الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبو سفيان بن الحارث.. الله ورسوله رضيا عنه

أبو سفيان بن الحارث.. الله ورسوله رضيا عنه
20 يوليو 2014 01:01
أحمد مراد (القاهرة) على مدى ما يقرب من 20 عاماً ظل أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ابن عم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأخوه في الرضاعة - أرضعته حليمة السعدية - في عداوة موصولة للإسلام ورسوله، حيث كان يشدّ أزر قريش وحلفائها ضد رسول الله، ولم يتخلف عن حشد تحشده قريش لقتال المسلمين. بينما إخوته الثلاثة نوفل وربيعة وعبد الله سبقوه إلى الإسلام. ولكنه بعد أن اعتنق الإسلام نال رضا الله ورسوله. كان أبو سفيان بن الحارث مماثلاً للرسول بالسن، وكان يحبه ويحب مجالسته، ظل الأمر كذلك حتى بعث الرسول برسالة الإسلام فتحول الحب إلى كره وهجاه في الشعر، وقاتل أبو سفيان بجوار قريش ضد المسلمين في غزوة بدر، وفي تلك الغزوة تخلّف أبو لهب وأرسل مكانه العاص بن هشام، وانتظر أبو لهب أخبار المعركة بفارغ الصبر، وذات يوم، وأبو لهب يجلس مع نفر من القرشيين عند زمزم، إذ أبصروا فارساً مقبلاً فلما دنا منهم إذا هو: أبو سفيان بن الحارث، ولم يمهله أبو لهب، فناداه: هلمّ إليّ يا ابن أخي، فعندك لعمري الخبر، حدثنا كيف كان أمر الناس؟. قال أبو سفيان بن الحارث: والله ما هو إلا أن لقينا القوم حتى منحناهم أكتافنا، يقتلوننا كيف شاؤوا، ويأسروننا كيف شاؤوا، وأيم الله ما لمت قريشا، فلقد لقينا رجالا بيضاً على خيل بلق، بين السماء والأرض، ما يشبهها شيء، ولا يقف أمامها شيء. وقبل فتح مكة، هدى الله قلب أبي سفيان للإيمان، فنادى ولده جعفر، وقال لأهله: إنا مسافران، فقالوا له: إلى أين يا بن الحارث. قال: إلى رسول الله لنسلم معه لله رب العالمين. ومضى يقطع الأرض بفرسه ويطويها طيّ التائبين، وعند أبواب المدينة أبصر مقدمة جيش، وأدرك أنه جيش الرسول قاصداً مكة لفتحها، وخاف أن رآه أحد من الجيش، فسيسارع إلى القصاص منه، لذا تنكّر حتى أخفى معالمه، وأخذ بيد ابنه جعفر، وسار مشياً على الأقدام شوطاً طويلاً، حتى أبصر رسول الله قادما في كوكبة من أصحابه، وأتى الرسول وابنه مُعْتَمّين «أخفيا وجهيهما»، فلما انتهيا إليه قالا: السلام عليك يا رسول الله. فقال رسول الله: «أسْفِروا تَعَرّفوا» فانتسبا له وكشفا عن وجوهِهما وقالا: نشهد أن لا اله إلا الله، وأنك رسول الله. فقال رسول الله: «أيَّ مَطْرَدٍ طردتني يا أبا سفيان، أو متى طردتني يا أبا سفيان». قال أبو سفيان بن الحارث: لا تثريبَ يا رسول الله. قال رسول الله: «لا تثريبَ يا أبا سفيان»، وقال رسول الله لعلي بن أبي طالب: «بصِّرْ ابن عمّك الوضوء والسنة ورُحْ به إليّ...»، فراح به إلى رسول الله فصلّى معه، فأمر رسول الله علي بن أبي طالب فنادى في الناس: ألا إنّ الله ورسولَهُ قد رَضيا عن أبي سفيان بن الحارث فارْضَوا عنه. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أبو سفيان أخي وخير أهلي، وقد أعقبني الله من حمزة أبا سفيان بن الحارث»، ومنذ أعلن إسلامه راح يعوض ما فاته من حلاوة الإيمان والعبادة، فكان عابداً ساجداً، وخرج مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما تلا فتح مكة من غزوات، وفي يوم حنين عندما نصب المشركون للمسلمين كميناً خطيراً، وثبت الرسول مكانه ينادي: «إليَّ أيها الناس، أنا النبي لا كذب، أنا أبن عبد المطلب»، وفي تلك اللحظات الرهيبة كانت هناك قلة لم تذهب بصوابها المفاجأة، وكان منهم أبو سفيان وولده جعفر، لقد كان أبو سفيان يأخذ بلجام فرس الرسول بيسراه، ويرسل السيف في نحور المشركين بيمناه، وعاد المسلمون إلى مكان المعركة حول نبيهم، وكتب الله لهم النصر المبين، ولما انجلى غبارها، التفت الرسول صلى الله عليه وسلم لمن يتشبت بمقود فرسه وتأمله وقال: «من هذا؟ أخي أبو سفيان بن الحارث؟ وما كاد يسمع أبو سفيان كلمة أخي حتى طار فؤاده من الفرح، فأكب على قدمي رسول الله يقبلهما. وأقبل أبو ســفيان بن الحارث على العبادة إقبالاً عظيماً، وبعد رحيل الرسول عن الدنيا، تعلقت روحه بالموت ليلحق برسول الله في الدار الآخرة، وعاش ما عاش والموت أمنية حياته. وذات يوم شاهده الناس في البقيع يحفر لحداً، ويسويه ويهيئه، فلما أبدوا دهشتهم مما يصنع، قال لهم: إني أعد قبري، وبعد ثلاثة أيام فقط، كان راقداً في بيته، وأهله من حوله يبكون، وفتح عينيه عليهم في طمأنينة سابغة وقال لهم: لا تبكوا عليَّ، فاني لم أتنطف بخطيئة منذ أسلمت. وقبل أن يحني رأسه على صدره، لوح به إلى أعلى، ملقياً على الدنيا تحيَّة الوداع، وقيل إنه توفي إثر جرح في رأسه بسبب الحلاقة لدى حجه عام 20 هجرية، ودفن في البقيع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©