الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تكفير المسلم يعود على من أطلق التهمة

تكفير المسلم يعود على من أطلق التهمة
20 يوليو 2014 22:45
الإسلام يرفض الفكر المتطرف الذي يحكم على الأفراد بالكفر والخروج من الملة، وهو فكر بعيد عن جوهر الدين القائم على الوسطية والرحمــة والاعتدال. يقول د. نصر فريد واصل - مفتي مصر الأسبق: تكفير المسلم أمر خطير جداً، لذلك نهى الإسلام عن تقريره إلا بعد التأكد من وجود أسبابه بطريقة ليس فيه أدنى شبهة. وقد رسخ علماء أهل السنة والجماعة مبدأً مهماً في هذه القضية الخطيرة مفاده «الأفضل أن يخطئ الإنسان في العفو من أن يخطئ في العقوبة»، فمن الخطأ والخطورة تكفير المسلم من دون وجه حق لأن الكفر يرتد حينها على قائله، لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما». ولا يجوز حكم إهدار الدم إلا في حق من ثبت أنه كفـــر باللـــه تعالى، والإيمان والكفر محلهما القلب ولا يطلع على ما في القلوب إلا الله وليست كل القرائن الظاهرة تدل على ما في القلب فأكثر الدلائل ظنية. والإسلام نهى عن اتباع الظن في أكثر من نص في القرآن والسنة وطلب الحجة والبرهان على الدعوة وبخاصة في العقائد والحدود. الإيمان يزيد وينقص ويضيف: لا يســتطيع أحــد الكشف عن عقيدة أحد فلا يجب أن يكفره، والحقيقة أن إيمان الفرد يزيد وينقص على قدر ما يؤدي من مناسك الإسلام، ولكنه يبقي مسلماً لا يستطيع أحد تكفيره طالما يتعلق بالإسلام ونطق بالشهادة، ومن ثم فنحن ضد إطلاق أوصاف تكفيرية في حق مسلمين يؤمنون بما نؤمن به ويصلون معنا ويؤدون فرائض الإسلام لمجرد اختلافنا معهم في الآراء. والتكفير والتفسيق حُكْم شرعي، وهو كغيره من الأحكام الشرعية يجب الرجوع فيه إلى دليل من الكتاب والسنة، فلا يجوز أن يكون التكفير، أو التفسيق، أو التبديع أو التضليل راجعاً إلى هوى، أو عصبية، أو عادة، أو سياسة، أو انتقام وانتصار للنفس أو غير ذلك، لأن الحاكم بشيء مما سبق مُبَلِّغ عن الله عز وجل، فلابد أن يستند في كلامه إلى نص شرعي. التأويل الفاسد وقد ترجم علماء أهل السنة هذه النصوص وما في معناها ترجمة عملية واضحة في هذا الباب، فلم يُكفِّروا إلا من قام الدليل على كُفْره، بل إن من كفَّرهم ظلماً وعدواناً وإسرافاً لم يُكَفِّروه إذا كان لا يستحق ذلك، فنرى الخوارج مثلاً كفَّروا علياً والصحابة - رضي الله عنهم جميعاً-، ومع ذلك لما سئل عنهم - رضي الله عنه - لم يكفِّرهم، مع أنهم يكفَّرونه، وآل أمرهم إلى أن استحلوا دمه بالتأويل الفاسد، فلما قيل له: أُكُفَّارٌ هم؟ قال: مِنَ الكُفْر قد فرُّوا. قيل: أمنافقون؟ قال: المنافق يذكر الله قليلاً، وهم يذكرون الله كثيراً، قيل له: فما هم؟ قال: قوم بغوْا علينا، فقاتلناهم، فلم ينتصر لنفسه ولإخوانه الذين قُتلوا في القتال - وهم أفضل من ملء الأرض من الخوارج - ولم يقل: لقد كفَّروني، وأنا مُبَشَّر بالجنة، ومناقبي مشهورة، إذاً فهم كفار، لأن من كفَّر مسلماً بلا حق فهو أوْلى بهذه الكلمة. التكفير يدرأ بالشبهات ويؤكد د. فريد واصل أنه إذا كانت الحدود تدرأ بالشبهات رغم أن ما يترتب عليها أقل مما يترتب على التكفير، فإن التكفير أولى أن يدرأ بالشبهات، فالتسرع في التكفير يترتب عليه أمور خطيرة من استحلال الدم والمال. ومنع التوارث، وفسخ النكاح، وغيرها مما يترتب على الردة، فكيف يسوغ للمؤمن أن يقدم عليه لأدنى شبهة؟ وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الحكم بالتكفير على شخص ليس بكافر، فقال- صلى الله عليه وسلم: «أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه». وحكم الكفر كغيره من الأحكام لا تتم إلا بوجود أسبابها وشروطها، فلا يحق لمسلم تكفير مسلم إلا إذا رأى منه كفراً ظاهراً، وثبت التكفير به في نصوص الوحي أو كان مجمعاً عليه، وقد حذر أهل العلم من التكفير للشخص المعين ما لم تقم عليه الحجة وينتفي التأويل. ويشدد على خطورة رواج دعاوى تكفير المسلمين والسير خلف هذه الأفكار التكفيرية الضالة التي يطعن بها البعض في عقائد المسلمين‏، داعياً كل مسلم غيور على دينه أن يحذر من تكفير إخوانه المسلمين، فتكفير المسلم كقتله، وعلى أهل العلم أن يبينوا لهؤلاء الذين يكفرون الناس فساد معتقداتهم حتى يرجعوا إلى الحق الذي يرضي الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم. القاهرة (الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©