السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

هنادي جليل: فيلم «الطارق» قصيدة اختزلت حياة شاعر

هنادي جليل: فيلم «الطارق» قصيدة اختزلت حياة شاعر
21 يوليو 2014 00:45
محمد عبد السميع(الشارقة)هنادي جليل شاعرة ومخرجة حجزت لها مقعداً في قلوب محبي الشعر بسبب أسلوبها الخاص في الإلقاء، حيث تجعلك تحلق معها في فضاءات الأماكن والأوقات التي نثرتها درر حروفها بكل العفوية. وهي أيضاً مخرجة وتحلم بأن يكون لها دورها الإبداعي الفعال في نهضة السينما العراقية. قامت بإخراج الفيلم الوثائقي «الطارق» وهو عن الدقائق الأخيرة من حياة الشاعر العراقي الكبير محمود البريكان الذي اغتيل في البصرة. والشاعرة تدرك جيدا أن الفن السابع عمل جماعي يضم فريقاً كبيراً منسجماً ومتكاملًا، وهي تؤمن بأن النجاح دائما مرتبط بالتحدي. في لقاء مع الشاعرة، تحدثت عن تجربتها السينمائية فأوضحت أن فيلم «الطارق» يقدم رؤية شعرية في السيناريو والإخراج، بعرض نماذج وعلامات وتلميحات مستمدة من تاريخ وواقع العراق الحالي، من كل هذه المفردات استطعنا أن نقدم قصيدة جميلة متميزة اختزلت حياة شاعر بفنية عالية في دقائقه الأخيرة المتبقية له مع هذا العالم قبل اغتياله شهيداً. وأرسلنا رسالة للعالم عن مشكلة محلية، مفادها أن الشعراء في البلدان الأخرى يمنحون جوائز نوبل ويكرمون ويحتفى بهم، ويرفع الستار عن تماثيل لهم، أما في بلادنا فيقتلون لأسباب غامضة ومجهولة. وعن استخدام الصورة الأرشيفية في الفيلم ودلالاتها تقول: الفيلم الوثائقي دائماً ما يسعى إلى توثيق الواقع من خلال البحث في الزمان والمكان، وفي الذاكرة الشخصية للإنسان وكنت حريصة على أن ينعكس هذا الأمر في الفيلم، سمعنا الشعر (قصائد هامسة للشاعر القتيل) رأينا لوحتين (الفنار وبيت حارسه من جهة اليابسة مرة، وأخرى من جهة البحر حيث ترسو السفينة وهذا له دلالة واضحة في شعرية الشاعر العراقي). اللوحتان للرسام العالمي إدوارد هوبر الذي كان يوصف بشاعر العزلة، وقد كان يحبه الشاعر نفسه، لاحظنا صورة للشاعر الإسباني الذي اغتيل في الحرب الأهلية الإسبانية) كما اغتيل شاعرنا العراقي في الظروف نفسها، وفهمنا دلالتها ومعناها، سمعنا موسيقى لموزارت هي (قداس جنائزي للقتلى) رأينا تمثالين أحدهما برونزي وآخر من حجر أسود لمؤرخ عراقي شهد ما جرى ويجري في بلادنا، وأرّخ لتاريخنا وتاريخ العراق وكان شاهداً حيّاً على ما حصل، رأينا المرايا التي تغوص فيها ذات الشاعر وأنتيكاته، كرامافون، ونحاسيات وقناديل، وفانوس ينير عتمته، رأينا مكتبة وكتباً متناثرة هناك وهناك، وعلامات وتلويحات مع ممثل موهوب كأسعد عبد المجيد. حاولت أن أتابع بعض الخيوط داخل الفيلم وربطهم وتحريكهم مع بعض، أتمنى أن أكون نجحت في هذه اللغة وفي إدارة المحتوى. وعن العلاقة بين الشعر والإخراج السينمائي تقول: يقيني بصلة الفنون بعضها ببعض، وضرورة تأثر كل فن بالفنون الأخرى، لأني أؤمن بحتمية التأثر والتأثير الذي تتبادله فنون هذا العصر. إن الأدب بشكل عام والقصيدة خاصة محور لبقية الفنون. نقطة جذب واتصال. إيقاع المفردات والتعبيرات يتسلل إلى الأذن، فيحمل طبيعة الموسيقا، ويطالع العين، فيحمل طبيعة الفن. وقد استطاعت القصيدة أن تستوعب الإبداعات الأخرى. فالشعر يرسم صورة لعالم أو فكرة يكتشفها الشاعر، والإخراج معني بتفسير وتأويل وخلق صورة قابلة للتفكير لدى المتلقي. وعلى المخرج أن يضع كل شيء من محتوى الصورة التي رسمها الشاعر في مكانها. وعن رؤيتها لدور الفن في الحياة، وأهمية التفاعل بين الإنسان والمكان، تقول: الفن يقربنا من الحياة الحقيقية ويجعلنا نفهمها ونتفاعل معها بإيجابية وموضوعية. وحتى يحقق الفن دوره ومصداقيته لابد أن يكون نابعاً من واقعنا الاجتماعي معبراً عن قضايانا وبيئتنا وهويتنا، يرافق المشاهد بالإحساس. وهذا ما حاولت أن يكون ضمن مفردات فيلم «الطارق» فركزت على الأماكن وما تحمله من ذكريات، وصور وأغان وموسيقى لها صدى ومكانة وعلامة في ذاكرة الوطن والمشاهد. وتتحدث هنادي جليل عن تجربتها الشعرية، وخصوصا مع قصيدة النثر، فتقول: على الرغم من محدودية تجربتي الشعرية والأدبية، أحاول في قصائدي الانفتاح الكامل على الأفق الشعري، وتوظيف المفردة بشكل دقيق، مع جمالية التصوير. الأهم هو التقاط الفكرة، ثم تأتي مرحلة مزج وضبط مقادير المفردات في قالب تلك الفكرة. أما قصيد النثر فهي مرحلة متقدمة عن باقي أنواع الشعر، استطاعت أن تمزج بين روح الشعر وروح النثر في نصٍ واحد، وهي تملك طبيعة توفيقية تراقب المعاني وقدرة على استيعاب فضاء النص لواقع المعاني. أيضاً اللغة الوصفية هي ميزة مهمة في قصيدة النثر ولها تأثيرات في التلقي تغاير طبيعة التلقي في القصيدة العمودية إلى حد ما، ففي قصيدة النثر هناك منطق حيوي للغة الوصفية، وانفتاح الرؤية إزاء الوجود والظواهر، وهناك سمة أخرى في قصيدة النثر هي انعتاق الحس داخل زمن وفضاء القصيدة. وتصف تجربتها في مجموعة «الحياة في عطلتها»، فتقول: هذه المجموعة هي نصوص تقترب من الشعر في هيكل قصيدة نثر، وكلها مشغولة بالكشف ورصد الذات التي هي مرآة للآخر الجمعي، خيباته، آماله، أفراحه، قضاياه. فيها توليفة موسيقية بين العناوين والرؤيا، متضمنة البنية الشفاهية من خلال العلاقة الزمكانية ما بين أنا المتكلم وأنت المخاطب. تقترب من الإنساني وتجسده، وتعكس خيارات الإنسان ووعيه ومسؤوليته. من هنا لا بد من الاقتراب من «الحياة في عطلتها» بهذا الحس حتى يتحقق للقارئ التماس مع كلماتي في لغتي وإحساسي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©