الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قل خيراً أو اصمت

20 يوليو 2014 01:00
أحمد مراد (القاهرة) يحث الإسلام الحنيف المسلم على حفظ لسانه، وألا يتحدث إلا بخير، ويبتعد عن قبيح الكلام، وعن الغيبة والنميمة والفحش، وغير ذلك، حتى يكون محبوباً من الناس. ويقول الدكتور شوقي عبد اللطيف - وكيل وزارة الأوقاف المصرية سابقاً: المسلم مسؤول عن كل لفظ يخرج من فمه، حيث يسجله الله ويحاسبه عليه، يقول الله تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، «سورة ق: الآية 18». ويضيف: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تُكَفِّر اللسان - تذل له وتخضع - تقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمتَ استقمنا، وإن اعوَجَجْتَ اعوَجَجْنَا»، وقال أيضاً: «لا يستقيمُ إيمان عبد حتى يستقيمَ قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه»، وقال ابن مسعود: والذي لا إله غيره، ما على ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان. ويشير د. عبداللطيف إلى أن من أراد أن يسلم من سوءات اللسان، فلابد له ألا يتكلم إلا لينفع بكلامه نفسه أو غيره، أو ليدفع ضراً عنه أو عن غيره، وأن يتخير الوقت المناسب للكلام، وكما قيل: لكل مقام مقال، ومن تحدث ولا يحسن الكلام كان عرضة للخطأ والزلل، ومن صمت حيث لا يجْدِي الصمت استثقل الناس الجلوس إليه، وأن يقتصر من الكلام على ما يحقق الغاية أو الهدف، وحسبما يحتاج إليه الموقف، ومن لم يترتب على كلامه جلب نفع أو دفع ضر فلا خير في كلامه، ومن لم يقتصر من الكلام على قدر الحاجة، كان تطويله مملاً، فالكلام الجيد وسط بين تقصير مخل وتطويل ممل. ويضيف: ولابد للمسلم أن يتخير كلامه وألفاظه، فكلامه عنوان على عقله وأدبه، وكما قيل: يستدل على عقل الرجل بكلامه، وعلى أصله بفعله، وعليه عدم المغالاة في المدح، وعدم الإسراف في الذم، لأن المغالاة في المدح نوع من التملق والرياء، والإسراف في الذم نوع من التَّشَفِّي والانتقام، والمؤمن أكرم على الله وعلى نفسه من أن يوصف بشيء من هذا، لأن التمادي في المدح يؤدي بالمرء إلى الافتراء والكذب، وعلى المسلم أيضاً ألا يرضي الناس بما يجلب عليه سخط الله. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من أرضى الناس بسخط الله وَكَلَهُ الله إلى الناس، ومن أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤونة الناس». كما عليه ألا يتمادى في إطلاق وعود لا يقدر على الوفاء بها، أو وعيد يعجز عن تنفيذه. يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ)، «سورة الصف: الآيتان 2 - 3». ويشدد د. عبد اللطيف على ضرورة ألا يتكلم المسلم بفحش أو بَذَاءةٍ أو قُبح، ولا ينطق إلا بخير، ولا يستمع إلى بذيء، ولا يصغي إلى متفحِّش، وأن يشغل لسانه دائماً بذكر الله وألا يخْرِج منه إلا الكلام الطيب. رُوِي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كَثْرَة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وإن أبعدَ الناس عن الله القلبُ القاسي». سئل النبي - صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام أفضل؟ فقال - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سلم المسلمون من لسانه ويده»، وقال عقبة بن عامر: يا رسول الله، ما النجاة؟ قال - صلى الله عليه وسلم: «أمسك عليك لسانك ولْيسعك بيتك، وابْكِ على خطيئتك»، ومن صفات المؤمنين أنهم يحفظون لسانهم من الخوض في أعراض الناس، ويبتعدون عن اللغو في الكلام، قال الله عز وجل: (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا)، «سورة الفرقان: الآية 72»، وقال - صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت». والغيبة أخطر أمراض اللسان، وقد نهانا الله سبحانه عن الغيبة، وشبَّه من يغتاب أخاه، ويذكره بما يكره، ويتحدث عن عيوبه في غيابه، كمن يأكل لحم أخيه الميت، فقال تعالى: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)، «سورة الحجرات: الآية 12»، وحذَّر النبي صلى الله عليه وسلم صحابته من الغيبة، فقال - صلى الله عليه وسلم: «أتدرون ما الغِيبة؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. فقال - صلى الله عليه وسلم: «ذِكْرُكَ أخاك بما يكره»، فقال أحد الصحابة: أرأيتَ إن كان في أخي ما أقول؟ فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبتَه، وإن لم يكن فيه فقد بَهَتَّه». والغيبة تؤدي إلى تقطيع روابط الألفة والمحبة بين الناس، وهي تـزرع بين الناس الحقد والضغائن والكره، وتدل على خبث مَنْ يقولها وامتلاء نفسه بالحسد والظلم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©