الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الانتحار» خروج عن المنهج وعلاجه الثقة بالله

«الانتحار» خروج عن المنهج وعلاجه الثقة بالله
1 يوليو 2015 20:00
أحمد شعبان (القاهرة) معظم حالات الانتحار سببها فقدان الأمل من كل شيء، وضعف الإيمان والبعد عن الله، وعلى الرغم من قلة الحالات في العالم العربي والإسلامي مقارنة بالدول الغربية، إلا أن بعض الدول تشهده نتيجة لضيق العيش والمشاكل الاجتماعية، ولذلك يؤكد الإسلام على أهمية بث الأمل لدى اليائسين ومعاملتهم معاملة رحيمة. يقول الدكتور عبد الجواد المحص أستاذ علوم القرآن: إن القرآن الكريم لم يهمل هذه الظاهرة، وأعطى لها أهمية كبرى واعتبرها مرضاً نفسياً يجب علاجه، فتحدث بكل وضوح عن هذا الأمر، بل أمرنا الله تعالى أن نحافظ على أنفسنا ولا نقتلها فقال: (... وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِيراً)، «سورة النساء: الآيتان 29 - 30»، فأكدت الآية على أن الله لم يبح للإنسان قتل نفسه، وورد أن عمرو بن العاص رضي الله عنه، تيمم في يوم شديد البرد ولم يغتسل، في غزوة ذات السلاسل وصلى بالناس، وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله وقال: يا رسول الله إن الله يقول: «ولا تقتلوا أنفسكم»، فلم ينكر عليه النبي. الرحمة والأمل ولا يكفي الحديث عن الرحمة والأمل في علاج ميول الانتحار لدى بعض الناس فكثير منهم لا يستجيبون، ولابد من تخويفهم من عواقب الانتحار، وكذلك لابد من تعريف ذوي الميول الانتحارية إلى خطورة عملهم وعواقبه، وأنه عمل يخرج صاحبه من الدين وينتهي بعواقب مأساوية، وليعلم من لديهم ميول انتحارية أن الله موجود، ويقول تعالى: «أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء». ومن هنا ندرك أن القرآن لم يغفل عن هذه الظاهرة بل عالجها العلاج الأمثل، ولذلك نجد أن نسبة الانتحار في العالم الإسلامي منخفضة جداً، بسبب تعاليم الدين، والخوف من الوقوع في الحرمة وخوفاً من الله ووعيده، بينما يعاني الغرب من عدم وجود تعاليم تمنعه من الإقدام على الانتحار. عقوبته العذاب ووردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم توضح العقوبة للترهيب من هذا الفعل حيث قال: «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً»، فمن أقدم على قتل نفسه بارتكاب أحد الأفعال الواردة في هذا الحديث أو غيرها، فإن عقوبته العذاب في جهنم بنفس الفعل الذي أجهز به على نفسه، فمن ألقى نفسه من مكان عال مرتفع أو موقع شاهق أو ضرب نفسه بحديدة كالسيف أو السكين أو السلاح أو تناول مادة من المواد السامة فأدى ذلك إلى موته فإنه يعذب في النار بفعلته. والإسلام أوضح المنهج الأمثل والأقوم للتعامل مع الأزمات بكل أنواعها، نفسية وعاطفية واجتماعية واقتصادية وغيرها، ومن بين تلك الوسائل الدعاء واللجوء إلى الله تعالى، فالإنسان ضعيف بذاته قوي بربه، والدعاء واللجوء إلى الله للخروج من الهموم والآلام، ويكفي في ذلك قول الله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ...)، «سورة غافر: الآية 60»، والله جل شأنه جعل الدعاء عبادة، والنبي صلى الله عليه وسلم جعل لنا منهجاً وقائياً وعلاجياً مع الدعاء، فهناك دعاء وقائي نتقي به شر الأزمات والهموم، قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال»، وإن وقع بالإنسان في مشكلة أو مصيبة فهناك دعوات كثيرة مثل دعوة يونس عليه السلام: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إن من قالها نجاه الله مما هو فيه وصرف عنه همه وغمه. المهموم والمغموم أمرنا القرآن الكريم بالصبر والأمل والتفاؤل، لا الجزع واليأس والتشاؤم، فالصبر علاج للمهموم والمغموم، وطريق للثواب العظيم والأجر العميم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له»، فالصبر خير للمسلم في كل الأحوال. ومن وسائل العلاج القرآني بيان كرم الله على عباده، وكمال منته عليهم بمنحهم أعضاء في جسدهم، نعمة من الله في أحسن تقويم، لنستخدمها في طاعة الله ونحافظ عليها ولا نعرضها للهلاك والقتل، قال تعالى: (... وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا...)، «سورة البقرة: الآية 195»، فاعتبر الله تعريض الجسد للهلكة إساءة لنعمته، ويعد كفرانا بنعم الله.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©