الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر... الجيش يحسم الأزمة

مصر... الجيش يحسم الأزمة
4 يوليو 2013 00:43
كريستين شيك القاهرة يوم أمس أعلن الجيش المصري تعطيل الدستور وتكليف رئيس المحكمة الدستورية بإدارة شؤون البلاد في إطار خارطة طريق تهدف إلى الخروج من الأزمة السياسية والتي تشهدها مصر وتشكيل حكومة كفاءات وطنية. عاشت مصر هذه الأيام على وقع انقسامات حادة في المجتمع تعكسها الحشود الضخمة التي نزلت إلى الشوارع، سواء للاعتراض على الرئيس مرسي، أو تأييده مع عرض كل من الحشدين عضلاتهم في الميدانين والساحات العامة فيما تحبس البلاد أنفاسها ترقباً للطريقة التي سيتم بها الخروج من الأزمة القائمة بين الجيش والرئاسة. وفي الوقت الذي كانت فيه المهلة التي حددتها المعارضة لمرسي لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة تقترب من النفاد، تقدم المتظاهرون المناوئون للرئيس نحو القصر الرئاسي، وفي المقابل دعت جماعة “الإخوان المسلمين” المؤيدة لمرسي المصريين كافة للخروج إلى الشارع والتعبير عن مساندتهم للشرعية. لتبدأ في التجمع أعداد غفيرة من الأنصار في القاهرة والمدن المحيطة بها. وتعكس الحشود والحشود المضادة التي تغص بها ساحات مصر وشوارعها حالة الاستقطاب الشديد وأجواء عدم الاستقرار التي تهز مصر في انتظار ما ستسفر عنه مهلة الثماني وأربعين ساعة التي حددها الجيش للرئيس مرسي والمعارضة لتسوية الخلافات المستحكمة بينهما وتجنيب البلاد حالة الفوضى. وكان مكتب الرئيس مرسي قد أصدر بياناً قبل خطابه الأخير ليلة الثلاثاء الماضية رفض فيه التدخل العسكري في المعترك السياسي. لكن دون أن يحدد الخطوات التي سيتخذها لتخفيف حدة التوتر، حيث جاء في البيان المكتوب بعناية أن الدولة الديمقراطية في مصر هي أعظم إنجاز لثورة 2011، وأن مصر “لن تسمح لنفسها بالرجوع إلى الوراء”، وأضاف البيان في إشارة إلى مهلة الجيش أن الرئيس لم يُستشر عندما أصدرت المؤسسة العسكرية بيانها، مشيراً أن الرئيس بصدد تداول ما جاء فيه. لكن رغم تجمع مؤيدي مرسي في الميادين يبدو أن عزلته السياسية آخذة في التصاعد بعدما استقال ستة من وزرائه واثنان من المتحدثين الرسميين باسم الرئاسة، يضاف إلى ذلك قرار المحكمة الدستورية ببطلان تعيين النائب العام الذي نصبه مرسي في شهر نوفمبر الماضي في ضربة أخرى للرئيس. ولعل ما زاد من توتير الوضع الخطاب المفاجئ للرئيس يوم الثلاثاء الماضي الذي أعرب فيه تمسكه بالشرعية ورفضه لمطالب المتظاهرين بالتنحي، أو تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، معتبراً أن الشرعية هي الضمان الوحيد للحفاظ على الدولة واستمرار الثورة، وعدم انجراف مصر إلى مستنقع الفوضى والمواجهات، معيداً في الوقت نفسه طرح مبادرة الحوار مع المعارضة. وكانت الأحداث قد اتخذت منعطفاً دراماتيكياً بعد بيان الجيش الصادر يوم الاثنين الماضي الذي أعطى فيه للرئيس وقوى المعارضة مهلة 48 ساعة “للاستجابة لمطالب الشعب”... هذا الإنذار تلا مباشرة الحشود الكبيرة التي تدفقت على ميدان التحرير وفي محيط قصر الاتحادية مطالبة الرئيس بالتنحي، مؤكدة أن مرسي فشل خلال فترة السنة التي قضاها في الحكم، وخسر بالتالي شرعيته أمام الاحتجاجات الشعبية. ومن جهة أخرى يرى مؤيدو مرسي في المحاولات الرامية إلى إزاحته من السلطة والبيان الصادر عن الجيش انقلاباً عسكرياً مع تشديد بعضهم على استعدادهم لبذل أرواحهم من أجل حماية الشرعية، وهو ما عبر عنه أحمد راشد الذي كان يتظاهر مع أنصار الرئيس بالقاهرة، قائلا “لن نسمح بعودة الجيش مجدداً إلى السلطة، ولن نتخلى عن حريتنا وبلادنا”، مضيفاً “كلنا مستعدون للتضحية بحياتنا لمنع ضرب الشرعية والاستيلاء على السلطة”، وأصر المتظاهرون الموالون لمرسي أن الجيش لن ينقلب على الرئيس وأنهم لن يسمحوا بذلك، مع تشديد البعض أنهم لا يدافعون عن شخص مرسي، بل عن يدافعون عن المبادئ الديمقراطية في مصر. وفي إصرارهم على رفض أي تدخل عسكري لإزاحة مرسي أكد العديد من مؤيدي مرسي في ميدان “رابعة العدوية” أنهم سيعتصمون في الساحات حتى يتم تأمين الرئيس، وهو ما عبر عنه “عبدو مصطفى بردويل”، القيادي بحزب الحرية والعدالة بدمياط، قائلا “نحن ملتزمون بجميع الطرق السلمية في الاحتجاج لحماية الشرعية وإرادة الشعب”، غير أن العديد من مؤيدي مرسي تبنوا لغة أكثر حدة عندما أكدوا استعدادهم لكل شيء بما في ذلك التضحية بأرواحهم لحماية الشرعية الديمقراطية، وفي هذا السياق قال “عمرو بسيوني”، المهندس المدني الذي يتظاهر تأييداً للرئيس “أفضل الموت على الرجوع إلى العهد السابق”، فيما حذر مؤيد آخر لمرسي هو، محمد صبري، أن أي انقلاب عسكري سيقابل “بثورة إسلامية”لن تتوانى عن استخدام العنف ضد من يعارض الديمقراطية... هذه الدعوات المتشددة ترددت أيضاً على مواقع التواصل الاجتماعي ومن قياديين بارزين في جماعة الإخوان المسلمين منهم من كتب على صفحته الرسمية بالفيسبوك “إن سبيل الشهادة لمنع الانقلاب هو ما نستطيع تقديمه لشهداء الثورة السابقة”، ويدعو قادة الإخوان المسلمين أنصارهم للنزول بكثافة إلى الشارع لإظهار مدى انقسامه. ويرى “خليل العناني”، الخبير في شؤون الإخوان المسلمين بجامعة دورهان البريطانية أن “دعوات النزول إلى الشارع التي يطلقها الإخوان تندرج في إطار الضغط على الجيش وتعزيز موقف مرسي في علاقته بالمؤسسة العسكرية”. ويتابع الخبير أنه في حال تنحي الرئيس، فإن ذلك قد يحدث خلافاً داخل الجماعة وقياداتها، كما سيولد انقساماً بين القادة والشباب، لذا يعتبر العناني أنه “بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين يمثل بقاء مرسي في السلطة مسألة حياة، أو موت، فهم انتظروا ستين عاماً لتولي السلطة ولن يتخلوا عنها بسهولة”. وفي الجهة المقابلة قال أحد نشطاء حركة “تمرد” المناهضة للرئيس والتي تقف وراء الاحتجاجات المطالبة بتنحي مرسي أن أي خوف من رد فعل سلبي لأنصار الرئيس لا يبرر تجاهل مطالب الملايين من المصريين الذين يريدون رحيله، مؤكداً أنه “لو استمرت جماعة الإخوان المسلمين في السلطة، فإن ذلك سيعني المزيد من الانقسام وغياب الاستقرار السياسي”. ينشر بترتيب خاص مع خدمة “كريستيان ساينس مونيتور”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©