الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاختيار

2 أكتوبر 2010 20:47
الاختيار من الأمور التي يصعب على بعض الناس فهمها أو حتى هضمها، بل هناك من يسيء معناها ويخرج عن نطاق الحكمة وحسن التصرف إلى سوء التفكير وجهالة ردة الفعل، فهذا اختياره هو وليس للموقف الذي هو فيه دخل. فموضوع الاختيار ليظهر الطبيعة البشرية للإنسان في قدرته على التكيف مع الأحوال والأوضاع والمواقف والأحداث والناس والمجتمعات وغيرها، ويتماشى مع البدائل المحيطة به والمتاحة له والتي في أضيق حالاتها تكون «الحالة الذهنية» وذلك من خلال التكيف مع الوضع الذي هو فيه فكرياً. فالشخص المغترب في بلاد ما اختار الاغتراب ليحقق شيئاً من الأهداف التي تسعده أو تسعد عائلته أو من يعول. كم سمعنا وتعايشنا مع نماذج من هؤلاء اختاروا الوظيفة المعروضة أو المتاحة مثل عامل نظافة في مطعم ما في دولة أجنبية وكانت أعينهم تتطلع وتختار المستقبل الذي يريدونه في المجال الوظيفي أو العلمي. إنه الاختيار الذي يجعلنا نخرج من نفق الشعور بالظلم والإجبار إلى التمعن بالعقل والتدبير والتطلع للأمور من زوايا عديدة ومفيدة لنا. فأحد الأصدقاء ضرب لي مثالاً يبين فيه أن الاختيار ليس اختياره، فقلت له: «إذا كلفك مديرُك بمهمة معينة وقال لك -على سبيل المثال-: «نفذ هذا وإلا ياويلك»، فماذا ستفعل؟، فكر هذا الصديق وقال: طبعاً سأفكر أولاً بعاقبة كلمة «ياويلك»، فقلت له: أحسنت فقد فعلت التفكير هنا ولم تفعل المشاعر. ثم سألته: «فإذا اخترت أن تنفذ ما طلبه منك، فهل تنفذه وأنت غضبان متهكم أم تنفذه وأنت في حالة من الإيجابية كأن تكون مبتسماً؟» ثم قلت له: «أنت من يختار أن يكون في حالة من الضغط النفسي أو في حالة من الهدوء والاستمتاع». فهناك من ينظر للموضوع على أنه ضغط وإجبار وهناك من ينظر إلى فوائده التي قد لا يراها في تلك اللحظة، كما نفعل مع أبنائنا، فهم يشعرون أننا نجبرهم ونتحكم في حياتهم مع أننا نريد لهم الخير، فمن أدرك ذلك ارتاحت نفسه وحمد الله على ما هو عليه. إن الاختيار واضح في كثير من أمور حياتنا، فقوم موسى عليه السلام اختاروا نوعية طعامهم حيث استبدلوا نعمة المن والسلوى بما هو أدنى، قال تعالى: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ). وهناك غيرهم الكثير ممن يختارون بين الصواب والخطأ كما يفعل بعض الطلبة عندما يختارون التوقف عن الدراسة والبحث عن العمل، فمنهم من يفعل ذلك مضطراً لأسباب ما، ومنهم من يفعل ذلك لأمور ليس لها أسباب مقنعة لذويهم، وفي الأخير الكل اختار لنفسه ما يناسبه وفقاً لظنه. وللحديث صلة. dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©