الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

المعارف العلمية المتطورة تركت بصمتها على الشعر العربي في العصر العباسي

19 يناير 2012
بيروت (رويترز) - يرى الباحث الأكاديمي فواز أحمد طوقان في كتاب قيم وضخم له، أن المعارف العلمية في الفلك والتنجيم كانت مطروقة في الشعر القديم، إلا أن التطور في العصر العباسي كان الأكثر جلاء في المجتمع. وقال الدكتور طوقان الأستاذ الجامعي والشاعر والوزير السابق في حكومة الأردن في خلاصة لبحثه الطويل المعمق: “تبين لأهل ذاك العصر سرعة انعكاس الحياة الجديدة في الشعر. وبالرغم من أن المعارف العلمية في الفلك وشقيقها التنجيم كانا مطروقين في الشعر القديم، إلا أن التطور العظيم في هذا العلم كان الأكثر جلاء في المجتمع”، ويضيف: “أجل لقد عرفت اللغة العربية منذ بواكير النصوص التي وصلتنا عن معالم القبة الزرقاء، وأبلغ دليل على ذلك هذه المفردات الفلكية وأسماء الأجرام السماوية العربية الأصيلة التي زخر بها الشعر والأسجاع منذ الجاهلية. إلا أن التطور العلمي واسع الخطوات والتقدم النوعي في معارف الإنسان من علم النجوم والكواكب والشهب والأفلاك والبروج لقيا استجابة لدى الشعراء”. وقد ورد ذلك في كتاب طوقان الذي جاء في جزءين، وحمل عنوان “صورة الفلك والتنجيم في الشعر العباسي”، وصدر الكتاب عن دار الفارابي في بيروت في 1107 صفحات كبيرة القطع. ويقول طوقان، إن السؤال عن مدى “تطويع المعرفة الفلكية والتنجيمية في التصوير الشعري” يغدو “سؤالاً مشروعاً”. وتابع يقول: “ومن هنا، كانت هذه الدراسة الموسعة في شعر العصر العباسي الممتد، ويعضد مشروعية السؤال إن إلمام العامة والخاصة بعلم الفلك وصناعة التنجيم كان واسع الانتشار وعميق الغور. فإلى أي مدى كان انعكاس ذلك في نتاج الشعراء؟ يجب التوكيد بدءاً أن المعرفة الفلكية والتنجيمية في العصر العباسي نفذت في فنون الشعر جميعاً: المدح والفخر والرثاء والهجاء والغزل والوصف. كما أن مفردات اللغة المتعلقة بهذه المعرفة من الناحية الفنية، بالإضافة إلى أن أسماء الأجرام السماوية وجدت طريقها بيسر إلى الصورة الشعرية في هذا العصر”. ورأى أن اشتغال الشاعر بإدخال المفردة الفلكية أو اسم الجرم السماوي كان “ضرباً من التعالي المعرفي أمام متلقي شعره... ورأينا الشاعر يستخدم المفردة الفلكية أو اسم الجرم السماوي ليوحي لمتلقي شعره بأن وراء هذا اللفظ خصائص فلكية مهمة ذات أخيلة شعرية يعرفها الشاعر حق المعرفة، ويجب أن يكون المتلقي على علم بها”. فإذا عمد إلى استخدام المريخ كان يوحي إلى المتلقي بأن الصورة الشعرية تتجه نحو الحرب والبطش والقسوة من جهة أو إلى سوء الطالع والنحوسة والخيبة. وإذا تناول الفرقد والسها والعيوق، فإنه يقصد تصوير العلو والرفعة واستحالة إدراك المطلوب”. وأعلن أنه تبين له “أن من تناول مفردات الفلك ذات الدلالة العامة كالكوكب والنجم والشهاب ومن بينها الشمس والقمر في حالتي التعريف والتنكير يختلف عنه في تناوله المفردات ذات الدلالة الفلكية الخاصة”، وقال: “وبينت الإحصاءات العديدة أن المفردات الخاصة بالفلك والتنجيم وأسماء الأجرام السماوية وصور الكواكب الثمانية والأربعين والبروج الاثني عشر وأسماء الكويكبات، كان استخدامها في الشعر قليلاً بالمقارنة بأسماء الكواكب الخمسة السيارة المتحيرة (زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد) وأسماء بعض منازل القمر كالثريا والسعود الأربعة، بالإضافة إلى بعض الأجرام كسهيل والعيوق والفرقد والشعرى والجوزاء”. وقال إن النسبة عند أبي نواس كانت 403 مفردات عامة إلى 90 مفردة خاصة، وعلم فلكي وعند أبي تمام 237 إلى 44، وعند المتنبي 215 إلى 29، بينما هي 685 إلى 113 عند ابن الرومي، وهي أعلى نسبة بين شعراء ذلك العصر. وقال “بلغ مجموع هذه الكواكب الأكثر استخداماً عند أبي نواس 43 اسماً، بينما المسميات الأخرى 20، وعند أبي تمام 23 و19، وعند البحتري 44 و16، وعند ابن المعتز 7 و9، وعند ابن الرومي 82 و16، وعند المتنبي 24 و4. ونستدل من هذه الملاحظة أن تناول الشعراء للاعلام الفلكية كان محدوداً بشكل عام، وانحصر أغلبه في عدد قليل من أسماء الأجرام السماوية وغيرها من الاعلام الفلكية كأسماء الصور والبروج”. وأضاف “واستفدنا من تناول شاعرين مكفوفين لموضوع الفلك في شعرهما، أن دقة الوصف وبراعة استخدام المفردة الفلكية في موضوعها المناسب وبالذات عند المعري جاءا من الرصيد اللغوي للشاعرين المكفوفين. وانه لمن نافلة القول تأكيد أن هذه المعرفة جاءتهما من معجم اللغة، ومن الحصيلة الثقافية المختزنة من العلوم النقلية، وليس من دراسة الطبيعة بالتجربة والحس والمعاينة”، ويضيف: “ولعل هذا الاستنتاج يمكن أن يعمم على أكثر من شاعر تناولنا نتاجهم في هذه الدراسة. وأشاد في الختام بشاعرين “كانا مجيدين في استخدام المفردات الفلكية وأسماء الأجرام السماوية”، وهما البحتري وابن الرومي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©