الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

محققون أوروبيون: قطر تشتري الذمم والنفوذ السياسي في فرنسا

محققون أوروبيون: قطر تشتري الذمم والنفوذ السياسي في فرنسا
26 أكتوبر 2017 23:46
دينا محمود (الاتحاد) في ضربة جديدة لمحاولات النظام القطري اكتساب نفوذٍ سياسي على الساحة الدولية، عبر تبديد الأموال بسفهٍ وتبذير على بعض الشخصيات الغربية البارزة والاستحواذ على أصولٍ مهمة في دول مختلفة من العالم، كشف موقع إلكتروني أوروبي مرموق النقاب عن تفاصيل مثيرة لنتائج تحقيقٍ أجراه محققون خاصون بهدف فضح الوسائل المشبوهة التي عملت من خلالها الدوحة، على امتلاك عددٍ من الفنادق الفاخرة في فرنسا، وشراء ذمم رجال سياسة واقتصاد هناك. ففي تقرير مطول نشره موقع «آيربورتيه» الإخباري الأوروبي تحت عنوان «لعبة قطر طويلة الأمد في فرنسا تحت المجهر»، أماط الكاتب «جويل رويه» رئيس مؤسسة «بريدج ثينك تانك» البحثية في باريس اللثام عن «الوجه المظلم من استراتيجية معقدة لكسب النفوذ، تتبعها هذه الدولة محدودة المساحة جغرافياً.. في فرنسا منذ عام 2005». ويستهل رويه مقاله بالإشارة إلى كتابٍ نشرته الصحفية الفرنسية «برنجير بونت» في وقت سابق من العام الجاري، وفضحت فيه الاستراتيجية التي تتبعها قطر لغسل سمعتها وإخفاء وجهها القبيح، من خلال شراء ود العديد من الشخصيات البارزة في فرنسا في المجالين السياسي والاقتصادي، وهو الكتاب الذي حمل اسم «جمهورية فرنسا القطرية»، وأحدث كما يقول - كاتب المقال - زلزالاً سياسياً في العاصمة الفرنسية. وأبرز «رويه» حقيقة أن هذا الكتاب نُشر قبل اندلاع الأزمة التي تعصف بالخليج حالياً بسبب السياسات القطرية الطائشة، واستند إلى جهودٍ استقصائية استمرت لعدة شهور وشملت إجراء عشرات المقابلات، وكشف عن «استراتيجية علاقات عامة معقدة، تمارسها قطر، لكي تحول نفسها إلى قوة لا غنى عنها في المشهدين السياسي والاقتصادي في فرنسا». ولم يغفل الكاتب الإشارة في هذا السياق إلى الصدمة الشديدة التي أصيب بها القراء الفرنسيون، وهم يقرؤون كيف يقوم الكثير من ساستهم البارزين بالعديد من الرحلات الباذخة إلى الدوحة، التي تتحمل السفارة القطرية في فرنسا خلالها التكاليف الخاصة بسفرهم وإقامتهم في أفخم الفنادق. كما لم يفت «رونيه» أن يُذَّكِر في هذا الصدد بما ورد في الكتاب من أن هؤلاء الساسة كانوا يحصلون قبل عودتهم إلى فرنسا على «ساعة فاخرة أو شيك تفوق قيمته 11 ألف دولار». ويمضي المقال الذي نشره «آيربورتيه» - ذاك الموقع الذي يتخذ من بروكسل مقراً له - مُتصفحاً بعض ما ورد في هذا الكتاب القنبلة من ذكرٍ لأسماء «وزراء ونواب في البرلمان وعُمدٍ ومسؤولين بارزين من مختلف ألوان الطيف السياسي (الفرنسي) ممن استفادوا من عطايا حكام قطر». ويقول الكاتب إن عمليات شراء الذمم هذه ترافقت مع استحواذ مؤسساتٍ قطرية على أسهمٍ في شركات فرنسية كبرى، مثل مجموعة «مويت هنسي لوي فيتون» للمنتجات باهظة الثمن، وشركة «توتال» العملاقة للنفط، فضلاً عن مجموعة «لاجاردير» الإعلامية. ويُضاف إلى هذه الممتلكات بطبيعة الحال نادي «باريس سان جيرمان» لكرة القدم. كما يبرز «رويه» ما كشف عنه كتاب «جمهورية فرنسا القطرية» من أن رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم شكّلَ «العقل المدبر» للاستراتيجية المشبوهة التي يتبعها النظام الحاكم في بلاده في فرنسا. ويشير إلى ما وُصِفَ به «ابن جاسم» من قبل صحفٍ بريطانية من قبل بأنه «الرجل الذي اشترى لندن»، في إشارة إلى وقوفه وراء العديد من الصفقات التي أبرمتها السلطات القطرية في عاصمة الضباب. ويؤكد مقال «رويه» أن رئيس الوزراء القطري السابق ظل دائماً مُحاطاً بالكثير من الجدل. ويشير في هذا السياق إلى ما كشفت عنه التسريبات المعروفة باسم «وثائق بنما» العام الماضي، من أن هذا الرجل استحوذ على شركاتٍ ذات أغراض مريبة وغير واضحة، في جزر «فيرجين» البريطانية وجزر البهاما. ويكشف الكاتب - وهو باحثٌ مرموق في فرنسا - عن أن الآونة الأخيرة شهدت ظهور أدلةٍ جديدةٍ تفضح الأساليب التي استخدمها حمد بن جاسم ومن ورائه النظام القطري، خلال المراحل الأولى لـ«حمى الشراء»، التي سعت من خلالها الدوحة إلى أن تتحول «إلى لاعبٍ رئيسيٍ في فرنسا، وذلك عبر تقويض منافسيها الخليجيين الرئيسيين، وهم (المستثمرون) السعوديون». ويشير المقال في هذا الصدد إلى أن النظام القطري بدأ تفعيل هذه الاستراتيجية بمجرد فوز الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بانتخابات الرئاسة التي أُجريت عام 2007، قائلاً إن أحد الأهداف الرئيسية للقطريين في ذلك الوقت تمثل في رجل الأعمال السعودي محمد بن عيسى الجابر، بوصفه كان يستحوذ على استثماراتٍ متعددة في فرنسا. ويُعرّف المقال الجابر بأنه مالك مجموعة «جيه جيه دبليو» للفنادق والمنتجعات التي تعمل في العديد من الدول الأوروبية وبلدان منطقة الشرق الأوسط، مُشيراً إلى أن شراء هذا الرجل لمجموعة من الفنادق الفاخرة عام 2008 في باريس ونيس بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 1.8 مليار دولار أميركي بدا في ذلك الوقت «عائقاً أمام الأجندة القطرية في فرنسا». ومن أجل تذليل هذا العائق، ينقل «رويه» عن المحققين الخاصين الذين تولوا البحث في هذا الملف قولهم، إنهم اكتشفوا الطريقة التي تمكن من خلالها النظام القطري من الاستحواذ على الفنادق التي كانت قد باتت بالفعل بحوزة المستثمر السعودي، بموجب الصفقة التي أبرمها في هذا الشأن مع مجموعة «ستاروود» الأميركية للفنادق والمنتجعات. ويشير المقال إلى أن هؤلاء المحققين اكتشفوا «أدلةً ثمينة تُظهر أن القطريين استخدموا خدمات وسيط لبناني الجنسية يُدعى سليم خوري لتحقيق هذا الهدف». ومما يكشف عن وجود «صلات سرية» بين نظام الحكم القطري وآل الأسد الذين يحكمون سوريا وتزعم الدوحة أنها مصممة على الإطاحة بنظامهم، تأكيد «رويه» في مقاله على أن الوسيط خوري سبق وأن عمل لحساب رفعت الأسد عم الرئيس السوري بشار الأسد. ونقل «رويه» عن مصدر قضائي في لندن - لم يذكر اسمه لحساسية القضية - قوله إن المحققين الخاصين أطلعوا على «أدلة تفيد بوجود مراسلاتٍ بالبريد الإلكتروني بين خوري والمسؤول عن الديوان الأميري لأمير قطر آنذاك (حمد بن خليفة)، وكذلك على زياراتٍ قام بها إلى الدوحة في طي الكتمان». وأشار المصدر إلى أنه ما من شك في أن هذا الوسيط قوض تعاقد المستثمر السعودي مع المجموعة الأميركية للفنادق، بهدف فتح الباب أمام القطريين للاستحواذ على عددٍ من أفضل الفنادق. وكشف المقال أيضاً عن أن هذا الوسيط رتب كذلك زيارةً قام بها باتريك بلكاني - السياسي الفرنسي المقرب من الرئيس السابق ساركوزي - إلى الدوحة، وهو ذاك الرجل الذي وصفه كتاب «برنجير بونت» بأنه «أحد أفضل أصدقاء قطر في فرنسا».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©