بركان الإرادة

ما الذي يجعلنا نحكم على شخص ما أنه قادر على تحقيق ما يريد؟ سؤال قد يبدو للبعض عادياً ولكنه عميق ينبش في أغوار النفسية البشرية وقوتها، إننا عندما نرى الشخص يشتعل حماساً كلاماً وسلوكاً، ونرى بريق عينيه ولغة جسده ندرك عمق الإرادة والإصرار والهمة التي يمتلكها في داخله، فهل تعتقد أن أحاديث السلبيين وأفعال الفاشلين وضعفاء النفوس قد تقعده وتثني إرادته؟ بالبطع لا؛ لأنك تعلم يقيناً أنه متى ما تدفق سيل المشاعر والأفكار نحو الغاية يصعب أن يقف في طريقها شيء؛ لأنها تفعل بالعقبات كما تفعل قطرات المطر في الجبال الشاهقة، عزيزي القارئ خذ وقفة حقيقية مع نفسك وتأمل فيما قد يكون سبباً حقيقياً ذاتياً في إعاقتك عن أن ''تكون'' ما ''تريد''، فكم وجدنا من البشر من يقيد نفسه بنفسه، فاحذر أن تكون منهم، غوص في أعماق نفسك واستخرج منها خيوط القوة لتصنع بها نسيج عمل ينفعك ويفيد المجتمع، فكر وتأمل في مدى إصرارك على المضي قدماً نحو غاية ما بكل شجاعة وقوة وتفاؤل، وبنظرة مستقبلية مشرقة· أريدك أن تجيب عن هذه الأسئلة بصدق لعلها توصلك لمعرفة الكثير من الحقائق التي تعمل بداخلك في اللاشعور بشكل سلبي وأنت لا تعلم: هل تصاب بالملل أثناء مشوار النجاح؟ هل تحبط بسهولة عند تعرضك لأبسط الأمور، أو سماعك لكلمات سلبية؟ هل وجود إعاقة جسدية أو مرض وابتلاء يوقفك عن التقدم أو التمتع بالحياة؟ هل ما تسعى إليه يعني لك الشيء الكثير، ويهمك تحقيقه؟ فإن كنت فعلاً تريد بناء القوة الداخلية فتوقف عن قول: ''لا'' و''لكن'' و''بس'' فأنت في حالة تتطلب الجدية والتفكير بطريقة مغايرة وأكثر إيجابية ووعي وإدراك، فالأمر لا يعنيك وحدك وإنما يعنى كل من حولك من الأهل والأصدقاء والمجتمع والوطن، فكل هؤلاء ينتظرون منك الخير الكثير، فكن عند حسن ظنهم بك، ارفع من مستوى همتك، فوالله لن تجد من يرفعها لك سواك إلا من رحم ربي، وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ''لا تُصغِّرنّ همتك، فإني لم أرَ أقعدَ بالرجل من سقوط همته''· عليك أن تدرس وتحسب حساب كلّ شيء صغيراً كان أم كبيراً، وتأخذ الأمور بجدية أكثر، فهناك أمور كثيرة تكسر همم الإنسان وتشلُ حركته كسوء تقديره لنفسه، والتقليل من شأن هدفه وإنجازاته، والمشاكل، والعقبات والظروف المختلفة· قال تعالى: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ )(آل عمران:159)· وهناك حقيقة هامة وهي أنه مهما حاول كل من حولك من الأهل والأصدقاء وأفراد المجتمع تشجيعك أو إقناعك أو ترغيبك في أمر ما فلن يحركوا إرادتك خطوة واحدة إذا أنت لم تشأ ذلك في قرارة نفسك؛ لأنك أنت صاحب القرار والإرادة الحقيقية في إعطاء الأوامر لذاتك في التقدم نحو ما تريد، فالبركان يثور من الداخل، فهل لا يزال بركانك خامداً؟! عبداللطيف العزعزي dralazazi@yahoo.com