ساسي جبيل (تونس)
وصف مثقفون ومتابعون للشأن الخليجي التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم لتلفزيون قطر، بأنها تجسيد واضح لحالة من الارتباك الشديد يعاني منه نظام الحمدين والمسؤولون عن السياسة الخارجية ككل، مشيرين إلى أن حمد بن جاسم سعى إلى «تلميع صورة قطر» دون أن يدرك أن حبل الكذب قصير، وأن ما قاله هو «حلقة جديدة لسلسلة من التناقضات والاعترافات، في تأكيد واضح على هشاشة السياسة القطرية الداخلية والخارجية.
وفي هذا الإطار قال الباحث في السياسة العربية الأستاذ عبد القادر الجردي إن أفضل وصف سمعه وقرأه عن قطر خلال الأيام الأخيرة، هو ما قاله ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، حين أكد أن «مشكلة قطر هي أنها صغيرة جداً جداً جداً»، موضحاً أن هذه الجملة القصيرة تحمل في طياتها الكثير من العمق، وتترجم حقيقة هذه الدويلة الصغيرة على كل المستويات. وأضاف أن حمد بن جاسم لجأ لأسلوب التبرير «الأجوف» لسياسات الغدر والتآمر والتدمير التي كان يضعها ضد دول المنطقة عندما كان مسؤولاً عن السياسة الدبلوماسية الخارجية لقطر باعتباره كان وزير خارجيتها، ويمثل الدوحة في المحافل الدولية الكبرى.
وأضاف الباحث التونسي أن حمد بن جاسم، تناقض في الكثير من العبارات والآراء مع نفسه ليؤكد حالة الارتباك التي يعاني منها النظام القطري نفسه، ففي الوقت الذي كثف فيها جهوده لتبرير المواقف القطرية من الأزمات الإقليمية ودور بلده في تمويل ودعم الإرهاب ورعاية واحتضان الإرهابيين والعبث بأمن واستقرار دول المنطقة، عاد ووجه الاتهامات للدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، بالسعي لمحاولة قلب نظام الحكم في قطر، ثم يعود ويناقض نفسه مرة أخرى، ويؤكد أن العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة، كانت جيدة، ومشدداً على احترامه للشيخ زايد، رحمه الله، ووصفه بالوالد مؤكداً أن له الحشمة والكرامة، قبل أن يعود لمحاولة بث فتنة ووقيعة بين الشقيقتين السعودية والإمارات. وأكد الباحث في السياسة العربية أن حمد بن جاسم نفى دعم الدوحة للجماعات والميليشيات المتشددة بليبيا، على الرغم من الجرائم القطرية الجلية والموثقة بالصوت والصورة في ليبيا، والتي كان المتحدث العسكري الليبي أحمد المسماري قد أبرزها في أكثر من مناسبة، مبيناً أن دعم الدوحة لقادة تنظيم القاعدة الذين قاتلوا في أفغانستان لإسقاط نظام القذافي، كان واضحاً ولا غبار عليه. وأوضح الباحث التونسي أن حمد بن جاسم اعتراف، وفي تطور مهم وحيوي ويمكن أن يضع قطر في ورطة حقيقية، بالدور الهدام الذي لعبته قناة الشر وبوق الفتنة «الجزيرة» في تناولها للأحداث بعدد من الدول العربية، معترفاً بعدم اهتمام القناة بعرض الأحداث التي تقع في الدوحة بقدر تركيزها على الأزمات الداخلية في الوطن العربي بذريعة حرية الإعلام والتعبير، معترفاً بأن موقف «الجزيرة» في دول ما سميت بدول «الربيع العربي» جاء بتعليمات من حمد بن خليفة، مؤكداً تسبب «الجزيرة» في حدوث أزمات كبيرة بين الدول العربية والدوحة.
من جهته قال الإعلامي محمد نبراس الجديدي إن اعتراف حمد بن جاسم بعلاقات بلاده الجيدة مع إسرائيل، تؤكد ما كان يقوله الكثيرون من أن النظام في الدوحة يقوم بتنفيذ أجندات إسرائيلية لخلق نوع من التمزق في الصف العربي عامة والخليجي على وجه الخصوص، مضيفاً أن وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، الذي يعد هو المسؤول الرئيسي في تنفيذ هذه الأجندة، سعى خلال حواره مع التليفزيون القطري إلى أسلوبه المعتاد في التضليل ونشر الأكاذيب والالتفاف على الحقائق.
وأكد الجديدي أن دعوة خبراء وباحثين فرنسيين، إلى مواجهة الدعم القطري للإرهاب خلال مؤتمر عقد في العاصمة الفرنسية باريس يوم الخميس الماضي، وقبله مؤتمرات عقدت في مدريد وبروكسل، تمثل الحرص من جانب دول العالم على كشف الدور التخريبي الذي تقوم به قطر والذي كان قد بدأ في عهد نظام الحمدين «حمد بن خليفة وحمد بن جاسم»، موضحاً أن المشاركين في هذه المؤتمرات أجمعوا على أن حمد بن جاسم كان هو من يتولى بنفسه إدارة عمليات تمويل الإرهاب.
وأشار إلى أن حديثه الأخير للتلفزيون القطري لا يعد إلا محاولة أيضاً من جانبه لتلميع صورته وغسل يديه من الاتهام المباشر الذي وجهته إليه الجمعيات الحقوقية العربية والغربية، موضحاً أن هناك توجهاً دولياً شبه جاد لمحاكمته ومحاكمة النظام القطري.
وانتقد سياسي ليبي مقيم بتونس وهو محمد جمعة بوعجيل تصريحات حمد بن جاسم والتي حاول خلالها نفي علاقة الدوحة بما حدث في ليبيا والتغطية على التدخلات القطرية في الشأن الداخلي، معتبراً أن حمد بن جاسم حاول من خلال تلك التصريحات المتعلقة بليبيا تبرير الدور القطري المشبوه في ليبيا، مؤكداً أن تصريحاته هي محاولة بائسة ويائسة للدفاع عن قطر، ومشدداً على أن المجتمع الدولي يتحرك بشكل جاد لوقف القيادة القطرية عن استمرارها في هذا المخطط.
عدد اليوم
