الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإجماع يحصن الأمة من الباطل والزيغ

20 يوليو 2014 00:59
الإجماع في اللغة هو العزم على الشيء والتصميم عليه كما قال تعالى: (... فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ. ..)، «سورة يونس: الآية 71»، أي اعزموا أمركم وادعوا شركاءكم ودبروا ما تريدون وقوله تعالى: (... وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ. ..)، «سورة يوسف: الآية 15»، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم: «من لم يجمع الصيام من الليل فلا صيام له»، أي لم يعزم ولم ينو الصيام قبل طلوع الفجر والإجماع يأتي بمعنى الاتفاق بأن يجمع القوم على شيء ويتفقوا عليه. وقد عرف الإمام الغزالي الإجماع بأنه اتفاق أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - خاصة على أمر من أركان الإجماع. ويقول الدكتور صبري عبد الرؤوف - أستاذ الفقه بجامعة الأزهر - الفرق بين العزم والاتفاق في مصطلح الإجماع أن العزم يصح من الفرد الواحد فقط أما الاتفاق فلابد من أشخاص كثيرين، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم: «لا تجتمع أمتي على ضلالة»، أي لا يتفقون على شيء باطل. ولا خلاف بين العلماء في حجية الإجماع، وخاصة إذا تعلق بما هو معلوم من الدين بالضرورة كالإجماع على وجوب الصلوات الخمس، وعلى وجوب الزكاة، والصيام، والحج، وحرمة الزنى، والسرقة، والخمر، وغير ذلك من الأمور التي علمت أحكامها من الدين بالضرورة، وبالتالي يكون منكرها كافراً واستدل العلماء على حجية الإجماع بالمعقول، فقالوا إذا اتفق عدد كثير من علماء كل عصر على حكم من الأحكام فالعادة الجزم بالحكم من غير أن يكون لهذا الحكم مستند من الكتاب أو السنة. حجية الإجماع واستدلوا أيضاً على حجية القياس من القرآن الكريم بقوله تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)، «سورة النساء: الآية 115»، ووجه الدلالة من الآية أن الله تعالى جمع بين مشاقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واتباع غير سبيل المؤمنين في الوعيد فلو كان اتباع غير سبيل المؤمنين مباحاً لما جمع بينه وبين المحظور. ووردت عدة أحاديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تدل على حجية الإجماع وعلى عصمة الأمة من الخطأ واشتهر ذلك على لسان جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - مثل عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبي سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وابن عمر، وأبي هريرة، وحذيفة بن اليمان، الأمر الذي يدل على حجية الإجماع بالسنة، ويدل على التواتر المعنوي في عصمة الأمة من الخطأ فيما اتفقت عليه كلمتهم ومن هذه الأحاديث عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال الرسول - صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى أجاركم من ثلاث خلال: أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعاً وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق وأن لا تجتمعوا على ضلالة»، وقوله - صلى الله عليه وسلم: «لا تجتمع هذه الأمة على ضلالة أبداً»، وقوله - صلى الله عليه وسلم: «لا تجتمع هذه الأمة على ضلالة، فإن رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم الحق وأهله». وجاء في حديث أبي ذر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالجماعة إن الله تعالى لا يجمع أمتي إلا على هدى»، وعن عبد الله بن مسعود عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نصر الله عبدا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم اخلص العمل لله والنصيحة للمسلمين ولزوم جماعتهم، فإن دعوتهم تحيط من وراءهم»، ولذلك قال الآمدي السنة أقرب الطرق في إثبات كون الإجماع حجة قاطعة. نوعان للإجماع والإجماع نوعان صريح وغير صريح، فالإجماع الصريح هو أن تتفق جميع آراء المجتهدين في عصر من العصور على حكم شرعي لواقعة معينة أو فتوى، سواء كان ذلك الاتفاق قولاً أو فعلاً من الأفعال كأن يجتمع العلماء في مجلس ويبدي كل منهم رأيه صراحة في المسألة المعروضة عليهم وتتفق الآراء في النهاية على حكم واحد، فهذا هو الإجماع الصريح القولي أو تتفق آراء المجتهدين على عمل يعمله كل واحد منهم في عصر من العصور أو أن يتفقوا على ترك شيء، فيدل ذلك على عدم وجوبه وهذا يسمى الإجماع الصريح الفعلي والإجماع الصريح القولي حجة عند جمهور العلماء أما الإجماع الصريح الفعلي، فذهب بعض العلماء إلى أن حكمه حكم فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأن العصمة ثابتة للمجمعين كثبوتها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - تختلف باختلاف الأحوال والقرائن التي تحيط بها. أما الإجماع غير الصريح أو السكوتي، فهو أن يقول بعض المجتهدين من العصور قولاً في مسألة ما أو يعمل عملاً ينقل عنه ويشتهر بين علماء عصره ولا ينكر عليه أحد، بشرط أن يكون السكوت مجرداً من علامات الرضا والسخط لأنه إن وجد الرضا كان من قبيل الإجماع الصريح وإن وجد ما يدل على السخط فليس بإجماع أصلا. (القاهرة - الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©