الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أصحاب الحجر استحقوا العذاب بفسادهم في الأرض

19 يوليو 2014 00:57
«أصحاب الحجر»، قوم عصاة عاشوا مرفهين في بلدة تدعى «الحجر» أو حجر ثمود، في الطريق من خيبر إلي تبوك، وتعرف باسم «وادي القرى»، وفيها بقايا آثار يطلق عليها الآن «مدائن صالح»، أصحاب الحجر، هم ثمود قوم النبي صالح عليه السلام، كانوا ينحتون بيوتهم في الجبال، يشقون الصخر، ويجعلون منه مساكن وبيوتاً لهم آمنين، مقدرين إن الأمن مستمر لهم إلى الأبد، وهؤلاء، الذين يسمونهم العرب البائدة، الذين بادوا ودرست آثارهم، ولم يبق منهم شيء. والحجر فهو اسم المنطقة التي بعث فيها النبي صالح لهداية أهلها، فسموا بها، وقد لبث فيهم يدعوهم إلى الله مئة وست عشرة سنة، لم يؤمن به خلالها أكثر من سبعين، فكذبوا صالحاً وجحدوا ما جاء به وأنكروه. وقد أخبر القرآن عن قوم نحتوا الجبال بيوتاً في زمن لم يكن أحد لديه علم بهذا الأمر، ولم تكن مثل هذه المدن الأثرية مكتشفة بعد، والمدينة التي تميزت بقدرة سكانها على نحت الحجارة بدقة عالية، أفسد أهلها في الأرض واستكبروا فأهلكهم الله بذنوبهم، ويقول الباحثون إن حضارة هذه المدينة تميزت بالازدهار والرخاء والغنى وامتلاكهم الكثير من الثروات فعاشوا حياة رفاهية. ذكر الله تعالى قصتهم في أكثر من موضع من القرآن الكريم، في سور الأعراف وهود والحجر والشعراء وغيرها، ويقول القرآن الكريم عنهم: (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ* وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ* وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ* فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ* فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، «سورة الحجر: الآيات 80 - 84». أعرض أصحاب الحجر بسبب عدم استعدادهم لسماع الآيات والتفكر بها، أنهم كانوا من الجد والدقة في أمور معاشهم وحياتهم الدنيوية، ينحتون من الجبال بيوتا ليأمنوا من السيول والزلازل، بالإضافة إلى ما توصلوا إليه من مدنية متقدمة. وذكر تعالى أنه آتاهم من الآيات ما يدلهم على صدق ما جاءهم به صالح، كالناقة التي أخرجها الله لهم من صخرة صماء فكانت تسرح في بلادهم، لها شرب ولهم شرب يوم معلوم. فلما عتوا وعقروها قال لهم، (... تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ)، «سورة هود: الآية 65»، طالب جماعة من القوم أن يخرج لهم ناقة من بطن الجبل ليتبين لهم صدق دعواه، فإن كان نبيا استجاب الله دعوته، فتوجه إلى الله وسأله، فخرج صوت رهيب من الجبل، وخرجت ناقة عظيمة من صخرة صماء، قيل إنها كانت تعادل في ضخامتها عشرات النوق، وكانت الناقة لا تؤذي شخصاً ولا حيواناً ولا زرعاً ولا شيئاً، تأكل من حشائش الأرض حتى إذا وصلت زرع الناس لم تنل منه، ولا تطأ في سيرها زرع أحد رغم ضخامتها، تتحاشى ذلك في مشيها وسيرها، تشرب في اليوم ماء القرية بأكمله، وتدع اليوم الذي يليه لأهلها، فكان لها شرب ولهم شرب يوم معلوم، وتعطي الحليب كل يوم بمقدار الماء الذي شربته، وتلك معجزة أخرى. أعرض أصحاب الحجر عن الآيات كلها وقرروا قتل الناقة بزعم أنها تحرمهم من الماء يوماً كاملاً، مع أنهم يستفيدون من حليبها، ووعظهم نبيهم بأن عقر الناقة سينزل عليهم عذاباً من عند الله، فلم يبالوا بالتحذيرات، وعقروا الناقة، عقرها أشقاهم، ثم تقاسموا لحمها بينهم، أخبرهم نبيهم أن الله سينزل عليهم العذاب بعد ثلاثة أيام، ومع أن هؤلاء القوم كذبوا المرسلين واستمروا في تكذيبهم حتى بعد نزول الآيات، إلا أن الله برحمته يمهلهم ثلاثة أيام، عسى أن يتوبوا فيعفو عنهم ويقبلهم، ولكنهم لم يرجعوا، فأنزل الله عليهم صيحة قضت عليهم وأصبحوا في ديارهم جاثمين، ولم تغن عنهم بيوتهم ولا زروعهم ولا أموالهم، ونزل بهم ما يستحقون من غضب الله وبطشه نتيجة لعنادهم واستكبارهم وبعدهم عن الحق، «فاخذتهم الصيحة مصبحين»، وكانت الصيحة عبارة عن صوت صاعق مدمر نزل على دورهم وكان من القوة والرهبة بحيث جعل أجسادهم تتناثر على الأرض. (القاهرة - الاتحاد) «الحجر» بلدة تجارية بين المدينة والشام يذكر بعض المفسرين والمؤرخين، أن هذه البلدة كانت على طريق القوافل بين المدينة والشام، وأنها كانت إحدى المدن التجارية في الجزيرة العربية، ولها من الأهمية بحيث ذكرها «بطليموس» في مذكراته لكونها إحدى المدن التجارية، قال الإمام الشنقيطي في «أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن»، الحجر منازل ثمود بين الحجاز والشام عند وادي القرى، وقد بين تعالى تكذيب ثمود لنبيهم صالح عليه السلام، وقال إنهم كذبوا المرسلين مع أن الذي كذبوه هو صالح وحده، لأن دعوة جميع الرسل واحدة، وهي تحقيق معنى «لا إله إلا الله» كما بينه تعالى بأدلة عمومية وخصوصية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©