الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبدالرحيم سالم يُخرج «مهيرة» من مأساتها

عبدالرحيم سالم يُخرج «مهيرة» من مأساتها
27 أكتوبر 2017 16:08
إبراهيم الملا (الشارقة) منذ مشاركته في أول معرض جماعي عام 1981 بقاعة أفريقيا في الشارقة، شكّل الفنان الإماراتي المخضرم عبدالرحيم سالم لغته الجمالية المتفرّدة، وأسلوبه التعبيري المستقل، في إطار يجمع بين التجسيم النحتي وإنتاج لوحات تشعّ بالمعنى وتفيض بالشجن، رغم المداراة اللونية التي يلجأ إليها لتحويل الغائب والمستور إلى حالة بحث متواصلة، وحنين يتشظى في مسارب روحية وعاطفية عميقة. انشغل سالم كثيراً برواية (مهيرة) الأمثولة الشعبية الموصولة بالألم والنكران والتي أصابها مسّ من السحر والانقياد المبهم والمهلك لسطوة الآخر، الغريب، انشغال مبني على التجريد والتماهي والذوبان المطلق في عذابات مهيرة، المنسية والحاضرة في آن، الموسومة بالجنون والمحتفلة بعرس الدم والنار، المكتملة بتشوهات الحكاية، والمهجورة مثل فضيحة، إنها القفزة الحرّة في العتمة والفراغ، والليل الذي يبتكر ذاته، ويزهو بغموضه في كل مرّة، بعيداً عن رهانات الوضوح الفاقع، والسطوع المنتهك. مؤخراً، استعاد سالم «مهيرة» في لوحة قدمها في معرض «إمارات الرؤى» بالعاصمة الألمانية برلين، «الاتحاد» التقت بالفنان عبدالرحيم سالم للتعرف إلى «مهيرته» الجديدة، هذه الـ «مهيرة» الساكنة في لاوعيه، والتي أخرجته من اعتكافه وغيابه لفترة طويلة عن عن المشهد التشكيلي المحلّي، فقال: إن سلسلة اللوحات التي أنتجتها عن «مهيرة» هي محاولة إنسانية صرفة لبعث حكايتها المؤلمة، وتحويل المنسي في هذه الحكاية إلى نمط بصري قابل للتأويل والتفاعل الإيجابي. مضيفاً أن اللوحة التي قدمها في معرض «إمارات الرؤى» كانت أكثر تجريدية مقارنة باللوحات السابقة حول (مهيرة) التي أنتجها بداية في العام 1993، حيث كانت أقرب للدراسة اللونية والنفسية، واستعادة الملامح الغائبة في حكايتها الغرائبية، والمسكوت عن الكثير من تفاصيلها، وقال سالم إنه شرع في تنفيذ هذه السلسلة باستخدام قلم الرصاص، ثم ألوان الباستيل، ولجأ بعدها للتجسيد، ثم للطابع الرمزي، وصولا للمرحلة التي نفذها قبل أربع سنوات في معرضه الشخصي، معتمداً في هذه المرحلة على مزج الألوان الزاهية وتداخلها بشكل احتفالي لإخراج (مهيرة) من مأساتها، وتحويل معاناتها وانكساراتها السابقة، إلى صيغة روحية مستقبلية فائرة ومتوهجة، تتجاوز بها مرحلة الانهدام، إلى مرحلة المقاومة والنهوض والانتصار على كل عوامل البؤس والتهميش واللوثة التي أحاطت بها. وعن أعماله ومشاريعه الجديدة وانطباعاته حول راهن الحركة الفنية المحلية، قال سالم إنه بصدد تقديم أعمال جديدة في معرض شخصي يقام في غاليري «ذا تايم» بالمركز التجاري بدبي قبل نهاية العام، ووصف سالم الجيل الجديد من الفنانين الإماراتيين بالجيل المحظوظ، لأنه يستند على أرضية ممهَّدة، ويعمل وسط مناخ ثقافي عام يحفزهم للتعبير عن طاقاتهم بشتى الوسائل الفنية المتاحة، على عكس جيل الرواد الذي عانى كثيراً من النظرة المحافظة للفن في بدايات ظهوره، كما أن الجيل المؤسس افتقد للمناخ الأكاديمي ما اضطر الكثير منهم للسفر والبحث والاجتهاد الشخصي، بينما يجد الفنان الشاب اليوم العديد من المؤسسات الفنية والمعاهد المحلية المهيأة لاحتضانه وتطوير مهاراته وبيع أعماله لاحقاً من خلال مقتنين باتوا يشجعون هؤلاء الشباب ويشترون أعمالهم بمبالغ باهظة. وتمنى سالم وجود متحف دائم ومستقل في الدولة يعرض أعمال الفنانين الإماراتيين بداية من الأعمال الأولى والمبكرة في الخمسينيات والستينيات ووصولا لآخر ما تم تنفيذه من أعمال فنية مميزة وبمختلف التيارات والتوجهات والأفكار، وقال إن هذا المتحف سيكون علامة حضارية فارقة في المكان، خصوصاً بالنسبة للباحثين والدارسين ومتذوقي الفن التشكيلي من المقيمين والسيّاح والزائرين، لافتاً إلى أن هذا المتحف سيلقي الضوء على جذور وإرهاصات الفن المحلي، وسيقدم وثيقة بصرية مهمة لا يمكن الاستغناء عنها الآن ومستقبلا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©