السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

السامبا هي الأصل

3 يوليو 2013 22:56
جاء السويسريون في زمن من أزمنة الإبداع الكروي بالمطارق والمتاريس، ليرفعوا عن كرة القدم سذاجتها، فاكتشفنا ما سيسمى لاحقا بالدفاع الخرساني، واحتاجت كرة القدم إلى ما يسد الثقب الذي منه تمر الرعونة، فوقعت العين على نمط تكتيكي كان من وحي العصر صدره الإيطاليون إلى العالم باسم “الكاتناشيو”، ثم أهدتنا الكرة الألمانية نسمة هواء ترفع عنا قيظ التحصين الدفاعي، وهي تبدع أسلوبا مستحدثا فيه كثير من السخاء في إبداع كرة خلاقة. ومن ثغور الشرق سافرت إلى كل المحيطات صحون طائرة عرفت العالم على كرة القدم الآلية، ومن الأراضي الواطئة بغرب القارة العجوز صدرت هولندا كرة قدم شاملة اعتصرت كل القوالب التكتيكية الخلاقة لتهدينا عصيراً مركزاً من الأسلوب الهجومي الذي لا يهاب البطش الدفاعي. وتقلبنا حينا من الدهر على ترددات قديمة، فلا أحد كان يجرؤ على إبداع منظومة جديدة، صحيح أننا نتعرف على أنماط مستحدثة، ولكن القوالب التكتيكية كانت هي هي لا تتغير، إلى أن أطل الإسبان بالتيكي تاكا التي ستغير خارطة الأشياء وتحقق للأمانة فتحا كرويا جديدا، منه ستنال برشلونة في ظرف زمني قياسي ما لم تنله على طول عصورها الكروية، ومن فيضه ستتمكن لاروخا من تصحيح التاريخ، عندما دخلت فعليا إلى ساحة الألقاب التي كانت تراها من بعيد دون أن تجرؤ على الدخول إليها. وكان مثيرا للاستغراب وحتى للحيرة، أن لا تكون للبرازيل بصمة، فمنتخب “السيلساو” لم يترك لقبا إلا وفاز به، لم يترك نجمة إلا وضمها إلى عقده الجميل والفريد، ولم يترك عصرا من عصور كرة القدم إلا وقدم له أساطير، فكيف لا تكون للكرة البرازيلية منظومة تكتيكية تستحق أن تكون علامة فارقة في تاريخ الثورات الكروية؟. أعتقد أن البرازيل لها أكثر من منظومة وأكثر من نسق تكتيكي، البرازيل وحدها من يقدر على تحرير كرة القدم العالمية من استبداد النظم التكتيكية، الاستبداد الذي يلجم القدرة على الخلق والإبداع ويسقط في النمطية والملل، البرازيل وحدها من تملك تفويضا من الإبداع والسحر لتضبط عقارب الكرة العالمية على زمن التغيير، إنها الوحيدة القادرة على إطلاق شرارة الثورات التكتيكية. سنة 1970 في نهائي كأس العالم بالمكسيك أسقطت “السامبا”، الكاتناشيو الإيطالي من سدة الحكم، فعلت ذلك مع الكرتين الشاملة والذكية واليوم تفعله مع “التيكي تاكا” الإسبانية، لتقول أنا الثورة الكروية التي لا تنتهي، وأنا السحر الذي ولد مع كرة القدم ولن يموت إلا مع موتها. بدر الدين الأدريسي | drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©