الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة اليونانية.. تداعيات استراتيجية

2 يوليو 2015 00:27
من المرجح أن يؤدي الفشل في حل أزمة الديون اليونانية إلى نتائج تفوق في خطورتها بعض التداعيات الماليّة كإضعاف منطقة «اليورو» وانخفاض أسعار الأسهم والسندات. فهو ينطوي أيضاً على خطر دفع اليونان إلى الانسحاب من حلف شمالي الأطلسي «الناتو»، وزيادة تدفق النازحين المقيمين في اليونان إلى داخل أوروبا، وقد يشجع اليونان على التحلّل من التزاماتها بدعم العقوبات الدولية ضد روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية. وقال «جيمس ستافريديس»، الأدميرال الأميركي المتقاعد ذو الأصل اليوناني والقائد الأعلى السابق لقوات التحالف في «الناتو»: «سيكون انزلاق اليونان نحو الفوضى سبباً في إثارة اضطرابات استراتيجية خطيرة في أوروبا وحتى في الولايات المتحدة. وذلك لأن هذه الأزمة تنطوي على ما هو أكثر من مجرّد التأثير على البورصات وأسواق المال». وهذه النتائج التي يمكن أن تحدث بالفعل، ستثبت أن القادة الأوروبيين عاجزون عن حلّ الخلافات المالية التي أدت إلى إغلاق البنوك اليونانية وأصابت المستثمرين بالهلع. وسارعت اليونان يوم الثلاثاء الماضي إلى مطالبة منطقة «اليورو» ببرنامج إنقاذ مالي جديد بعد أن أعلنت أنها لن تتمكن من الالتزام بالموعد النهائي لسداد ديونها لصندوق النقد الدولي الذي صادف منتصف الليل من ذلك اليوم. وقال «ستافريديس»: «وإذا ما تم طرد اليونان من منطقة (اليورو) بسبب تأخرها عن السداد، فسوف تفكر بالانتقام والانسحاب من حلف منظمة معاهدة شمال الأطلسي (الناتو)، وتخترق العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا، وتطلب من الولايات المتحدة إغلاق قاعدتها البحرية في جزيرة كريت». وأضاف: «وعندما تشعر اليونان بأنها دولة غير محبوبة تم طردها من منطقة اليورو، فإنه من غير المحتمل أن تقدّم العون للولايات المتحدة وأوروبا بعد ذلك». وعبّر وزير الخارجية الألماني «فرانك فالتير شتاينماير» عن رؤيته المتعلقة بالأزمة يوم الثلاثاء الماضي في برلين، حيث قال: «إن أوروبا القوية الموحدة تشكل سنداً مهمّا لليونان والاتحاد الأوروبي ولنا جميعاً ولدول حلف الناتو»، ووصف اليونان بأنها «حليف مهم». ويسود دول أوروبا خوف شديد من أن تتسبب الأزمة اليونانية في نزوح جماعي للاجئين الذين يأتون إلى اليونان من ليبيا وسوريا، خاصة أن من المحتمل أن يكون من بينهم إرهابيون. وقال «هيثير كونلي» النائب الأول لرئيس قسم أوروبا وأوراسيا في «مركز الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية» في واشنطن، إن ما يبرّر هذا الخوف هو أن اليونان لن تكون قادرة على ضبط الأوضاع على حدودها، وهذا ما قد يفتح الطريق أمام المهاجرين للتدفق نحو دول أوروبا التي تواجه بطبيعة الحال أزمة مهاجرين. ويضاف إلى كل ذلك أن التعثر المالي قد يدفع باليونان للبحث عن حلفاء اقتصاديين جدد من خارج الاتحاد الأوروبي. وحول هذه النقطة بالذات، قال الخبير الاقتصادي الأميركي «أندريا مونتانينو»: «سوف تتطلع اليونان إلى أي مصدر يمكن أن يُؤمن لها المال بما في ذلك الصين. ومما يعزز هذا الاحتمال أن الصين تبحث عن زيادة استثماراتها الخارجية. ويمكن للصينيين أن يفكروا باليونان باعتبارها تمثل المكان المناسب لوضع موطئ قدم في أوروبا ومراقبة ما يحدث هناك». وفيما يبدو أن اليونان ستحاول التنصّل من العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا، فإن «مونتانينو» يقول: «إن هذا السيناريو بعيد الاحتمال. وما زلت على اعتقادي بأن الشعب اليوناني صديق للأوروبيين». وقال «توماس نايلز» السفير الأميركي في اليونان في عهد إدارة الرئيس بيل كلينتون، إن الخطر الأكبر الذي تنطوي عليه هذه الأزمة هو الذي يكمن باحتمال غرق اليونان في الفوضى بسبب الطبيعة الغامضة لحزب «سيريزا» الحاكم الذي ارتقى إلى السلطة هذا العام لمعارضته لإجراءات وشروط التقشف التي فرضها صندوق النقد الدولي على اليونان. وفي معرض وصفه لأسلوب التعامل مع الحكومة اليونانية، قال «نايلز»: «نحن نتعامل مع أناس يفتقدون تماماً للخبرة السياسية». دافيد ليرمان* نيكول جوايه** *مستشار أميركي متخصص بالاستثمارات التكنولوجية **محللة سياسية أميركية متخصصة بالسياسات الخارجية ينشر بترتيب خاص مع «واشنطن بوست» و«بلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©