الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

دل بوسكي «الهادئ» يوحّد قلوب الإسبان

دل بوسكي «الهادئ» يوحّد قلوب الإسبان
1 يوليو 2012
نيقوسيا (ا ف ب) - سيكون مدرب المنتخب الإسباني فيسنتي دل بوسكي على موعد مع التاريخ اليوم على الملعب الأولمبي في العاصمة الأوكرانية كييف، وذلك عندما يتواجه “لا فوريا روخا” مع “الآزوري” الإيطالي في نهائي كأس أوروبا 2012. وقد دخل “الهادئ” دل بوسكي إلى نهائيات بولندا وأوكرانيا، وهو يحمل عبء أنه يشرف على أفضل منتخب في العالم وعبء السعي لقيادة “لا فوريا روخا” إلى إنجاز تاريخي لم يسبق لأي منتخب أن حققه في السابق، وها هو على بعد 90 دقيقة من تحقيق هذا الأمر، لكن المهمة لن تكون سهلة في مواجهة منتخب إيطالي فاجأ الجميع وقلب الطاولة على جميع التوقعات. يأمل دل بوسكي “61 عاماً” أن يكرر منتخبه سيناريو 2008 عندما أطاح بالإيطاليين من الدور ربع النهائي، من أجل قيادة منتخب بلاده إلى إنجاز تاريخي جديد يضيفه إلى ذلك الذي سطره في يوليو 2010 عندما أضاف لقب بطل العالم إلى اللقب القاري الذي أحرزه عام 2008. يسعى دل بوسكي إلى منح بلده إنجازاً لم يحققه أي منتخب في السابق، وهو الاحتفاظ باللقب القاري، كما يسعى بدوره لكي يكون ثاني مدرب فقط يتوج بلقب المونديال وكأس أوروبا بعد الألماني هلموت شوين الذي حقق هذا الأمر مع ألمانيا الغربية في كأس أوروبا 1972 ثم كأس العالم 1974. وسينفرد دل بوسكي في حال تمكنت إسبانيا من الاحتفاظ باللقب القاري في أن يصبح المدرب الوحيد في التاريخ الذي يتوج بألقاب مسابقة دوري أبطال أوروبا للأندية “مرتان عامي 2000 و2002” وكأس العالم وكأس أوروبا. ومن المؤكد أن الإنجاز الأهم سيكون بقيادة “لا فوريا روخا”؛ لأن يكون أول منتخب يتوج بثلاثية كأس أوروبا- كأس العالم- كأس أوروبا. وقد أصبحت الإنجازات متلازمة المسار مع “لا فوريا روخا” الذي تصدر تصنيف “الفيفا” لأول مرة في تاريخه عام 2008 ثم عادل الرقم القياسي من حيث عدد المباريات المتتالية دون هزيمة “35”، بينها 15 انتصاراً على التوالي “رقم قياسي”. كما أصبحت إسبانيا بقيادة دل بوسكي الذي بات صاحب الرقم القياسي من حيث عدد الانتصارات مع المنتخب “50 انتصاراً في 60 مباراة مقابل 38 فوزا لسلفه لويس أراجونيس”، أول منتخب يتوج بلقب كأس العالم بعد خسارته المباراة الأولى في النهائيات. ونجح الرجل الهادئ الذي يعمل تحت الرادار ودون الضجة الإعلامية التي تحيط بالمدربين الآخرين، في أن يجعل منتخب بلاده ثاني بلد فقط يتوج باللقب الأوروبي ثم يضيفه إليه اللقب العالمي بعد عامين، وكان سبقه إلى ذلك منتخب ألمانيا الغربية “كأس أوروبا 1972 وكأس العالم 1974”. ومن المؤكد أن دل بوسكي «المحيط التدريبي الهادئ» دخل تاريخ بلاده من الباب العريض بعدما قاد المنتخب الوطني إلى لقب بطل كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه، وذلك إثر فوزه على نظيره الهولندي 1- صفر بعد التمديد في المباراة النهائية لمونديال جنوب أفريقيا 2010. وارتقى دل بوسكي بامتياز إلى مستوى المسؤولية التي ألقيت على عاتقه بعد خلافة أراجونيس الذي قاد المنتخب إلى لقبه الأول منذ 1964 بعدما توج بطلاً لكأس أوروبا 2008 على حساب نظيره الألماني “1- صفر”، وأصبح الرجل الأسطورة في أذهان شعب بأكمله. ونجح رهان الاتحاد الإسباني على مدرب ريال مدريد السابق، وتربع “لا فوريا روخا” على العرش العالمي وانضم إلى النادي الحصري للأبطال، رافعاً عدد المنتخبات التي حملت الكأس المرموقة إلى ثمانية. ومن المؤكد أن دل بوسكي يملك الأسلحة اللازمة التي تمكنه من تحقيق آمال الشعب الإسباني بالصعود إلى منصة التتويج لأن “لا فوريا روخا” يتميز بلعبه الجماعي الرائع والقدرات الفنية المذهلة للاعبيه، وهو يتحدث عن فلسفته قائلاً: “إن كرة القدم رياضة جماعية بامتياز، لكنك تحتاج للفرديات أحيانا من أجل صنع الفارق واختراق الدفاعات. نحن نملك مهارات فردية متميزة في كل خطوطنا، بدءا بالحارس ومرورا بالوسط وانتهاء بالهجوم، إذ تضم صفوفنا لاعبين مهاريين بارزين”. سيبقى دل بوسكي، مهما حصل اليوم، دائماً في الأذهان بأنه المدرب الذي نجح في فك عقدة بلد بأكمله في العرس الكروي العالمي ونجح في قيادة “لا فوريا” روخا إلى أبعد ما نجح فيه أي من المدربين الـ 49 الذين تناوبوا على رأس الهرم الفني للمنتخب الوطني. ومنذ أن تسلم مهامه مع المنتخب بعد كأس أوروبا مباشرة، نجح دل بوسكي في قيادة منتخب بلاده لمواصلة عروضه الرائعة ومسلسل نتائجه المميزة، ولم يلق أبطال أوروبا طعم الهزيمة بقيادته سوى 6 مرات في 60 مباراة، الأولى على يد الولايات المتحدة في نصف نهائي كأس القارات عام 2009 عندما وضع منتخب “بلاد العم السام” حينها حداً لمسلسل انتصارات بطل أوروبا عند 15 على التوالي وألحق به هزيمته الأولى منذ سقوطه أمام رومانيا صفر -1 في نوفمبر عام 2006، فحرمه من تحطيم الرقم القياسي من حيث عدد المباريات المتتالية دون هزيمة، ليبقى شريكا للمنتخب البرازيلي في هذا الرقم “35 مباراة دون هزيمة”، علماً بأن الأخير سجله بين عامي 1993 و1996. أما الأخيرة، فكانت ودية أمام إيطاليا “1- 2” التي كانت الاختبار الأول لمنتخب دل بوسكي في نهائيات كأس أوروبا “1- 1”، وستكون أيضاً الاختبار الأخير. ويعتبر دل بوسكي نموذجاً للمدربين الهادئين الذين بإمكانهم المحافظة على رباطة جأشهم في الأوقات الحرجة ويتمتع أيضاً بطبيعته المسالمة وبمقارباته المدروسة، بالإضافة إلى قدرته على التعامل مع فرق تعج بالنجوم الكبار، لكنه في المقابل، محيط كروي، لديه الحلول دائماً، وهو ما سهل تسلمه السلس لرئاسة الإدارة الفنية المنتخب دون إهمال واقع أنه يعمل دائماً للمحافظة على وحدة وأداء لاعبيه الموهوبين. وخلافاً لأراجونيس الذي عرف عنه طابعه الحاد ومواقفه المثيرة للجدل في بعض الأحيان، أدخل مدرب ريال السابق الهدوء والتحفظ والصبر إلى منصب المدرب، إضافة إلى التواضع. ويلتزم دل بوسكي بالحكمة التي تقول إنه “لا يجب العبث بتركيبة رابحة”، واتخذها مبدأً له منذ أن استلم مهامه مع المنتخب وكان التغيير الوحيد الذي أجراه خلال مشواره مع المنتخب حتى الآن هو تطعيمه ببعض المواهب الشابة من أجل المحافظة على الاستمرارية في النتائج والتنافس والنشاط على الأمد الطويل. لكن مدرب ريال مدريد لم يلتزم في نهائيات كأس أوروبا 2012 بمبدئه تماماً، إذ فاجأ الجميع بالمقاربة الهجومية التي اعتمدها في المباريات الخمس التي خاضها فريقه حتى الآن، حيث أشرك شيسك فابريجاس كرأس حربة أمام إيطاليا في المباراة الأولى، ثم احتكم إلى توريس أمام أيرلندا “4- صفر” وكرواتيا “1- صفر” قبل أن يعود إلى فابريجاس أمام فرنسا في ربع النهائي “2- صفر”، ثم يحتكم إلى الفارو نيجريدو أمام البرتغال “4- 2 بركلات الترجيح”، ما هو مؤكد أن دل بوسكي شخصية فريدة من نوعها. وبينما اشتهر معظم أفراد أسرته في العمل في مجال السكك الحديدية، اختار شخصياً أن يخوض مغامرة مهنية مختلفة عن باقي أقربائه، مفضلاً الاستجابة لرغباته الكروية ومواصلة مسيرته في عالم الساحرة المستديرة. وأثبت دل بوسكي أنه يجيد التعامل مع الضغوط خصوصاً أنه أشرف على أشهر وأنجح فريق في العالم، وهو ريال مدريد من 1999 حتى 2003، فائزاً معه بلقب الدوري عامي 2001 و2003 ودوري أبطال أوروبا عامي 2000 و2002 قبل أن يقال من منصبه عام 2003 من قبل رئيس النادي فلورنتينو بيريز. وطرق الاتحاد الإسباني باب دل بوسكي بعد كأس أوروبا 2008 ليخلف أراجونيس، فلبى ابن سلمنقة النداء الوطني ونجح في قيادة بلاده إلى نهائيات جنوب أفريقيا بطريقة رائعة. من المؤكد أن دل بوسكي لم يخيب ظن الشعب الإسباني بأكمله، بل إنه خلق جواً توحيدياً في البلاد لدرجة أن مقاطعة كاتالونيا التي تطالب باستقلالها رفعت خلال مونديال جنوب أفريقيا العلم الإسباني إلى جانب الكاتالوني في خطوة نادرة، ويبقى الأمل أن يتمكن من دخول التاريخ من أوسع أبوابه، لكن لكي يحقق هذا الأمر على رجاله أن يتخطوا الإيطاليين اليوم على الملعب الأولمبي في كييف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©