الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التغير المناخي.. ملوثات أخرى

5 يناير 2016 04:37
هناك إجماع بين علماء المناخ حالياً، على أن العالم يجب أن يكون «متعادل الكربون» بحلول عام 2050 من أجل تفادي وقوع اختلالات بيئية كارثية. لذلك السبب ركزت قمة المناخ، التي عقدت مؤخراً في العاصمة الفرنسية باريس، على الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الجو. لكن ثمة مشكلة رئيسية متشعبة، تتعلق بالاستراتيجية القائمة على التركيز على ثاني أكسيد الكربون دون غيره، وهي أن ثاني أكسيد الكربون يظل في الجو لمدة تصل إلى قرن كامل، أو ربما أكثر، وأننا لن نتخلى عن استخدام أنواع الوقود الأحفوري بين عشية وضحاها، علاوة على أن الوصول إلى مستوى «التعادل الكربوني» بحلول 2050 لا يكفي بحد ذاته للحيلولة دون احترار الكوكب الأرضي بمقدار 2 درجة مئوية (الحد المتفق عليه بشكل عام)، وهو مقدار يقل كثيراً عن الهدف الطموح الذي تدعمه العديد من الدول، وهو ألا يزيد احترار الكوكب قبل الوصول إلى هذا التاريخ، عن 1.5 درجة مئوية. إذا ما كنا جادين في منع التغير المناخي، أو إبطائه على الأقل، فسيتعين علينا أن نوسع من قائمة الأهداف التي نتوخى تحقيقها. فحتى ونحن نتحرك نحو تحقيق التعادل الكربوني، يجب علينا في الآن ذاته أن نحد من انبعاثات غاز الميثان، وسخام الكربون، ومبردات الأوزون، والهيدروفلوروكربونات. فهذه الملوثات تفوق ثاني أكسيد الكربون من حيث قدرتها على التسبب في احترار الأرض، بمقدار يتراوح ما بين 25 و4000 مرة، غير أنها تختلف عن الكربون في أنها تظل في الجو لفترة تتراوح ما بين أيام، كما في حالة سخام الكربون، و15 عاماً كما في حالة الهيدروفلوروكربونات. فالحد من انبعاثات تلك الملوثات المعروفة ب«ملوثات المناخ قصيرة العمر» (SLCPs) -خلافاً للحد من الانبعاثات الكربونية- سيكون لها تأثير فوري، ويمكن أن يؤدي لإبطاء عملية احترار الكوكب على نحو دراماتيكي خلال عقود قليلة. ولترجمة هذا الكلام إلى أرقام حقيقية، نقول إننا إذا ما أنقصنا انبعاثات غاز الميثان بنسبة 50?، والكربون الأسود بنسبة 90?، واستبدلنا «ملوثات المناخ قصيرة العمر» كلياً بحلول 2030، فسنتمكن من تخفيض نصف الاحترار العالمي المستهدف خلال خمسة وثلاثين عاماً القادمة. وهذه الخطوات ستؤجل الكارثة المناخية، وتمهلنا وقتاً نحن بمسيس الحاجة إليه، لإحداث تغيير جذري في معدل استهلاكنا للطاقة. والتقنيات القائمة، والبدائل النظيفة، والميكانيزمات التنظيمية مثل بروتوكول مونتريال 1987 التي أثبتت جميعاً فعاليتها في مواجهة ملوثات المناخ الأخرى، يمكن إعادة تحديد أهدافها للتعامل مع «ملوثات المناخ قصيرة العمر». في نوفمبر الماضي، وافقت 197 دولة الموقعة على بروتوكول مونتريال على العمل من أجل تعديل الهيدروفلوروكربونات عام 2016. وبعض أجزاء العالم غير قادرة على الانتظار: حيث تعهدت الهند وباكستان بالتخفيض التدريجي للهيدروفلوركاربونات، كما تعهدت المكسيك بتخفيض «ملوثات المناخ قصيرة العمر» بنسبة 25? بحلول 2030، كما خفضت ولاية كاليفورنيا من انبعاثات سخام الكربون والغازات المكونة للأوزون بنسبة 90?، وهي في طريقها للحد من الملوثات الأربعة قصيرة العمر. ليست هناك سلبيات في هذا النهج، فعندما نحد من نسبة ملوثات المناخ قصيرة العمر، فلن نحصل على مهلة قصيرة من الاحترار السريع فحسب، بل سنتمكن أيضاً من إبطاء معدل ارتفاع مستوى سطح البحر، لنزيد إنتاج المحاصيل، ونحقق إنجازاً كبيراً في مجال الصحة العامة. التلوث الداخلي والخارجي اليوم يؤدي إلى ما يزيد على 7 ملايين حالة وفاة مبكرة سنوياً. والحد من «ملوثات المناخ قصيرة العمر»، يمكن أن يساعدنا الآن على إنقاذ حياة 40 مليون شخص على مدى عشرين عاماً القادمة. ما نحن مطالبون به الآن ليس الاختيار بين جذب رافعة (ثاني أكسيد الكربون) أو رافعة (ملوثات الجو قصيرة العمر)، وإنما إدراك ضرورة العمل على جذب الرافعتين معاً، وبكل ما نملك من قوة. وهناك دافع أخلاقي يلزمنا بالعمل فوراً من خلال استخدام كافة الإمكانيات والأدوات المتاحة، ليس فقط لأنه ليس هناك كوكب بديل، ولكن لأن التغير المناخي يلحق أضراراً فادحة بحياتنا ورفاهيتنا على الكوكب. من خلال العمل بشكل انفرادي، أو على هيئة أحلاف صغيرة، يمكننا تحقيق تقدم حقيقي بشأن التغير المناخي الآن، يفوق ما دعت إليه قمة باريس للمناخ: فلدينا الروافع، وكل ما علينا هو أن نجذبها. * أستاذ علم المناخ في جامعة كاليفورنيا ** أستاذ الدراسات البيئية بجامعة كاليفورنيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تربيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©