السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محاربو «آتشيه» السابقون... ساسة جدد!

1 يوليو 2012
أيي جوفريدار مراسل صحيفة "جورنال ناشيونال" اليومية في جاكرتا اكتسبت مقاطعة "آتشيه"، التي تقع على أقصى الجانب الغربي لإندونيسيا سمعة مفادها انتشار وتفشّي العنف فيها منذ حملت حركة "آتشيه الحرة" المعروفة بشكل واسع باسم "غام" السلاح عام 1974 في محاولة للانفصال عن إندونيسيا، وذلك بعد تبنّي الشريعة الإسلامية أساساً لنظامها القانوني عام 2003، فقد سقط آلاف الضحايا في الإقليم جراء مواجهات عسكرية امتدت لمدة تسع سنوات. كما أن النزاع المسلح أدى إلى مقتل جنود وقوات شرطة إندونيسيين، ومقاتلين من "غام"، وأدى في نهاية المطاف، إلى سقوط العديد من المدنيين بالطبع. كانت عملية عبور مناطق تبادل إطلاق النار حدثاً يومياً حتى في المناطق السكنية. تحتاج الحكومة الجديدة التي جرى انتخابها هذا الربيع لبعض الوقت لتشجيع أنصارها على العمل ضمن النظام السياسي، فبعد أن حاربوا ضد الحكومة لفترة تزيد على ثلاثة عقود، أصبح المناوؤن السابقون هؤلاء جزءاً من النظام الديمقراطي. ونتيجة لذلك، يتوجّب عليهم كبح جماح أي عنف من قبل أتباعهم ودفع عجلة المبادئ الدستورية بدل ذلك. أصبح الزلزال الهائل الذي بلغت قوته 8,9 على مقياس ريختر، و"التسونامي" الذي تبعه ودمر إقليم آتشيه في ديسمبر 2004 المدخل إلى إنهاء النزاع الذي استمر ما يزيد على ثلاثين سنة. ومع حجم الكارثة الطبيعية، توجب على حكومة "غام" وضع أولويات لعملية إعادة البناء، بحيث تتسامى على الخلافات السياسية. وفي عام 2005 وقّعت "غام" والحكومة الإندونيسية مذكرة تفاهم في هلسنكي بفنلندا. وتجدر الإشارة إلى أن المذكرة المشار إليها انطوت على اتفاق سلام تاريخي، وقعته الحكومة الإندونيسية وقادة حركة تحرير آتشيه في العاصمة الفنلندية هلسنكي في الخامس عشر من أغسطس 2005، والذي من خلاله تم إنهاء واحد من أطول النزاعات المسلحة في آسيا، حيث استمر لمدة ثلاثين عاماً بداية من 1976 وخلف نحو 15 ألف قتيل وجاء هذا الاتفاق بعد خمس جولات من المفاوضات في هلسنكي منذ يناير 2005 برعاية فنلندية. وقد شكَّل تأسيس أحزاب سياسية محلية، بما فيها حزب "آتشيه" الذي يضم مقاتلي "غام" السابقين، واحداً من الاشتراطات الرئيسية في مذكرة التفاهم في هلسنكي. وفي انتخابات عام 2009 التشريعية، فاز حزب "آتشيـه" بـ 42 مقعـداً مـن مجموع المقاعد الـ 69 في البرلمان الإقليمي الذي يحكم "آتشيه"، حيث فاز بغالبية الأصوات في 23 مقاطعة ومدينة. ورغم انعدام خبرتهم في الساحة السياسية، هيمن محاربو العصابات على مقاعد البرلمان الإقليمي، وفازوا بالسيطرة على حكومة "آتشيه"، وبضربة واحدة، انتقل المحاربون القدامي من الكفاح المسلح إلى السياسة. وفي أبريل، وللمرة الثانية منذ عقد اتفاقية السلام في هلسنكي، عقدت "آتشيه" انتخابات عامة لانتخاب المحافظ ورؤساء البلديات والأوصياء والحكام الإداريين. فاز زيني عبدالله ومذاكر مناف من حزب آتشيه بمنصب المحافظ ونائب المحافظ وحصلا على 1,327,695 صوتاً (55,78 في المئة من مجموع الأصوات) وهزما ثماني شخصيات من المرشحين الآخرين. ورغم أن التصويت في اليوم الانتخابي مرّ إلى درجة كبيرة دون مشاكل، فإن الفترة الانتخابية شابها العنف والترهيب. ففي الفترة ما بين 12 مارس و15 أبريل الماضيين، وجد "معهد آتشيه"، وهو منظمة بحوث غير حكومية 77 حالة من العنف ضمت الترهيب والتهديد اللفظي والعنف الجسدي والإضرار بالممتلكات العامة. وفي بعض الحالات اكتشفت الشرطة أن مرتكبي هذه الأعمال هم أعضاء أو حزبيون في حزب "آتشيه"، الأمر الذي يقترح الحاجة لمزيد من العمل لإتمام التحول من الكفاح العنفي إلى النضال السياسي. إلا أن جهود الحفاظ على السلام تبقى نقطة التركيز لحكومة عبدالله ومناف الإقليمية. قال عبدالله في 17 أبريل الماضي، متحدثاً أمام مجموعة من الصحفيين في منزله في باندا "آتشيه"، العاصمة الإقليمية: "في السنة الأولى (من الحكم)، سوف نحافظ على سلام حقيقي في آتشيه. كما أننا نحاول تحسين الاقتصاد في الإقليم". بالإضافة إلى الاستمرار في الحديث علناً ضد العنف، يتوجب على"عبدالله" وحزب "آتشيه" أن يفعلا المزيد. فاحتمالات العنف حقيقية حيث أن الأسلحة غير الشرعية منتشرة بشكل واسع، وهناك تقارير عن عنف انتخابي، ودلائل على أن العنف ما زال يعتبر أداة من أدوات التغيير السياسي. ويتوجب على "عبدالله" السعي للحصول على دعم من الحكومة الإندونيسية للقيام بحملة أكثر فاعلية من قبل الشرطة ضد من يحملون الأسلحة بصورة غير قانونية، ومن يرتكبون أعمالاً إجرامياً. وقتها فقط يصبح إقليم آتشيه أكثر أمناً وسلاماً. ويتعين على قادة حرب العصابات أن يعلموا أتباعهم عن طريق تشكيل أمثلة تحتذى، وضمن هذا الإطار يمكن القول إنه رغم فوز حزب آتشيه بمقاعد الحكومة، لا يمكن الحفاظ على السلام لجميع سُكان "آتشيه" إلا عندما يسود حكم القانون. ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©