الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعاون على البر والتقوى واجب شرعي

19 يوليو 2014 00:57
خلق الله تعالى الإنسان ضعيفاً، محتاجاً إلى أن يتعاون مع غيره حتى تستمر الحياة، فلا تقوم حياة الناس إلا بتعاونهم فيما بينهم على البر والتقوى. ويقول الدكتور عبدالحكم الصعيدي - الأستاذ بجامعة الأزهر: التعاون هو مساعدة الناس بعضهم بعضاً في الحاجات وفعل الخيرات، وهو من ضروريات الحياة، إذ لا يمكن للفرد أن يقوم بكل أعباء هذه الحياة منفرداً. قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «من كان معه فضل ظهر فلْيعُدْ به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فلْيعُدْ به على من لا زاد له». وحث النبي صلى الله عليه وسلم على معونة الخدم، فقال: «ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم، فإن كلَّفتموهم فأعينوهم»، وقد جعل الله التعاون فطرة في جميع مخلوقاته، حتى في أصغرهم حجماً، كالنحل والنمل وغيرها من الحشرات، فنرى هذه المخلوقات تتحد وتتعاون في جمع طعامها، وتتحد كذلك في صد أعدائها. والإنسان أولى بالتعاون لما ميزه الله به من عقل وفكر، وحينما يتعاون المسلم مع أخيه يزيد جهدهما، فيصلان إلى الغرض بسرعة وإتقان، لأن التعاون يوفر الوقت والجهد. والتعاون بين المسلمين أمر جلل، وقد أوجبه الله تعالى، وجعل به قيام دين الناس ودنياهم، وقد جاء وصف المسلمين - إن هم حققوا هذا التعاون - بأنهم بنيان مرصوص، وأنهم جسد واحد، وكل ذلك يؤكد أن التعاون بينهم والتضامن والتكاتف أمر لا بدَّ منه، وهو يشمل جوانب كثيرة في حياة المسلمين تجمعها كلمتا «البر» و«التقوى»، كما قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، «سورة المائدة: الآية 2»، وهما كلمتان جامعتان لجميع خصال الخير، من الاعتقاد، والسلوك، والأحكام، وغيرها. ومن المعلوم أنه لا يتم أمر المسلمين فيما بينهم، ولا تنتظم مصالحهم، ولا تجتمع كلمتهم، ولا يهابهم عدوهم إلا بالتضامن الإسلامي، الذي حقيقته التعاون على البر والتقوى والتكافل، والتعاطف، والتناصح والتواصي بالحق والصبر، وهذا من أهم الواجبات الإسلامية والفرائض اللازمة، وقد نصت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على أن التضامن بين المسلمين - أفراداً وجماعات حكوماتٍ وشعوباً - من الضروريات ومن الواجبات التي لابد منها لصلاح الجميع وإقامة دينهم وحل مشاكلهم، وتوحيد صفوفهم، وجمع كلمتهم ضد عدوهم المشترك. والنصوص الواردة في هذا الباب من الآيات والأحاديث كثيرة جدّاً، وهي وإن لم ترد بلفظ التضامن فقد وردت بمعناه، وما يدل عليه عند أهل العلم والأشياء بحقائقها ومعانيها، لا بألفاظها المجردة، فالتضامن معناه التعاون والتكاتف والتكافل، والتناصر، والتواصي وما أدى إلى هذا المعنى من الألفاظ، ويدخل في ذلك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله سبحانه وإرشاد الناس إلى أسباب السعادة والنجاة، وما فيه إصلاح أمر الدنيا والآخرة، ويدخل في ذلك تعليم الجاهل وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم ورد الظالم عن ظلمه، وإقامة الحدود وحفظ الأمن والأخذ على أيدي المفسدين المخربين، وتسهيل التعاون بين المسلمين في كل ما يحفظ الحق ويقيم العدل وينشر الأمن والسلام في كل مكان. ويضيف د. الصعيدي: ومما ورد من الأحاديث الشريفة في التضامن الإسلامي، الذي هو التعاون على البر والتقوى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»، وقوله -صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه»، وقوله - صلى الله عليه وسلم: «مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر». وهذه الأحاديث وما جاء في معناها تدل دلالة ظاهرة على وجوب التضامن بين المسلمين والتراحم والتعاطف والتعاون على كل خير. وعلى المسلمين أن يبذلوا من الوسائل ما يمكنهم من تحقيق هذه الأوجه من التعاون، من تأسيس جمعيات، أو هيئات، أو مراكز دعوية، أو حلقات قرآنية، وغير ذلك، ما يساهم في تجميع الجهود، وترتيبها، وعلى المسلمين أن يمدوا لهم يد العون، ويبذلوا من أوقاتهم وأموالهم ما يساهم في بناء صروح التعاون على البر والتقوى، ولا يعدم المسلم أن يجد شيئاً يقدمه لإخوانه، ويعينهم على ما يحتاجون إليهم لدينهم ودنياهم. (القاهرة - الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©