الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فرنسا: استعدادات أمنية لهجمات إرهابية

2 أكتوبر 2010 22:19
لدى ملاحظة وجود أمتعة مجهولة مهملة في إحدى محطات مترو باريس المزدحمة، يوم الاثنين الماضي، سارعت قوات الشرطة إلى تغيير خطوط سير القطارات من تلك المحطة وأمرت آلاف الركاب بمغادرتها على الفور والخروج إلى الشوارع. وفي الوقت نفسه استنفرت الشرطة مجموعة من خبراء المتفجرات للبحث عن قنبلة محتملة في الأمتعة المهملة. وبعد نصف ساعة تقريباً قرر الخبراء خلو الأمتعة من أي متفجرات أو قنبلة. وعليه فقد عادت القطارات والركاب إلى المحطة، وأعيد فتح الخط الحديدي المار بها مجدداً، بينما تنفست سلطات مكافحة الإرهاب بالعاصمة باريس الصعداء عند سماعها ذلك النبأ السار. صحيح أن تلك الإجراءات الأمنية الاحتياطية لم تدم طويلاً، غير أنها بعثت برسالة واضحة جداً مفادها أن فرنسا تقف على قدم واحدة الآن، توقعاً لهجمات إرهابية محتملة. ففي هذا البلد الذي كثيراً ما يتندر أهله بالإجراءات الأمنية الاحتياطية التي ظلت تتخذها أجهزة الأمن الأميركية منذ وقوع هجمات 11 سبتمبر وإلى اليوم، مضت حكومة ساركوزي شوطاً بعيداً في تحذيراتها المتكررة من خطط تهدف إلى شن هجمات إرهابية على فرنسا. ومما زاد درجات القلق، اختطاف خمسة مواطنين فرنسيين في الخامس عشر من سبتمبر الماضي، إضافة إلى اثنين من زملائهم الأفارقة في منجم لليورانيوم، تتولى فرنسا مهمة تشغيله في جمهورية النيجر الواقعة غرب إفريقيا. وأعلن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" مسؤوليته عن اختطاف الضحايا المذكورين. ويجدر بالذكر أن هذا التنظيم يتألف من مئات العناصر المتطرفة، وأن أفراده ومقاتليه أقسموا بالولاء لزعيم التنظيم الرئيسي "أسامة بن لادن"، وأنه ظل يوسع تحركاته خلال العقد الماضي في صحاري النيجر وموريتانيا ومالي والجزائر، بحثاً عن غنائم وعمليات ينفذها في تلك المناطق النائية. وعبر لقاءين صحفيين أجريا معه، حذر برنارد سكوارسني -مدير الإدارة المركزية للمخابرات الداخلية- من ارتفاع احتمالات توجيه ضربة إرهابية جديدة إلى فرنسا بصفة خاصة. وأكد أن كل المؤشرات تؤكد ارتفاع درجات الخطر هذه. ومن جانبها صرحت وزارة الداخلية الفرنسية بأن إحدى وكالات الاستخبارات الأجنبية نشرت تقريراً تحذيرياً مفصلاً وشاملاً عن التهديدات الإرهابية التي تستهدف فرنسا على وجه الخصوص. وذكر التقرير أن امرأة سمعت وهي تتحدث عن مخطط لتنفيذ هجمة انتحارية على باريس. ورغم القرار الذي اتخذته السلطات الأمنية فيما بعد باستبعاد صحة المعلومات الواردة في التقرير المذكور، قائلة إنه لا يمكن التعويل عليها، فإنها حافظت على ارتفاع مستوى الاستعداد الأمني. ويشمل هذا الاستعداد زيادة دوريات الجنود المزودين بالأسلحة الأوتوماتيكية في المطارات ومحطات القطارات والمواقع السياحية، خاصة برج إيفل الذي يتجه نحوه آلاف السياح يومياً. كذلك كثرت مشاهدة السيارات العسكرية وهي تجوب وسط العاصمة وقد وضعت عليها علامة "مكافحة الخطر الإرهابي" على جانبيها، وكأنها إعلان عن مدى استعداد باريس لمواجهة هذا الخطر. ويذكر أن آخر هجمات إرهابية شهدتها فرنسا، كانت في شهر ديسمبر 1996، وقد سقط ضحيتها أربعة قتلى بينما أصيب نحو 170 شخصاً جراء انفجار قنبلة في إحدى محطات المترو القريبة من حدائق لوكمسبرج. غير أن سكوارسني أكد أن قوات الشرطة ظلت تكشف عن خطط إرهابية على الأقل كل عام، بما في ذلك خطة استهدفت تفجير مقر إدارة المخابرات الداخلية الواقع بإحدى ضواحي العاصمة. ولم يُكشف بعد عن الأسباب التي تبرر تزايد احتمالات تعرض فرنسا لهجمات إرهابية، أو استهدافها من قبل الإرهابيين، بل ربما تكون هذه الأسباب مجهولة إلى الآن. بيد أن أحد الأسباب المحتملة لتزايد هذا الخطر، تقارب مواقف وسياسات حكومة ساركوزي مع واشنطن، بزيادة عدد أفراد قوتها في أفغانستان، وتوسيع دورها القتالي هناك. وفوق ذلك، فمنذ تولي ساركوزي مهامه الرئاسية في عام 2007، عرف بموالاته لإسرائيل، ومؤخراً أصدرت حكومته تشريعاً يحرم المهاجرات المسلمات من ارتداء الحجاب في الأماكن العامة. أما السبب الأكثر مباشرة وراء ارتفاع التهديدات الإرهابية ضد فرنسا، فربما يكون له صلة بمصالح فرنسا الاقتصادية السياسية القوية في منطقتي غرب وشمال إفريقيا. ومن أجل حماية هذه المصالح، كثفت باريس تعاونها مع حكومات دول المنطقتين لاستئصال فروع تنظيم "القاعدة" الناشطة هناك. ويجدر بالذكر أن هذا التنظيم الإقليمي، كان قد نشأ سراً في الجزائر بزعامة عبدالمالك دروكدال، لكنه أصبح الآن يستقطب مقاتلين وناشطين في صفوفه من مختلف دول المنطقة. وفيما يتعلق بمصير الفرنسيين الخمسة المختطفين، قال وزير الدفاع "هيرف مورين"، يوم الاثنين الماضي، إن للحكومة من الأسباب ما يجعلها تعتقد أن المواطنين الخمسة قد أخذوا إلى مالي وأنهم لا يزالون أحياءً. ولا تزال باريس بانتظار قائمة المطالب المتوقعة من الخاطفين، حتى يبدأ التفاوض معهم لإطلاق سراح الضحايا. وفي هذا الصدد ذكر ضابط بالجيش المالي، له خبرة سابقة في التفاوض مع تنظيم "القاعدة" للإفراج عن المختطفين، قال لوكالة الأنباء الفرنسية إنه شاهد المختطفين أحياءً يوم الأحد الماضي، في منطقة نائية بمالي. ويعتقد المسؤولون الحكوميون الفرنسيون أن المختطفين السبعة لا يزالون محتجزين في منطقة ما قريبة من جبال إفوجاس المتاخمة للحدود المشتركة بين مالي والنيجر. ويرجح المسؤولون الفرنسيون أن تكون تلك المنطقة معقلاً لأحد زعماء التنظيم هو عبد الحميد أبو زيد، والمعروف أيضاً باسم عبد حمادو. وكان هذا الزعيم قد تعهد بالثأر عقب إصدار ساركوزي أمراً بمشاركة قوات الكوماندوز الفرنسية مع القوات الخاصة الموريتانية في هجوم على معسكر تابع لتنظيمه في شهر يوليو الماضي. إدوارد كودي - باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©