الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطط التقشف الإسبانية... وإضرابات الأزمة

خطط التقشف الإسبانية... وإضرابات الأزمة
1 أكتوبر 2010 22:01
تجنب كثير من الإسبان الأسبوع الماضي المشاركة في أول إضراب عام تنظمه الاتحادات العمالية خلال العقد الجاري ضد الحكومة احتجاجاً على إجراءاتها التقشفية، وذلك رغم وصول نسبة البطالة في إسبانيا إلى أعلى مستوى لها بين الدول الأوروبية، ومرور البلاد بإحدى أسوأ حالات الركود الاقتصادي وأطولها. فقد بدا أن الدعوة للانقطاع عن العمل ليوم كامل بهدف الاحتجاج على الإصلاحات الحكومية التي تطال نظام المعاشات، فضلا عن الخفض الكبير في الإنقاق العمومي لتقليص العجز المالي المتضخم... ظلت مقتصرة على الصناعات الكبرى وبعض الخدمات العمومية وقطاع النقل، إذ لم تجد الدعوة إلى الإضراب صدى واسعاً في القطاع الخاص، وبقيت الشركات مفتوحة، كما أن العديد من الموظفين الذين فضلوا العمل والمجيء إلى مكاتبهم انتابتهم مشاعر متضاربة بشأن التدابير التقشفية التي تعمل الحكومة حالياً على تطبيقها. وهي إشارة إلى أن الإسبان، ورغم عدم تحبيذهم فكرة الحد من امتيازاتهم الاجتماعية، إلا أنهم يدركون أيضاً صعوبة المرحلة الاقتصادية التي تعيشها بلادهم وضرورة خفض النفقات لإنقاذ إسبانيا، وإن كانت هذه الأخيرة ليست الوحيدة ضمن الدول الأوروبية التي تواجه إحباطاً شعبياً واستياءً عارماً من التدابير التقشفية. فقد عاشت فرنسا على وقع العديد من الإضرابات خلال السنة الجارية بالإضافة إلى اليونان، كما نزل يوم الأربعاء الماضي عشرات الآلاف إلى شوارع العواصم الأوروبية لإعلان معارضتهم الإصلاحات القاسية التي تعم أوروبا. وفي العاصمة البلجيكية بروكسل مثلا أعلنت الشرطة أن ما لا يقل عن 56 ألف مواطن شاركوا في الإضراب. ومع أن العديد من الموظفين المشاركين في الإضراب أكدوا أن موعد الأربعاء الماضي كان فقط البداية التي ستتلوها إضرابات أشد وأقوى لمقاومة التغييرات التي تجريها الحكومات على نظام الامتيازات الاجتماعية، فقد أشار رئيس المفوضية الأوروبية، خوسي مانويل باروسو، إلى أنه لا خيار آخر لدى أوروبا عدا الاستمرار في التقشف وذلك رغم التداعيات الاجتماعية. وعن هذا الإضراب تقول "إسبيرانزا سانز"، وهي سيدة إسبانية تعمل بائعة في إحدى المحال الكبرى، وشاركت في جميع الإضرابات السابقة بما في ذلك إضراب عام 2002، "لا أعتقد أن الإضراب مفيد الآن"، مضيفة: "كان على الاتحادات العمالية أن تسارع إلى تنظيم الإضرابات في وقت مبكر عندما أعلنت الحكومة الإصلاحات، أما اليوم فما الفائدة من الإضرابات؟". ورغم ذلك لم تخلُ المدن الإسبانية من عنف رافق احتجاجات العمال والموظفين، لاسيما في برشلونة حيث وقعت بعض الإصابات في صفوف المتظاهرين بسبب تدخل رجال الشرطة، كما تم اعتقال عشرات المشاركين ليطلق سراحهم لاحقاً. ويبدو أن التواجد الكثيف لرجال الشرطة، فضلا عن عدم اهتمام الرأي العام، حال دون تصعيد الإضرابات في إسبانيا وإقناع الحكومة بالعدول عن إصلاحاتها التي تهدف من ورائها إلى وقف العجز المالي الكبير في البلاد، لاسيما بعد أن احتل العجز الإسباني المرتبة الثلاثة في عموم أوروبا خلال 2009. وعن المشاركة الشعبية الضعيفة في الإضرابات، يقول "جوزيف أوليفر"، أستاذ الاقتصاد التطبيقي بجامعة برشلونة المستقلة، "أعتقد أن المجتمع الإسباني يدرك صعوبة تخطي الأزمة والتضحيات التي يتعين بذلها، وهو ما يفسر قلة الحماس اتجاه الإضراب في أوساط الشعب". ومن الإصلاحات التي باشرتها الحكومة الإسبانية لتقليل الإنقاق، خفض رواتب الموظفين بنسبة 5 في المئة، ورفع قيمة الضرائب المفروضة مطلع العام الجاري، كما أعلنت زيادات أخرى في الضرائب وخططاً لإصلاح نظام المعاشات، فضلا عن رفع سن التقاعد من 65 إلى 67... وكل ذلك بدعم ومساندة الأحزاب السياسية الرئيسية. كما أن إصلاح قانون العمل الذي صادقت عليه الحكومة يسهل عملية تسريح الموظفين ويقلص تكلفة العمل. ولا تنوي الحكومة ضمن خططها التقشفية تعويض 200 ألف موظف من الذين سيحالون على التقاعد في السنوات المقبلة بهدف تسديد الدين العام الذي تصاعد بسبب الأزمة المالية والركود الاقتصادي. ومع أن الحكومة الإسبانية حاولت في البداية تأخير الإصلاحات والمماطلة في مباشرتها، فإنها اضطرت لاحقاً للإذعان أمام ضغوط الاتحاد الأوروبي، وبخاصة بعد تخوف المستثمرين من احتمال تأثير الأزمة الإسبانية على باقي الدول الأوروبية وجرها إلى العجز عن تسديد ديونها. وفي هذا السياق تعهدت الحكومة الاشتراكية بزعامة رئيس الوزراء خوسي لويس ثاباثيرو، الذي كان البطل في نظر الاتحادات العمالية، بالاستمرار في الإصلاحات وعدم السماح بعجز إسبانيا عن الوفاء بالتزاماتها المالية، وهو ما اضطر البلاد إلى تسديد نصف أقساطها المستحقة عليها للحصول على قروض أخرى تمكنها من مواجهة الأزمة. وقد تلجأ وكالة "مودي" التي تقيم الدول إلى خفض الكفاءة الائتمانية لإسبانيا عندما تنتهي من مراجعة الوضع الاقتصادي للبلاد. هذا وستنشر الحكومة في الأيام المقبلة تفاصيل مقترح الموازنة العامة للعام 2011، وهو المقترح الذي كاد يتسبب في حل البرلمان وتنظيم انتخابات مبكرة بعدما رفضت الأحزاب المتحالفة مع رئيس الوزراء دعمه، ولم ينجُ إلا بتدخل الحزب القومي في إقليم الباسك الذي وافق على مساندة رئيس الوزراء مقابل حصول الإقليم على صلاحيات أكبر لإدارة شؤونه. أندريس كالا - مدريد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©