الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جزاء سنمار (2)

27 يونيو 2006 01:06
قال سنمار للملك: ''أبيت اللعن - وهو دعاء بالخير -! والله إني لأعرف في أركان القصر موضع حجر لو زال من مكانه لزال كل البنيان''، فدهش الملك من كلام سنمار، ودل سنمار الملك على مكان الحجر، ولا شك أن هذا العمل المميز والفريد يستحق التقدير والإكرام، أليس كذلك؟ مسكين سنمار، لقد كان يظن أن الملك سيشيد ويثني على هذا الابتكار العجيب، وهو الذي انتظر لحظة التكريم هذه وأمل في حظوة الرعاية والتقدير ليتقرب من الملك فينتفع به ويستفيد منه في تعمير ملكه ومملكته ويواصل برعاية كريمة من التعمير والتشييد والعطاء بما ينفع العباد والبلاد· لقد كان الملك النعمان بن امرئ القيس مغفلاً وأخرقاً، بل وأنانياً ليس بحكيم ولا يحسن تقدير الآخرين، أتعلمون ماذا صنع! أمر أن يرمى سنمار المعمار من أعلى قصره حتى لا يتمتع أحد بإبداعاته وفضله، فرمي من أعالي البنيان·· فتقطع ومات· حكاية سنمار مشهورة قديماً فهذا أحد الشعراء يستحضر ما جرى لسنمار بعدما مر عليه وجرى مثلما جرى له، فيقول: جزائي - جزاه الله شر جزائه - سوى رصه البنيان عشرين حجة وظن سنمار به كل نافع فقال اقذفوا بالعلج من رأس شاهق جزاء سنمار وما كان ذا ذنب يُعالي عليه بالقراميد والسكب وفاز لديه بالكرامة والقُرب حقاً إنها قصة مؤسفة ونهاية أليمة ومحزنة، أهكذا يكافأ المتفانون في أعمالهم، وهكذا يكون جزاء المبدعين على إنجازاتهم، الصادقين في أقوالهم وأفعالهم، النافعين والمنتجين والمثابرين، ما أشبه اليوم بالبارحة، فهذا هو الواقع الأليم والمؤسف في أيامنا هذه، وهو أن يكون المبدعون والمتميزون ضحايا لأمثال هؤلاء الحفنة من الحانقين أعداء النجاح والمتميزين، الذين امتلأت قلوبهم غلاً وحقداً وحسداً على تلك النعم التي وهبها المبدع عز وجل لمن أحب من عباده فأصبحوا بفضله مبدعين، فطوبى لكل المبدعين، وهنيئاً لكم هذه النعمة، نعمة الإخلاص والصدق في القول والعمل، والإبداع من خلالهما، ثابروا بهن، وسيروا على بركة الله معهن، ولا يضرنكم حنق الحاسدين وغطرسة الحمقى والمغفلين، بل ارعوا هذه النعمة واحفظوها بالاستمرار في عطائكم وبذل المزيد من إبداعاتكم، فكم من نعمان فاشل يحرق نفسه جداً ويموت كل يوم غيظاً وكمداً، فيطمس صوراً مشرقة ومشرفة، ويهمش أخرى بالباطل، وكم من سنمار معمار يبني ويشيد بالحق إنجازات خيرها عميم وظاهر للعيان وضوح الشمس، وصدقوني - ولو طال الزمان - إن لم يكن الإحسان والجزاء من جنس العمل اليوم، فغداً تكون العاقبة والنهاية - إن شاء الله - لكم· منصور محمد المهيري
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©