الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أولياء الأمور بين سندان «العربية» ومطرقة «الإنجليزية»

أولياء الأمور بين سندان «العربية» ومطرقة «الإنجليزية»
2 أكتوبر 2010 20:40
في واقعنا اليوم صار الشغل الشاغل لدى الناس عند العودة إلى المدارس التفكير في كمية الكتب التي يأخذها الطالب والمنهاج الذي ينتسب إليه، هل هو (أميركي أم بريطاني) ومستوى اللغة الإنجليزية للمدرسة ومن يشرف على التدريس فيها عرب أم أجانب؟ وباتت أسر كثيرة تلحق أبناءها بالمدارس الخاصة على اعتبار أن المنهاج بأكمله يدرّس باللغة الإنجليزية، ويعتمد على التركيز والتحليل أكثر من الحفظ، والهيئة التدريسية على مستوى عال من الكفاءة في تقديم المعلومة بطريقة سلسلة وبعيدة عن التعقيد. من منا لا يتمنى لأبنائه تحقيق نجاح مميز يفخر به أمام الجميع، ويحقق لهم مالم يحققه -ربما- لنفسه، سواء انطلاقاً من وعينا بأهمية العلم واللغات والمناهج الحديثة، أو لأن عقدة النقص الموجودة لدى البعض منا نسقطها على أطفالنا، فنريد من خلالهم تحقيق ما عجزنا عن تحقيقه.. وعلى حد القول الشهير: «مالم نتعلمه نحن، على أولادنا تعلّمه» فهذا -ربما- هو مفهوم التميز لدى البعض. يفضل الكثير من الآباء أن يكون أبناؤهم طلاباً في مدرسة خاصة تُدرّس مناهجها الغربية بلغة إنجليزية. وثمة من يرى في المدارس الرسمية امتيازات رائعة حيث تحظى بدعم حكومي لايتوافر للمدارس الخاصة التي تزداد رسومها الدراسية لتصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 40 ألف درهم للمرحلة الابتدائية.. لكن المقارنة بين اللغة العربية ومناهجها التعليمية، وبين اللغة الإنجليزية ومناهجها التعليمية مستمرة حتى إشعار آخر. مستوى عال ألحقت أم عثمان بناتها الثلاث ـ في المراحل الدراسية الابتدائي والإعدادي والثانوي ـ بالمدارس الخاصة ذات المستوى العالي، والسبب كما تقول: «أهم ما يميز المدارس العالمية أنَّها تعلم الطلاب طريقة التفكير، وتربيهم على التحليل لا الحفظ المجرَّد، كما أن مناهجها ذات مستوى عال، أما طلاب بعض المدارس العربية لا يستطيعون الإجابة عن سؤال أجابوا عليه من قبل لو أجريت عليه قليلاً من التحوير، ومعلموهم للأسف ينتمون أصلاً التوجه والنمط نفسيهما». تخالفها الرأي باسمة مصطفى- ربة بيت، فمن خلال تجربة ابنها الذي ألحقته بمدرسة خاصة تؤكد أن البعض من المدارس الخاصة تهتم باللغة الأجنبية أكثر من الاهتمام بالتربية الإسلامية واللغة العربية! والحصص المقررة لهذه المواد تكاد تكون في الأسبوع مرتين، ناهيك عن أن بعضها يضم طلبة من الذكور والإناث «مختلطة» في المراحل الاتدائية وهذا أمر غير مرغوب، كما أن مستواهم في اللغة العربية يكون متدنياً جداً، فلقد رأيت طفلة تدرس في إحدى هذه المدارس العالمية وكانت تكتب الكلمات العربية من اليسار إلى اليمين». بين نارين يلتقط سالم أحمد- موظف، أطراف الحديث ذاكراً تجربة ولده في الصف الخامس، ويقول: «أدخلت ولدي لمدة سنتين في مدرسة «أجنبية» وذلك لأنني أرى أهمية اللغة الإنجليزية، لكني وجدت أن سلبياتها كثيرة جداً، بالذات الضعف الكبير باللغة العربية والتربية الدينية، لذلك قررت أنا ووالدته إخراجه منها وإدخاله مدرسة أخرى خاصة تهتم بالجانب الديني والتربوي واللغوي أكثر». لكن ما هو البديل؟ يتساءل سالم مسترسلاً: «المدارس الحكومية كثيراً ما تكون مناهجها صعبة وموادها دسمة على الطالب، كما أن الدوام يبدأ من الصباح الباكر وحتى الحصة الثامنة يكون فيها الطالب هنا قد «استوى»، بمعنى فقد قدرته على التركيز والتفكير ولا يعود قادراً على الاستيعاب أو الانتباه لشرح المدرس». سلبيات متعددة قام أبو الطيب رشيد- مهندس معماري، بتسجيل ولديه في مدرسة حكومية ثم نقلهما لمدرسة خاصة، عن ذلك يقول: «المدارس العالمية مناهجها جيدة وتكسب أولادنا اللغة الإنجليزية وتعلمهم مبادئ طيبة كالإخلاص والتسامح والتهذيب في التعامل، لكن ثمة احتفالات وطقوساً لا تتصل بتقاليدنا وعاداتنا يمكنهم اكتسابها دون أن ينتبهوا إلى ذلك»، ويضيف: «رغم ارتفاع رسوم المدارس الخاصة إلا أن الإقبال عليها يتضاعف أكثر في كل سنة، ورغم السلبيات التي تحفها، ما زال الكثير مقتنعاً بإلحاق أولاده بها، لأن تعلم الطفل اللغة الأجنبية بالنسبة لأولياء الأمور هو في المقام الأول، فبعد التخرج، الوظيفة مضمونة والراتب مجز والامتيازات متعددة». لا للإنجليزية! لم أدخل ابنتي الوحيدة مدارس عالمية، رغم أن زوجي تخصصه إنجليزي، هذا ما تقوله سحر البلبيسي موضحة: «سمعت الكثير من شكاوى الأمهات اللاتي مررن بتجارب مع أبنائهن وبناتهن في المدارس الخاصة -تحديداً- ذات المنهاج الإنجليزي والأميركي، فقررت عندما يصل ابني إلى المراحل الأولى من الدراسة ألا ألحقه بمدرسة خاصة لأنني أشعر بأن اللغة الإنجليزية قد تطغى على اللغة الأصلية، وفيها ما فيها من التبعية. مشيرة إلى أنه لابد أن يكون الإنسان فخوراً بلغته التي هي لغة القرآن الكريم، كما أن الكثير من أولياء الأمور لا يعلمون ماذا يتلقى الطفل من أفكار في مرحلة التأسيس، وهذا أمر خطير، لذلك من باب الاطمئنان على ابني فضلت أن يكون بالمدرسة الحكومية التي تقدم منهاجها باللغة العربية، وبذا أعرف أية علوم يتلقى ابني». لغته قوية! من خلال عملها كاستشارية تربوية متخصصة في تطوير سلوك الطفل، ومشاهدتها الكثير من تجارب أولياء الأمور، تشير هدى العلي إلى هذا الموضوع وتقول عن تجربة ولية أمر: «تدخل أم محمد إلى مدرسة من المدارس التي تبحث فيها عن طموحها في المنهاج ورؤية الكتب التي سيدرسها محمد، فما إن وجدت كتب اللغة الإنجليزية كبيرة الحجم وعددها يصل إلى ستة أو يزيد حتى انبهرت، فلقد وجدت ضالتها وما تبحث عنه. فسجلته في المدرسة وهي فرحة بالمستوى الذي سيصل إليه، وفعلاً بعد سنوات تحقق طموحها فابنها لغته الإنجليزية قوية، ولكنه للأسف فشل في القراءة والكتابة باللغة العربية- اللغة الأم وهي لغة القرآن الكريم ومفتاح الوصول إلى التقدم ورفعة الأمة». تضيف العلي: «أصبح الكثير من أولياء الأمور يركزون على اللغة الإنجليزية وكأنهم يؤكدون أن بتعلمها ضرورة، فلقد وصل (محمد وراشد وحنان وسعود واليازية) إلى أعلى المناصب، وسيدرسون في أعرق الجامعات بفضل لغتهم القوية التي أتقنوها في المدارس الخاصة». إذاً.. وفي سبيل بناء جيل مبدع لابد من إلحاق الطفل بمدرسة تطبق القيم والأخلاق في صفوفها إلى جانب التركيز على «مادة اللغة العربية والقراءة الحرة»، فالقراءة تساعد الأبناء على الإبداع والتميز وتطوير القدرات، وعلينا أن نصنع جيلاً في عمر 14 سنة ولكنه يقرأ أمهات الكتب وهذا يحتاج منا إلى برامج تطوير لمهارة القراءة. نصائح تربوية ? يجب على كل رب أسرة عدم التركيز على كمية الكتب وإنما النظر إلى كمية المعلومات المكتسبة من المعلم.. والحرص كل الحرص على اللغة العربية حتى لو اكتسب الأولاد لغات العالم كلها. ? لنتذكر دائماً أننا حين نخطط لبناء منزل نفكر أولاً في الأساس وقوة هذا البنيان على مدى الزمن. ? انظروا لأبنائكم وأنتم تؤسسون معهم لحياتهم إلى ماذا يحتاجون من قيم ومن لغة مهارات ليصلوا إلى التميز والإبداع. اللغة الإنجليزية مهارة يستطيع أي طفل اكتسابها وتعلمها سواء في المدرسة أو المنزل والتشجيع هو العامل الوحيد المساعد للتدريب على هذه المهارة. أما دوافع الآباء في تعليم أبنائهم في المدارس الخاصة فهي: ? تعلُّم اللغة الإنجليزية. ? قوة المناهج العلميّة وطريقة التدريس وتعليم التفكير. ? الاعتراف بشهاداتها عالمياً والحصول على وظيفة وراتب مجز بعد التخرج. ? عدم انتمائها لبلد معين.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©