الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرازيل: الاحتجاجات تحجب الفرحة!

4 يوليو 2013 00:11
أندرو داوني البرازيل حالة من التناقض سيطرت على مشاعر البرازيليين يوم الأحد الماضي، ففي الوقت الذي كان فيه المنتخب الوطني للبرازيل يحتفل بإحرازه النصر على المنتخب الإسباني، وفوزه بلقب كأس القارات للمرة الثالثة على التوالي، وهو إنجاز مهم يسبق بطولة كأس العالم التي ستستضيفها البرازيل، كانت أصوات المحتجين وهتافاتهم تتردد خارج أسوار الملعب، حيث خاضت الشرطة معارك مستمرة مع المتظاهرين المستائين ليس فقط من الأموال الطائلة التي يتم إنفاقها على تنظيم منافستين كبريين لكرة القدم على المستوى العالمي، بل أيضاً من الفساد وسوء الإدارة المستشريتين في البرازيل، والاحتقان الذي يتسبب فيه النظام السياسي. وقد عمت البلاد في الأسابيع الأخيرة موجة من الاحتجاجات الكبيرة التي خرج فيها المواطنون تظاهراً ضد عدد من القضايا، مثل الفساد والإنفاق المبالغ فيه على التظاهرات الرياضية الكبرى، فضلًا عن تدهور الخدمات العمومية وعدم تمويلها بالقدر الكافي الذي يخدم المجتمع ويلبي احتجاجاته. وفي محيط الملعب الذي شهد الاحتفالات بفوز البرازيل بكأس القارات لكرة القدم كان المحتجون يرمون بالزجاجات الحارقة على الشرطة التي كثفت وجودها بجوار الملعب، حيث يُعتقد أنه الانتشار الأكبر للشرطة البرازيلية في حدث رياضي منذ سنوات طويلة. هذا كله فيما كان نحو 70 ألف مشجع يحتفلون على نحو صاخب بالنصر مع فريقهم الوطني، وكأن الأمور هادئة والوضع مستقر. ويأتي انتصار البرازيل على المنتخب الإسباني وظفره بكأس القارات ليزيد من احتمالات الانتصار في الاستحقاق الأهم الذي تستعد البرازيل لتنظيمه في السنة المقبلة، حيث ستدخل البرازيل منافسة كأس العالم فوق أراضيها على أمل أن تحصل على الكأس. وفيما أقنع المنتخب البرازيلي محبيه في الداخل والخارج بأنه قادر على هزيمة أبطال أوروبا ومستعد للذهاب إلى كأس العالم بحظوظ وافرة لتحقيق الفوز يبقى السؤال الجوهري هو ماذا بعد انتهاء الحدث؟ وهل ستعيق الاحتجاجات المستمرة تنظيم التظاهرة الرياضية الأكبر في العالم؟ فعلى رغم تراجع حدة الاحتجاجات في الأيام الأخيرة مقارنة بالأسابيع السابقة وخفوت صوت المتظاهرين في الشوارع، إلا أن ذلك حسب، “رافائيل كورتيز”، المحلل السياسي المتابع للوضع في البرازيل، راجع بالدرجة الأولى إلى التعب الذي تملك المتظاهرين وليس إلى النصر الذي حققه المنتخب، موضحاً ذلك بقوله: “من الطبيعي أن تتلاشى الاحتجاجات تدريجياً مع الوقت لأنه من الصعب الإبقاء على الزخم والاستمرار في تعبئة الناس لفترة أطول”. مضيفاً أن “ما سيحدث هو تراجع أعداد المحتجين بحيث سيتم التركيز على قضايا بعينها”. ومع أن الرئيسة ديلما روسيف ليست من عشاق كرة القدم الذين يحضرون المباريات بانتظام، إلا أن الهتافات المنددة بها وبرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جوزيف بلاتر، التي قابله بها الجمهور كانت واضحة في رسالتها، وليس غريباً أن تمتنع روسيف عن حضور المقابلة النهائية التي شهدت الاحتفالات الصاخبة، تجنباً لأي موقف حرج. وعلى رغم الفوز الذي أحرزه المنتخب البرازيلي يوم الأحد الماضي لا يعتقد المحللون السياسيون أنه سيكون له أي أثر في رفع شعبية الرئيسة التي تهاوت نسب الرضى عنها في الأيام الأخيرة بعد اندلاع الاحتجاجات الكبرى، حيث انخفضت معدلات شعبيتها في الأسابيع القليلة الماضية من 57 نقطة من المئة إلى 30 نقطة، وهي نسبة قياسية لم تصلها ديلما روسيف منذ توليها الرئاسة. هذا فضلًا عن انحدار واضح في معدلات شعبية حكام الولايات وعمد المدن الرئيسية التي اجتاحتها المظاهرات. وفي محاولة منها لتهدئة المحتجين، ونزع فتيل التوتر تعهدت روسيف في خطاب لها بإصلاحات جوهرية في النظام السياسي والاهتمام أكثر بالخدمات، مثل الصحة والتعليم التي يشتكي الناس من تدهورها. ولكن مع ذلك من السابق لأوانه القول إن تدخلها سيكون له أثر إيجابي على شعبية حكومتها. وعلى رغم حالة الفرحة والابتهاج التي تعم البرازيل بفضل الأداء الجيد للفريق وفوزه بلقب بطولة كأس القارات لكرة القدم، إلا أن عمر الانتصار يبقى قصيراً وسرعان ما تستفيق جموع المشجعين من نشوة النصر لتواجه المشاكل اليومية التي يتعين على الحكومة إيجاد حل لها قبل عودة الاحتجاجات إلى زخمها السابق. وكانت الاحتجاجات قد انطلقت قبل أسابيع بسبب ارتفاع تعرفة النقل التي فرضتها السلطات في بعض المدن الكبرى، ولكنها سرعان ما امتدت إلى مناطق متعدد لتعكس استياء عاماً لدى البرازيليين يتجاوز أسعار ركوب الحافلات، فعلى رغم الإنجازات الاقتصادية التي تحققت في العقد الأخيرة وخروج الملايين من البرازيليين من وطأة الفقر، فقد ظلت الخدمات متدهورة في مجالي الصحة والتعليم. وفي الوقت الذي يشاهد فيه البرازيليون اهتماماً كبيراً توليه الحكومة للمناسبات الرياضية الضخمة والأموال الطائلة التي تنفقها على بناء الملاعب المجهزة والتي تصل حسب بعض التقديرات إلى 3,5 مليار دولار، فإنهم يقفون أيضاً على مظاهر العجز الحكومي المتمثلة في تأخير مشاريع المترو بالمدن، وعدم إفراد خطوط طرق خاصة بالحافلات، هذا ناهيك عن تحكم شبكة من أصحاب النفوذ وسيطرتهم على الصفات العمومية وتفشي الفساد، والأكثر من ذلك التعامل الخشن لرجال الشرطة الذين لا يأبهون للبسطاء من المواطنين، كل ذلك يقول المحللون سرع من انفجار موجة الاحتجاجات والمشاركة الكثيفة لشرائح واسعة تمثل الطبقة الوسطى في المجتمع. ينشر بترتيب خاص مع خدمة “كريسيتيان سيانس مونيتور”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©