تحقيق معدلات توفير كبيرة من خلال تحديث وتطوير محطات توليد الطاقة الحالية العاملة على الغاز والفحم. وتُعد دورة الطاقة المدمجة من التقنيات التي ستتزايد أهميتها في السنوات المقبلة لأنها تتيح خفض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون بشكل كبير. وتعتبر الطاقة المتجددة من المكونات المهمة لمزيج الطاقة المستقبلي، ورغم ارتفاع كلفة الاستثمارات الأولية في البنى التحتية وتقنيات الطاقة المتجددة، إلا أن الفوائد المترتبة على المدى الطويل ستكون لصالح البيئة ورفاهية نمط الحياة. أما العنصر المهم الثاني، فيتمثل في كفاءة نقل وتوزيع الطاقة، فسواءٌ تم توليد الطاقة من محطات الرياح أو المحطات التقليدية أو أي مصدر آخر، فإن هذه المصادر والمحطات بالتأكيد لا تقع في المكان الذي يكون بأمَسّ الحاجة إلى الطاقة، وهو ما يشير إلى حاجتنا لوجود حلول نقل ذات كفاءة عالية لنقل الكهرباء، مثل خطوط نقل تيار الجهد العالي «HVDC» التي تقوم بنقل الكهرباء بفاقد لا يتعدى الـ 5?، وهو إنجاز متميز ينعكس على خفض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون. وقد تم وضع هذه التقنية قيد الاستخدام في الصين حالياً، وهي تقوم بربط محطات توليد الطاقة الكهرومائية الموجدة في مقاطعة يونان مع مدينتي غوانغتشو وشنتشن اللتين تقعان على بعد 1400 كيلومتر. أما العنصر الثالث، فهو تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة التي ننتجها. وهنا تلعب التقنيات دوراً رئيسياً وفاعلاً، فأنا من أشد المؤمنين بقدرات التقنية والابتكار، إذ تقف ألمانيا ممثلة بشركة «سيمنس» باستمرار في طليعة البلدان ذات الابتكارات التي من شأنها تعزيز مفهوم الاستدامة. ويجب إدارة استهلاك الطاقة من خلال الاستعانة بشبكة توزيع ذكية، وذلك عندما يتعلق الأمر بالمناطق ذات الكثافة السكانية العالية، فتقنيات الشبكة الذكية تسمح بدمج الطاقة المتجددة مع الشبكة، بالإضافة إلى العديد من مصادر الطاقة، بحيث تساعد على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة دون الحاجة إلى إضافة أي طاقات إضافية، وذلك من خلال تحقيق التوازن بين توريد الطاقة والطلب عليها. وتجدر الإشارة أن تقنيات المباني قد شهدت تقدماً كبيراً، ولعل أفضل مثال على ذلك، المقر الجديد لشركة «سيمنس» في مدينة «مصدر»، فهذا المبنى الذي تبلغ مساحته حوالي 18 ألف متر مربع سيحتضن 800 موظف من الشركة، فضلاً عن أنه سيكون المبنى المكتبي الأول على مستوى إمارة أبوظبي الحائز على شهادة «LEED» البلاتينية للمباني الخضراء. فتقنيات المبنى المستدامة تتضمن نظاماً متطوراً لإدارة المباني «BMS»، يقوم بتعزيز كفاءة البصمة الكربونية بنسبة 50 بالمائة مقارنةً بغيره من المباني المماثلة في دولة الإمارات. كما يتطلب المبنى احتياجات أقل من الطاقة بنسبة 65?، إذ إن تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة يُعتبر مطلباً ضرورياً في دولة الإمارات، إذ يتم استهلاك 70? من الطاقة في المباني التجارية والسكنية، ومعظمها يُستهلك من أجل تكييف الهواء. وتشكل زيادة كفاءة التقنيات المستخدمة في وسائل النقل والمواصلات عاملاً مهماً أيضاً. فعلى سبيل المثال، تقوم مدينة الرياض حالياً ببناء أكبر مشروع لخطوط سكك مترو الأنفاق في العالم، ويضم ستة خطوط بطول إجمالي يبلغ 175 كيلومتراً. وحالما يتم إنجاز هذا المشروع ستُقدم هذه الشبكة من السكك حلولاً مستدامة للحركة المرورية داخل المدينة، والتي اعتمدت حتى الآن على الحافلات العاملة بالديزل. إن تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة يعتمد بالدرجة الأولى على طريقة تفكيرنا وسلوكنا، فنحن نعلم أنه لا يوجد شيء بلا مقابل، حيث يجب على الناس إدراك أن حكوماتهم تعتمد على موارد محدودة ستنفد يوماً ما. ولا يشكل دعم تكاليف الطاقة والمياه حلاً مستداماً سيما وأنه لا يساعد على ترشيد الاستهلاك. إننا بحاجة إلى تثقيف الناس منذ الصغر حول أهمية الحفاظ على الطاقة خلال حياتهم اليومية، بما يساعدهم على تطوير عادات يومية بسيطة مثل إطفاء الأنوار عند مغادرة الغرف، وتقليل الاعتماد على تكييف الهواء، واستهلاك كميات أقل من المياه. وبطبيعة الحال، لن نكون قادرين على إحراز أي تقدم نحو مستقبل أكثر استدامة دون قيادة سياسية حكيمة، ومبادرات واقعية. وفي هذا السياق، تُعد «رؤية أبوظبي 2030» مثالاً حياً ومتميزاً على الخطط الواقعية والمستدامة طويلة المدى، حيث يتطلب إنجاح مثل هذه الخطة تعاوناً مبنيًا على شراكات قوية. وتسعى شركة «سيمنس» للمساهمة في تحقيق «رؤية أبوظبي 2030»، فنحن نتشارك مع حكومة أبوظبي في الرؤية المتعلقة بإيجاد فرص أفضل لحماية مناخنا، وضمان إمدادات الطاقة، وتعزيز التنمية الاقتصادية، وتمكين الناس من تحسين مستوى معيشتهم ونمط حياتهم. ونحن متفائلون بقدرتنا على تحقيق هذه الأهداف من خلال العمل المشترك وتسخير أفكارنا وإبداعاتنا وتبادل المعلومات. كما تلعب الفعاليات المهمة مثل «أسبوع أبوظبي للاستدامة» دوراً مُهمًا في تسريع تحقيق هذه الأهداف، وأتطلع إلى أن يكون الأسبوع ناجحاً ومثمراً في هذا المجال الحيوي. جو كايسر الرئيس والمدير التنفيذي لشركة «سيمنس آيه جي»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©