الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

العواطف النفسية

19 يوليو 2014 01:52
منتصر حمادة* الأدب عاطفة وخيال وفكرة وعبارة، وأن منه نوعاً خالصاً كالشعر والنثر الفني تكون العاطفة غايته الأولى والفكرة سنداً وعوناً وهناك النوع العام الذي تتقدم فيه الفكرة فتأخذ مكان العاطفة، لأن الفكرة غايته الأولى، والعاطفة وسيلة تبعث في الحقيقة روعة وتكسب الإنشاء صفة أدبية محبوبة. ولا يمكن أن يتصور نص أدبي بدون تلك المقومات الفكرية، فإذا كان النص الأدبي بلا معنى أو فكرة راقية فيصبح ضرباً من الهذيان وعلى الرغم من أهمية الفكرة في العمل الأدبي إلا أن تلك الأهمية تتفاوت بين الأجناس الأدبية. وللمقومات الفكرية معايير أهمها سمو الأفكار والمقصود بسمو الأفكار هنا هي الأفكار الرفيعة التي تسهم في رفع قدر الإنسان، سامية جديرة بأن تثار العواطف لأجلها، وأن ترسخ في الذهن، ويشتغل بها العقل ليزداد بها تمسكاً ويعتصم بنفعها، ولا تكون الفكرة كذلك إلا إذا تجنبت الابتذال والسخافة ومسايرة القراء والإفساد. وتلعب الروحانيات دوراً كبيراً ومؤثراً في هذا الجانب. أيضاً العاطفة عنصر مهم في الأدب، فالأدب ذاتي، ومعنى ذلك أن الأديب لا ينقل لنا حقائق الحياة كما هي، ولكنه ينقلها كما يحسها، ينقلها ممتزجة بشخصيته، وطبيعته النفسية، وقيمه المختلفة التي يحملها. والمقصود بها: هي مجموعة الأحاسيس والمشاعر التي تنتاب الأديب عندما يمر بتجربة ما، وهو يحاول أن يعبر عنها في صورة لفظية معينة بغية إيصالها إلى القارئ لمشاركته في تجربته والتفاعل معه فيما أحس. ولاشك أن العاطفة النبيلة الراقية التي ترقى بالوجدان وتثير في المتلقي انفعالاً قوياً يدفعه لحب الحياة والحق والخير والجمال، مرتبطة بدرجة كبير بحجم الروحانيات داخل المبدع. فالأدب تبعاً لعاطفته، إما أن يكون رخيصاً ضعيفاً يقوض أركان المجتمع، وإما أن يكون عالياً جليلاً راقياً سامياً، يحيي ضمائرنا، وينمي فينا الميل إلى الحياة السامية والمبادئ السليمة ويبعث على ترقية المشاعر، ويساعد على تطهير الحياة. وكلما كانت العاطفة قوية كانت الكتابة أعمق إمعاناً في الأدب، وأوفر نصيباً للثبات. إن العاطفة الدينية في المسلم بالذات من أقوى العواطف النفسية وأكثرها جيشاناً ونضخاً وشهر رمضان المبارك شهر فضيل يُحرّك هذه العاطفة ويزيدها اشتعالاً لذا نرى الشعراء في هذا الشهر الفضيل يسيّدون العاطفة الدينية على جميع العواطف الأخرى لدرجة أن البعض يتوقفون عن كتابة الشعر الغزلي وإن كتبوه لا يرسلونه لقنوات النشر حتى ينتهي رمضان احتراماً لروحانيته التي تحفز الشاعر على الإبداع في الشعر الديني أو القومي أو الاجتماعي الذي ينتقد فيه الظواهر السلبية. ومن هذا المنطلق يقوى طرحه للمواضيع الإسلامية وتتصاعد عاطفته الدينية ويرتفع مستوى خطابه الفكري والفني واللغوي وأسلوب معالجته للموضوع ومناقشته وانتقاده وتلتهب حماسته في الذب عن المبادئ والقيم والمثل والأخلاق. وأسلوب الشاعر يتشكل وفقاً لعاطفته وتبعاً لحالته النفسية ومزاجه فإذا كانت عاطفته قوية لحظة التجلي الكتابي كانت كتابته الشعرية كتابةً إبداعية لأنه لا يرضى بقولبة مشاعره وعواطفه في أي قالبٍ فني بل يحرص على القالب الفني واللغوي المتكافئ معها. ‏ * شاعر وكاتب سعودي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©