الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الساحات العامة تعيد توحيد الشعب الألماني

الساحات العامة تعيد توحيد الشعب الألماني
28 يونيو 2006 00:21
رسالة دورتموند: أكرم يوسف عندما بدأت كأس العالم الخامسة عام 1954 بسويسرا لم يكن في ألمانيا كلها سوى 11658 جهاز تليفزيون معظمها في المحال والساحات العامة بالشوارع وعدد قليل جداً في المنازل، واكبر تجمع لمشاهدة مباريات المنتخب الألماني في ذلك الوقت وصل إلى 150 متفرجاً· واليوم وبعد 52 عاماً تغيرت الصورة تماماً وتجاوز عدد الذين شاهدوا آخر مباراة للمنتخب الألماني أمام السويد إلى مليون متفرج في أكبر ميادين برلين واقترب عدد الذين شاهدوا المباراة تليفزيونياً من الـ25 مليون شخص· ما بين 1954 و2006 أشياء كثيرة تغيرت مع تغير العالم والتقدم العلمي والثورة التكنولوجية والاقتصادية وطوال هذه السنوات ومثل أي مكان في العالم ارتبط التليفزيون بالمجتمع مع الأحداث الكبرى ،إلا أن ألمانيا أخذت خطوة متقدمة قبل معظم الدول الأوروبية وبثت على الهواء أول حدث رياضي في تاريخها عام 1936 في دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في برلين وكانت تبث فقط في الساحات العامة حيث كانت إمكانية التقاط الإشارات أكبر إلا أن الصورة تبدو رديئة ومن وقت لآخر تنقطع، ولكنها كانت محاولة أولى لبث بعض المسابقات الأولمبية، وفي نوفمبر من عام 1936 كانت أول محاول لبث مباراة في كرة القدم وكانت بين ألمانيا وإيطاليا، وكان الضباب يحول دون وضوح الصورة بالإضافة إلى صعوبة المصور الذي يحمل الكاميرا فوق كتفه أن يلحق بسرعة الكرة نظراً لوزن الكاميرا الثقيل في ذلك الوقت، وعدم وجود كاميرات أخرى ولكن بعد ثلاث سنوات تحسنت الأمور عندما بثت مباراة أخرى بين ألمانيا وإيطاليا، وتغيرت كل هذه الطرق البدائية مع بدايات التليفزيون عام 1952 وبثت تليفزيونياً أول مباراة محلية من هامبورج بين هامبورج سي اتش والتونا 93 في أغسطس من عام 1952 وبعد عدة أسابيع بثت مباراة أخرى بين سان بولي وهامبورن · ومنذ عام 1953 بدأت الأمور تنظم أكثر وتبث تليفزيونياً مباريات يوم الأحد من كل أسبوع ،وفي ذلك الوقت كانت هناك حقوق للنقل التليفزيوني حيث دفعت الشبكة الألمانية للبث في شمال غرب للأندية التي تبث مبارياتها مابين 1000 و2500 مارك لكل مباراة· معجزة بيرن وساهم مونديال 1954 بسويسرا في سرعة انتشار أجهزة التليفزيون في ألمانيا الغربية وفي يناير من عام 1954 كان عدد أجهزة التليفزيون في ألمانيا كلها 11658 معظمها في الأماكن العامة، وفي ديسمبر من نفس العام وصل العدد إلى 84278 ألف جهاز معظمها في المنازل· ماذا حدث؟ أنه ''المانشيفت'' الألماني الذي فجر مفاجآت ضخمة وشق طريقة للمباراة النهائية ووصل إلى المباراة النهائية وهزم منتخب المجر العظيم 3-2 في وجود بوشكاش وهيديكوتي وكوشيتش نفس الفريق والنجوم الذين هزموا ألمانيا في الدور الأول 8-3 ولذلك وصفت بمعجزة بيرن ،ولذلك كان الإقبال كبيراً على شراء أجهزة التليفزيون رغم ارتفاع أسعارها فالجماهير لاتصدق ما يحدث، وذكرت مجلة دير شبيجل الألمانية في عدد يوم 7 يوليو من عام 1954 أن شركات تليفونكا وسابا وميندي باعت كل ما لديها من مخزون لأجهزة التليفزيون، كما أن شركة فليبس حاولت استثمار تلك المناسبة وعملت مصانعها ساعات إضافية وأنتجت 1000 جهاز في 14 يوماً، ولم يعد هناك جهاز تليفزيون واحد في السوق مقارنة بنفس الفترة من العام الذي سبق المونديال كان عدد أجهزة التليفزيون في ألمانيا الغربية كلها 1117 جهازاً· وكان إعلان شركة سابا يقول: ''يمكنك الآن أن تشارك في الحدث الذي ننتظره جميعا'' ومن لم تكن لديه القدرة على شراء جهاز التليفزيون يذهب للساحات العامة للمشاهدة، ولكنها لم تكن مجانية مثل اليوم، ولابد من دفع ثمن لتذكرة الدخول وتشاهد المباراة وتتناول مشروباً مجاناً· في الساحات العامة كان العدد يتراوح مابين 60 و70 شخصاً، والعدد الأكبر يصل إلى 150 شخصاً، بينما يتجمع في المنازل حول جهاز التليفزيون الواحد مابين 20 إلى 30 فرداً، أما بقية الشعب الألماني فكان يجلس بجوار أجهزة الراديو للاستماع إلى وصف المباريات· أزمة البوندسليجا ونفس الشيء كان يحدث بالتوازي في ألمانيا الشرقية إلا أن هناك أزمة أثيرت في ذلك الوقت عندما تقدمت الأندية بشكوى إلى اتحاد الكرة الألماني تتهم فيه التليفزيون بمسؤولية تراجع الإقبال الجماهيري لحضور المباريات ولذلك تم التوصل إلى اتفاق في أكتوبر من عام 1958 بين التليفزيون الألماني '' أ أر دي '' واتحاد الكرة يتم فيه السماح للتليفزيون بنقل مباراتين فقط لكل نادي خلال الشهر بشرط ألا تكون مباراة يوم الأحد· وعندما بدأ الدوري الألماني للمحترفين '' البوندسليجا '' دفعت شبكة تليفزيون '' ار أر دي '' و '' زد دي أف '' مبلغ 127 ألف مارك لشراء حقوق البث لمدة عامين 1965 و1966 وكانا يتبادلان نقل المباريات وتقديم ملخصات بعد ظهور تقنية '' في تي ار '' عام 1961 التي تساعد على اختصار المباريات وفي الأول من يناير عام 1984 بدأ عصر محطات التليفزيون الخاصة في المانيا التي تمول نفسها بنفسها من خلال عائدات الإعلانات التجارية وكانت قناة '' سات 1 '' هي الأولى التي ظهرت ثم بعد ذلك قناة '' ار تي ال بلوس '' والتي تبث حتى الآن من بلجيكا· ومع انتشار القنوات الخاصة مع بداية التسعينات ظهرت ثقافة '' أدفع لتشاهد '' وكانت محطة تليفزيون بريمير هى أول من بدأ عصر التليفزيون المدفوع في ألمانيا يوم 28 فبراير عام ،1991 ورغم البث المجاني لمباريات المونديال على القناة الألمانية الأولى والقناة الثانية زد دي اف إلا أن بريميرا الرياضية تبث المباريات مشفرة ولكنها تعتمد على قوة الأسماء التي جذبتها لتحليل المباريات مثل أوتمار هيتسفيلد مدرب بايرن ميونخ السابق، وستيفان ايفنبرج نجم المنتخب الألماني وبايرن ميونخ السابق· وشهد عام 1988 نقطة تحول كبيرة في مسيرة الدوري الألماني عندما قرر اتحاد الكرة بيع حقوق مباريات الدوري لشركة خاصة وهى شركة '' يو أف ا '' التي تملكها مجموعة بيرتلسمان ''ودفعت 135 مليون مارك لمدة ثلاث سنوات، وباعت تلك الشركة الحقوق لثلاث محطات ألمانية منها واحدة خاصة وهى '' ار تي أل '' بالإضافة إلى '' ا ار دي '' وزد دي أف ''،وبعد انتهاء الثلاث سنوات دخلت إمبراطورية كيرش الإعلامية بكل ثقلها واشترت الحقوق لمدة 5 سنوات مقابل 700 مليون مارك، وعاد ليدفع ثلاثة مليارات يورو خلال الفترة من 2000 حتى 2004 · إقبال كبير ومع بداية كأس العالم 2006 لم تكن الجماهير لديها ثقة كبيرة في قدرة المنتخب الألماني على تحقيق الفوز ولذلك وصلت نسبة مشاهدة المباراة الافتتاحية إلى20,13 مليون مشاهد بين ألمانيا وكوستاريكا وبعد ذلك ارتفع العدد إلى 23,88 مليون في مباراة ألمانيا وبولندا ،وتراجع إلى 21,27 مليون في مباراة الأكوادور ثم أمام السويد أقترب من الـ25 مليوناً ،ومن المتوقع في مباراة الأرجنتين أن يرتفع أكثر، فالمونديال وأحداثه ونتائج المنتخب الألماني شغلت كل اهتمام الشعب الألماني حتى أولئك الذين لايحبون الكرة، وهنا في ألمانيا هناك الكثير من اللعبات لها جماهيرية كبيرة مثل التنس والسباحة وألعاب القوى وكرة اليد وألعاب التزلج على الجليد، ولكن الكرة الآن تتربع فوق القمة، وما نشاهده خارج الملعب أكثر إثارة مما يحدث بالداخل حيث يتجمع الملايين في الساحات العامة لمشاهدة المباريات ،وهذه التجمعات ساهمت بشكل كبير في توحيد الشعب الألماني على هدف واحد وحلم واحد وأيضاً فرحة واحدة، وأصبح الجميع يخرجون من منازلهم مع زوجاتهم وأطفالهم وأعلامهم للساحات العامة لمشاهدة المباريات أمام الشاشات العملاقة وخلقت نزعة قومية جديدة لم تعرفها ألمانيا من قبل· وقالت صحيفة راين تسايتونج إن كرة القدم تمكنت من توحيد الألمان في كل المدن من الشمال إلى الجنوب في الوقت الذي لم تتمكن فيه السياسة القيام بهذا الدور''·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©