السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جهود كيري... اختبار لمقاربة متفائلة

4 يوليو 2013 00:10
بول ريكتر واشنطن في ديسمبر 2003، عندما كان متأخراً جداً عن هاورد دين في استطلاعات الرأي الخاصة بالانتخابات الديمقراطية التمهيدية لاختيار من سيترشح للانتخابات الرئاسية باسم الحزب، قام السيناتور جون كيري برهن منزله لجمع 6?4 مليون دولار من أجل حملته الانتخابية؛ فأتى الرهان الخطير أكله خلال الشهر الموالي، عندما فاز في محطة آيوا الانتخابية. وفي 2010، قاد كيري معركة حامية الوطيس من أجل تشريع يتصدى لمعضلة تغير المناخ، شملت 300 اجتماع أو اتصال هاتفي قبل موت القانون. وفي تعليقه على ذلك، قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ هاري ريد (الديمقراطي عن ولاية نيفادا) إنه لم يسبق له أن رأى شخصاً يشتغل على أحد التشريعات بجد أكبر من كيري. وكرئيس للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، انخرط كيري في جهود لإقناع الرئيس السوري بالانخراط في مبادرة دبلوماسية كان يعتقد أنها يمكن أن تفضي إلى سلام على صعيد المنطقة. فزار كيري دمشق ست مرات، وأُخذت له صور في مطعم راق رفقة الأسد وزوجته، وتعرّض لسخرية بعض المحافظين الذين انتقدوه بعد أن وصف الرجل القوي في سوريا بأنه «إصلاحي»، قبل أن تنتهي تلك الجهود إلى الفشل. والواقع أن أبرز ما يميز مشوار كيري السياسي، الذي يمتد على مدى أربعة عقود، هو التفاؤل والمثابرة، وذلك رغم احتمالات النجاح الضئيلة في كثير من الأحيان، وأحياناً لدرجة ما كان يعتبره بعض المنتقدين سذاجة أو تغافلاً من جانبه. واليوم، وكوزير للخارجية، وضع كيري قوة التفاؤل تحت الاختبار في واحد من آخر الأماكن التي قد تخطر على البال: الشرق الأوسط، الذي قضى فيه الإسرائيليون والفلسطينيون ثلاث سنوات من دون مفاوضات سلام مباشرة. ففي ظل أجواء تغلب عليها الكآبة، قام كيري برحلات مكوكية عبر المنطقة محاولاً إقناع الزعماء المتشككين بأنه إذا توافرت المثابرة والمواقف الإيجابية، يمكن لاحتمالات النجاح الضئيلة أن تثمر نتائج إيجابية. وفي هذا السياق، قال كيري يوم الأحد في ختام خامس زيارة يقوم بها إلى المنطقة في ظرف ثلاثة أشهر، أي أكثر مما قامت به سلفه هيلاري كلينتون في ظرف أربع سنوات، «إنني من المؤمنين بإمكانيات النجاح»، مضيفاً: «وأنا واثق تماماً أننا على الطريق الصحيح». وبعد20 ساعة من المحادثات الماراثونية في ستة اجتماعات مع الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين، أعلن كيري أن استئناف المفاوضات بات «في المتناول». غير أن الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين قالوا إن أي اختراق لم يتحقق. كما قال كيري إن الوقت أخذ ينفد لكي يقوم الزعماء باتخاذ «قرارات صعبة» بشأن السلام، ما يمثل اعترافاً بأنه سيتضح قريباً ما إن كانت مقاربته المتفائلة «ضربة معلم» أم إخفاقاً مدوياً. والواقع أن المؤشرات على العراقيل وتشكك الجانبين موجودة في كل مكان. فهذا وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون قال لجمهور في واشنطن مؤخراً إن مبادرة كيري «فشلت حتى الآن». وفي الأثناء، يجادل أعضاء كبار من الائتلاف الحاكم في إسرائيل حول ما إن كان هدف إقامة دولة فلسطينية أمراً يستحق العناء أصلًا. وفي العشرين من يونيو، قام رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد بتقديم استقالته بعد أسبوعين في هذا المنصب، مشتكياً من الفساد، وهو ما زاد من إضعاف رئيس السلطة الفلسطينية الذي يفترض أن يتفاوض بشأن السلام. شيمي شاليف، كاتب العمود بصحيفة «هآريتس»، وصف كيري بأنه «قوة دبلوماسية نشطة... ترهق الجميع بحديثها عن الوسائل وإمكانيات النجاح»، مضيفاً» أنه يجد كيري مثل «نسمة هواء منعش، واستراحة من الرافضين مرحباً بها». لكنه يقول إن الكثيرين ممن يجتمع معهم وزير الخارجية الأميركي يعتبرونه «في اللغة الإسرائيلية … مغفلاً، وأبله، وأضحوكة». غير أن كيري يقول إن الانتقادات لا تنال من عزيمته وتصميمه. وقد اختار الإبقاء على تفاصيل محادثاته مع الإسرائيليين والفلسطينيين قيد الكتمان؛ لكن من الواضح أنه يحاول مراكمة تنازلات كافية من كل جانب لمنح الآخر الغطاء السياسي اللازم لاستئناف المفاوضات. والواقع أن أسلوبه بسيط: فهو يقف على أبواب الزعماء ويرفض المغادرة. وهكذا، وبثقة كبيرة في قدرته على الإقناع و«التسويق»، تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي كل يوم خلال بعض المراحل، وكذلك فعل مع عباس. وأوضح بشكل لا لبس فيه أنه مستعد لإلقاء اللوم على الطرف الذي لا يبدي تعاوناً؛ وهو تهديد حقيقي على اعتبار أن الفلسطينيين بحاجة إلى المال الأميركي، وإسرائيل تعوّل على واشنطن للتعاطي مع تهديد برنامج إيران النووي. غير أن كيري يُبقي على الجانبين أيضاً في حالة ارتباك من خلال تعليقات لا يمكن التنبؤ بها. وعلى سبيل المثال، فإنه فاجأ الكثيرين الشهر الماضي، عندما أخبر الكونجرس بأنه بعد عامين آخرين من دون مفاوضات، سيصبح قيام دولة فلسطينية مستقلة أمراً مستحيلاً. وفي هذا السياق، قال محلل مخضرم مختص في شؤون الشرق الأوسط، اشترط عدم الكشف عن هويته، حول مقاربة كيري: «إنهم لا يعرفون ما الذي سيقوله أو سيفعله»، مضيفاً: «إنهم يفاجأون، إذ من الصعب إعداد أو وضع عراقيل عندما لا تعرف ما الذي سيأتيك. وأعتقد أن ذلك أمر رائع». أما صديق كيري القديم ومساعده السابق إيفان شلاجر، فيقول إن رئيسه القديم «يؤمن بأن المرأ إذا بذل جهداً حقيقياً، فإن أشياء جيدة ستتمخض عن ذلك. وهذا هو جوهر شخصية كيري باختصار!». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©