الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نسخ الأحكام تخفيف من الله على الناس

نسخ الأحكام تخفيف من الله على الناس
20 يوليو 2014 23:00
يعلم الله تعالى يقيناً وهو يشرع للناس ما سيبقى من الأحكام وما سينسخ ويعلم الحكم الذي سيحل محل المنسوخ حين يرفع، ويعلم الوقت الذي سيتم فيه هذا كله ومعنى هذا أن الله تعالى حين ينسخ شريعة أو حكماً في شريعة إنما يكشف لنا بهذا النسخ عن شيء من علمه ومن ثم يعتبر النسخ من أنواع البيان، والحكمة في نسخ بعض الأحكام، خاصة أن الأمة الإسلامية في بدايتها حين أعلن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن دعوته كانت تعاني فترة انتقال شاق في ترك عقائدها وموروثاتها وعاداتها حتى جاءت الشريعة الإسلامية إلى الناس متدرجة ومتلطفة في دعوتهم في كثير من القضايا، كما هو الحال في مشكلة شرب الخمر في الجاهلية. تقول الدكتورة إلهام شاهين - أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر: الحكمة من الناسخ والمنسوخ هي نسخ الحكم الأصعب بما هو أسهل منه للتخفيف على الناس وإظهار فضل الله تعالى عليهم ورحمته بهم وفي ذلك إغراء لهم على المبالغة في شكره وتمجيده وتحبيبه لهم فيه وفي دينه وأما الحكمة في نسخ الحكم بحكم يساويه في صعوبته أو سهولته فهذا يكون للابتلاء والاختبار ليظهر المؤمن فيفوز والمنافق فيهلك وليميز الله الخبيث من الطيب. ثبوت النسخومن الآيات التي تدل على ثبوت النسخ ووقوعه في القرآن الكريم قوله تعالى: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)، «سورة النحل: الآية 102»، وسبب نزولها ما رواه ابن عباس، حيث قال: كان إذا نزلت آية فيها شدة ثم نزلت آية فيها لين تقول قريش والله ما محمد إلا يسخر بأصحابه اليوم يأمرهم بأمر وغدا ينهاهم عنه ما هو إلا مفتر فأنزل الله تعالى: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ)، «سورة النحل: الآية 101». ونسخ الأحكام هو أحد العلوم الشرعية ويتعلق بالقرآن والسنة النبوية وهو يهتم بالآيات والأحاديث الناسخة والمنسوخة ويعرف النسخ بأنه إلغاء حكم شرعي ورد في آية أو حديث وإحلال حكم آخر محله أي أن النسخ لا يقع إلا في الأحكام الشرعية ولا نسخ إلا بحكم شرعي وقد استبط العلماء فكرة الناسخ والمنسوخ من آيات قرآنية تتحدث عنه مثل: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، «سورة البقرة: الآية 106»، ومن هنا اعتبروا أن النسخ يعني إلغاء الحكم الشرعي ودعم ذلك عدة أحاديث نبوية شريفة للنبي - صلى الله عليه وسلم - قام فيها بإلغاء أحكام كان قد أقرها فيما قبل ومن أمثلة الآيات المنسوخه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ . . . )، «سورة آل عمران: الآية 102»، والتي نسخت بالآية الكريمة: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ . . . )، «سورة التغابن: الآية 16»، وهناك نسخ القرآن بالقرآن ونسخ السنة بالقرآن ونسخ السنه بالسنة. وأحكام الشرائع اختلفت من شريعة لأخرى كما قال تعالى: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ)، «سورة الحج: الآية 67»، وجاءت الشريعة الإسلامية باعتبارها آخر الشرائع السماوية ناسخة لما سبقها من الشرائع ومهيمنة عليها كما جاء في القرآن الكريم: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ . . . )، «سورة المائدة: الآية 48»، واقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يشرع أحكاماً لحكمة يعلمها ثم ينسخها لحكمة أيضاً تستدعي ذلك النسخ إلى أن استقرت أحكام الشريعة أخيراً وأتم الله دينه. رفع النهي عن زيارة القبوروحدد العلماء طرقاً يعرف بها الناسخ والمنسوخ منها النقل الصريح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو الصحابة، فمن أمثلة ما نقل عنه قوله - صلى الله عليه وسلم: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها»، فإن الأمر بالزيارة رفع النهي السابق وأصبحت الزيارة مطلوبة بعد أن كانت محرمة أو عن طريق إجماع الأمة في عصر من العصور على تعيين المتقدم من النصين والمتأخر منهما كقتل شارب الخمر في المرة الرابعة فإنه منسوخ عرف بالإجماع. ولا خلاف بين العلماء المجيزين للنسخ في جواز نسخ القرآن بالقرآن ونسخ السنة المتواترة بالسنة المتواترة ونسخ الآحاد بالآحاد واختلفوا في نسخ القرآن بالسنة المتواترة فقد أوجب الله تعالى جلد الزانية والزاني مئة جلدة سواء كان - بكراً أم ثيباً بقوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ)، «سورة النور: الآية 2»، ثم نسخ الجلد في حق الثيب بالرجم فقد روي أن ماعز بن مالك الأسلمي أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إني قد ظلمت نفسي وزنيت وإني أريد أن تطهرني فرده فلما كان من الغد أتاه فقال: يا رسول الله إني قد زنيت فرده الثانية. فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قومه فقال: «أتعلمون بعقله بأساً تنكرون منه شيئاً» فقالوا ما نعلمه إلا وفي العقل وأنه لا بأس به ولا بعقله فحفر له حفرة ثم أمر به فرجم. (القاهرة - الاتحاد )
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©